1

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات ثقافية
بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون
عدد المقالات : 87
د.أمل الأسدي
(أحياءٌ) كلمةٌ مُحمَّلةٌ بالفاعلية والاستمرار، وهي تقابل (الأموات) وكأنها وردت لتنسف تخوف الإنسان من الموت، وتزيل ذلك التهيّب  من ذكره، تبدد رائحته  التي تباغتك حتی وأنت تتحدث عنه  وقد نهانا الله تعالی أن ننعت الشهداء الذين مضوا في سبيله بأنهم أموات
وألزمنا  بحياتهم حين قال:((وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ )) سورة البقرة،الآية: ١٥٤
هكذا جاء السياق ناهيا( لاتقولوا)
لمن  يارب لمن يُقتل
أي أنهم أحياء، ونحن نحاورهم،فلم يرد السياق مثلا: لاتقولوا عن الذين قُتلوا في سبيل الله
بل ورد بهذه الصيغة: لا تقولوا لمن يُقتل
وكأن هذه اللام اللصيقة بـالاسم الموصول (مَن) وقربها منه، هي عينها المسافة بيننا وبين الشهداء في هذه الحياة
وكذلك  استعمال الاسم الموصول(من) الذي أضاف نوعا من السعة والشمول لجميع الشهداء، من عصر النص إلی عصرنا، ثم مجيء الفعل (يُقتل) المبني للمجهول،  عضّد معنی الشمول والسعة، وأضاف إليهما تصورا عن  تعدد طرق التضحية وتغير وسائلها بحسب الزمان والمكان والقضايا، وكذلك يعطينا معنی آخر، وهو أن التركيز هنا علی المقتول(الشهيد) وليس علی القاتل وهذا فيه تسلية لذوي الشهيد من جهة، وضمان من الله بأنه  هو ولي الدم، وهو المنتقم من جهة أخری؛لهذا بُني الفعل للمجهول، فهو مجهول بالنسبة إلينا، وهيّن ومُحَاط به عند الله تعالی
فالله هو الضامن لحق الشهيد الذي مضی في سبيله، وهو حي،وقد أثبت السياق لهم الحياة باستعماله( بل) وكأنها  جاءت كمطرقةٍ لتعدّل ما صدر من المتكلم  الذي ينعت الشهداء بالأموات فتخيل قوة الضدية بين(أمواتٌ، أحياءٌ) وكأنها نسقٌ يركض بك سريعا ليصحح ويعبد الطريق، فحذف المبتدأ(هم) وأبقی الخبر(أمواتٌ)، وقلب الصورة التي فرضها الناس (المتكلمون) من الموت الی الحياة، بسرعةٍ وقوة، وحذف المبتدأ(هم) وأبقی الخبر(أحياء)
ولاحظ المد المتصل في كلمة (أحيااااااء)  وكأنه مدٌّ في حياتهم، أو إعلان حياة ممتدة فلا سبيل للسامع  أن يتصور أنهم أموات بعد إعلان حياتهم(أحيااااااء)
وحياتم ثابتة بثبات الجمل الاسمية، ولكن لا تشعرون وقد جسد الفعل المضارع(تشعرون) استمرارية عدم شعورنا  بحياتهم، تلك الحياة التي يحفظها الله عنا وعن الدنيا، فهي حياة علوية، لا إحباط فيها ولا انزلاق ولا تغير فهم يرون مانراه، ويرون ما لانراه
إن حياة الشهداء  مصدرٌ للأمان، للأنس، فالموت يوحش أغلب البشر، وهولاء الشهداء السعداء، مصدر أمان؛لأنهم أحياءٌ بأمر الحي القيوم
ثم تعالوا معي لنستذكر موقف ذلك الشاب العلوي الذي ضحی بنفسه في سبيل الله، إنه القاسم بن موسی بن جعفر(عليه السلام) حين  هاجر فداء للإمام الرضا، وكان يبحث عن الأمان، ترُی أي البقاع ستكون له مصدر الأمان وماهو الأمان الذي ينتظره
وحين دخل قرية( باخمری) في الحلة  في العراق، سمع حوار فتاتينِ قرب الغدير، فقالت إحداهما مقسمة: لا وحق صاحب بيعة الغدير
فكان هذا القسم مفتاح الأمان للقاسم،فهذا البلد يحب الإمام علي ويواليه، وأهله من شيعة علي بن أبي طالب،إذن هو الأمان فحب محمد وآل محمد هو أمان ورعاية إلهية
وهكذا  أيها القارئ، تخيل أنك تبحث عن الأمان،عن الحياة التي تناقض الموت أين ستجد ذلك
ستجده هنا، في العراق الذي جاد بهذه الأرواح،استبدل حياتهم الدنيوية بأخری  علوية
استبدل الخوف والقلق بالأمان فأنت حين تقطع شارع القناة، تكاد تشعر بحياتهم، فوجوههم ترحب بك وتشع أمانا، وابتساماتهم طازجة، وأحلامهم محلقة حول صورهم وكأنهم يصافحونك وأحدا تلو الآخر، ومصافحتهم هذه، تشبه قسم تلك الفتاة، ابنة شيخ باخمری  وبما أنهم  مضوا من أجل كلمة الحق، وحركهم في ذلك إيمان راسخ، بصاحب  بيعة الغدير، وملح راسٍ في دمائهم من هذه الأرض الطيبة، فهم مصدر أمانٍ للساكنين والقادمين، من لحظة استشهادهم الی ما لا نهاية  وهذه ليست أمنية أو استنتاج،هذا  قانون إلهي ، ثبته النص القرآني، فهم أحياء، ونحن لا نشعر بهم
ولكن صدقوني في شارع القناة، تكاد تشعر بهم
حيث هذه الصور التي تصافحك وتجود عليك بالأمان، ولاسيما في أيام عاشوراء، تشعر أنهم يحملون هذه الرايات الحسينية، وأنهم علی أهبة الاستعداد للخدمة الحسينية صحيح، أنهم  شهداء وقد ضمن الله لهم الحياة الأبدية، ولكنهم يحنون لتلك الخدمة، يحنون لرؤية دموع الزائرين، يحنون لرؤية الملايين الذين يحجون  إلی كربلاء
وكأنهم يقولون لنا:  في هذه النقطة فقط، نتمنی  أن نكون مثلكم نتمنی أن نبقی علی قيد الخدمة الحسينية
وكأن الله لبی لهم، وحقق أمنيتهم، وجعلهم مصدر أمانٍ لزائري الإمام الحسين(ع)من كل بقاع العالم.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ساعات
2025/10/29م
د.أمل الأسدي (أحياءٌ) كلمةٌ مُحمَّلةٌ بالفاعلية والاستمرار، وهي تقابل (الأموات) وكأنها وردت لتنسف تخوف الإنسان من الموت، وتزيل ذلك التهيّب  من ذكره، تبدد رائحته  التي تباغتك حتی وأنت تتحدث عنه  وقد نهانا الله تعالی أن ننعت الشهداء الذين مضوا في سبيله بأنهم أموات وألزمنا  بحياتهم حين قال:((وَلَا... المزيد
عدد المقالات : 87
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ساعات
2025/10/29م
مسلسل (ليلة سقوط) صورة مغلوطة عن الواقع بقلم مجاهد منعثر منشد صرح دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي- أثناء غزو العراق وتدميره- بأن المعركة بعد غزو العراق واحتلاله هي معركة العقل والوجدان والصورة. نعم نقل الصورة الزائفة في عرض مسلسل (ليلة سقوط) الذي مثله نخبة من النجوم العرب والعراقيين المنحدر... المزيد
عدد المقالات : 382
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/10/26م
لا أدري كيف نشأ لدي هذا التصور، أو من صوّر لي هذا الأمر منذ الطفولة كنت أتصور أن يوم" فرحة الزهراء"يوم مرتبط بالمختار الثقفي،وحين كانت أمي تزيح السواد وتغيره، وترفع الرايات عن مكانها، وتعيد ترتيب الأثاث كما كان قبل المجالس الحسينية، وذلك في يوم التاسع من ربيع الأول، كنت أظن أن هذا اليوم هو اليوم... المزيد
عدد المقالات : 87
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/10/26م
الدستور العراقي: قراءة تحليلية في عدد مواده قبل وبعد التصويت عليه الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 24/10/2025 تمهيد انطلاقًا من الاهتمام الأكاديمي بالشأن العام، ومن موقع المتابعة التحليلية للمسار السياسي والدستوري في العراق على مدى عقود، تأتي هذه الدراسة بوصفها محاولة لتشخيص الخلل البنيوي الذي... المزيد
عدد المقالات : 86
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ساعات
2025/10/29م
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها شاهقٌ، وعينيها بلا جفون في تلكَ الحجرةِ كان الطُهرُ يحمل الطُهرَ رسول الله يضع الحسين في حجره، وكل الملائكةِ يتنعمون برؤية هذا المشهد كيف لا فهما إجابة الله عليهم حين استفهموا علی خلق آدم ليتكم تشاهدون نحيبَ الرسول حينَ... المزيد
عدد المقالات : 87
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 61
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 61
علمية
هل خطر في بالك يومًا أننا نعيش داخل مجرة هائلة دون أن نراها بالكامل نحن، الأرض والشمس وكل الكواكب التي نعرفها، لسنا سوى جزء صغير من منظومة ضخمة تُسمى درب التبانة، تمتد لأكثر من 100 ألف سنة ضوئية وتضم مئات المليارات من النجوم والكواكب والسحب الغازية.... المزيد
يعتبر النجم نشأت اكرم من اهم اكتشافات عموبابا حيث لعب موسم 1998-1999 مع نادي صلاح الدين الذي كان يدربه عموبابا وقدم موسم مبهر رغم صغر سنه بعدها قام الاتحاد بتسمية عموبابا مدربا لمنتخب الناشئين عام 2000 فاول شيء فعله عموبابا قيامه باستدعاء نشات اكرم... المزيد
هل تساءلت يومًا كيف يمكن لقمر صناعي يطفو في فراغ الفضاء، بعيدًا عن أي محطة توليد كهرباء أو شبكة طاقة أرضية، أن يستمر في العمل لسنوات وربما عقود دون أن يتوقف عن إرسال بياناته أو بث إشاراته إذا اقتربنا من الإجابة سنكتشف أن السر يكمن في مصدر يبدو... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
علماء السنة يقولون ما أخذنا العطاء حتى...
عبد العباس الجياشي
2024/12/20م     
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/09/29
صدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتاباً توثيقياً حمل عنوان: (تاريخ السدانة في العتبة العباسية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
2025/09/29
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com