سلسلة مفاهيم في الفيزياء (ج82): فيزياء الوجود الكامل: من ميكانيكا الكم إلى التصور الحتمي
الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي
14/12/2025
رغم وجود عدة تجارب يبدو أنها تُظهر صحة ميكانيكا الكم حتى في الحالات التي تنتهك فيها مبرهنة بيل، وبالتالي تُظهر اللامحلية، فإن هذه النتيجة ما تزال غير مقبولة من قبل كثيرين.
فهؤلاء يشككون في أن جميع تلك المحاولات قد تكون صحيحة تمامًا، ويعتمدون في اعتراضهم على حقيقة أن الكواشف المستخدمة في التجارب الحالية لا تزال بعيدة عن الكفاءة الكاملة — إذ تفشل في تسجيل عدد كبير من الأحداث.
وقد تم بالفعل بناء نماذج تأخذ في الاعتبار عامل الكفاءة المنخفض، وتُظهر أنه بالإمكان توافق النماذج المحلية مع البيانات المُلاحظة.
صحيح أن هذه النماذج قد تبدو مصطنعة أو "مدفوعة بالحاجة"، لكن، وحتى تُجرى تجارب أكثر موثوقية، يظل قبولها أو رفضها أقرب إلى مسألة ذوق شخصي منه إلى حسم علمي موضوعي. وربما يكون الميل العام المؤيد لفكرة اللامحلية في الوقت الحاضر متسرعًا بعض الشيء.
لمزيد من التفاصيل، يُرجى الرجوع إلى:
F. Selleri, Quantum Paradoxes and Physical Reality, Kluwer, Dordrecht, 1990.
طريقة بديلة للهروب من الإقرار باللامحلية تعتمد على أن الزمن اللازم لإجراء القياس فعليًا قد يكون في حدود أجزاء من مليون من الثانية فقط، وهو ما يتيح وقتًا كافيًا للإشارات الضوئية للانتقال بين الكاشفين — كما في التجارب المشار إليها سابقًا.
مثل هذه الإشارات يمكن أن تظهر بشكل طبيعي ضمن نموذج بوم إذا تم استبدالها بما يُشبه "جهد كمومي متأخر"، على غرار ما يحدث في الكهرومغناطيسية النسبية.
صحيح أن هذا التعديل سيؤدي إلى بعض الانحراف عن التوافق الكامل مع تنبؤات ميكانيكا الكم — كما تضمنه مبرهنة بيل — لكن ليس من المؤكد بعد ما إذا كانت هذه الانحرافات قابلة للرصد بتجاربنا الحالية.
وتنطبق ملاحظات مشابهة على المحاولات الرامية إلى بناء نماذج انهيار تكون محلية ومتناظرة لورنتزيًا.
انظر:
E.J. Squires, Physics Letters A 178, 22 (1993).
لكن، خلف هذا النقاش التجريبي، يكمن تساؤل أعمق حول طبيعة الزمن والسببية ذاتها.
فجميع هذه المناقشات حول المحلية تفترض ضمنًا أن الكون يتصرف بشكل سببي: أي أن ما يحدث الآن يمكن أن يُسبب تأثيرات لاحقة، وأن من المنطقي افتراض أن ما لم يحدث بعد، لا يمكن أن يُنتج أثرًا.
نفكر دائمًا في العالم بهذه الطريقة:
نرى صورة على التلفاز فنظن أن سببها حدث سابق في الاستوديو.
نعرف الوقت لأننا نظرنا إلى الساعة.
نقرأ عن نتائج مباريات، فنفترض أنها حصلت بالفعل في الماضي.
لكن، هل يمكن أن نرى الكون من منظور مختلف تمامًا؟
ماذا لو كان الكون موجودًا بالكامل دفعة واحدة، في هيئة ساكنة، ونحن — بمجرد تحركنا عبر الزمن — لا "نُنتج" أحداثًا، بل فقط "نكتشف" ما هو موجود سلفًا؟
وفق هذا التصور الحتمي، فإن كل شيء قابل — من حيث المبدأ — للحساب انطلاقًا من شروط ابتدائية.
ولا يتعلق الأمر هنا بقدرتنا العملية على إجراء هذا الحساب، بل بإمكانية أن يكون العالم فعليًا مكتملًا في كل لحظة، حتى وإن لم يكن هناك قانون معروف يربط بدقة بين حالته في لحظة وأخرى.
يتبع في الجزء 83...







وائل الوائلي
منذ 7 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN