النعمة أي الحالة الحسنة وعكسها النقمة الحالة السيئة. وتنعم: تناول ما فيه النعمة وطيب العيش. وإضافة الجنات إلى النعيم، للإشارة إلى أن النعيم ملازم لها لا يفارقها فلا يكون فيها ما يكون في جنات الدنيا من تغير في الأحوال، فهي تارة مثمرة، وتارة ليست كذلك. ومن الأدعية القرآنية "وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ" الشعراء 85 كما قالها ابراهيم عليه السلام وهي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. قيل ان نعيم الآخرة معنوي ومادي وقيل معنوي فقط وهي تفاسير قليلة بهذا المفهوم. ورد ومن بكى من خشية الله أدخله جنات النعيم.
ورد أن المؤمن اذا نزل الى قبره حضرت معه ستة صور من النعيم تمثل الصلاة والصوم والزكاة والحج والبر والولاية. واما ما قيل عن العقرب والحية في القبر فهي ليست كما يتصورها كما في الدنيا. والمقرب في الاية الكريمة "فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ" فهي بسبب اعمال المؤمن والروح والريحان يعني البرزخ وجنة نعيم يعني الاخرة في "فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ" (الواقعة 89). وتظهر اعمال الانسان في الاخرة بشكل يختلف عن الدنيا فالذي يبخل الزكاة والصدقات ستطوق رقابهم باشياء كالسلاسل كما جاء في "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (آل عمران 180)، والحاكم غير العادل مع رعيته تنهشه حيات كالتلال. والصدقة ومساعدة الفقير والصلاة والصوم تتحول الى نور في الاخرة كما في "يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ" (الحديد 12).
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: عن نعيم: قال الله تعالى "يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ" التوبة 21 فالمعنى يبشرهم أي هؤلاء المؤمنين ربهم برحمة منه عظيمة لا يقدر قدرها ورضوان كذلك و جنات لهم فيها في تلك الجنات نعيم مقيم لا يزول ولا ينفد حالكونهم خالدين فيها أبدا لا ينقطع خلودهم بأجل ولا أمد. قوله سبحانه "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" الإنفطار 13. قوله علا شأنه "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" المطففين 22 بيان فيه بعض التفصيل لجلالة قدر الأبرار وعظم منزلتهم عند الله تعالى وغزارة عيشهم في الجنة، وأنهم على كونهم يستهزىء بهم الكفار ويتغامزون بهم ويضحكون منهم سيضحكون منهم وينظرون إلى ما ينالهم من العذاب. قوله تعالى: "إن الأبرار لفي نعيم" النعيم النعمة الكثيرة وفي تنكيره دلالة على فخامة قدره، والمعنى أن الأبرار لفي نعمة كثيرة لا يحيط بها الوصف.
عن التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي: عن نعيم: قال الله تعالى "يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ" التوبة 21 أى يبشرهم ربهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم في الدنيا وعلى لسان الملائكة عند الموت بِرَحْمَةٍ مِنْهُ أى: برحمة واسعة منه سبحانه وبرضائه التام عنهم، وبجنات عالية لهم فيها نعيم عظيم لا يزول ولا يبيد. خالِدِينَ فِيها أَبَداً أى: ماكثين في تلك الجنات مكثا أبديا. إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ لا يقادر قدره لهؤلاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. قال الآلوسى: ذكر أبو حيان أنه تعالى لما وصف المؤمنين بثلاث صفات الإيمان والهجرة، والجهاد بالنفس والمال، قابلهم على ذلك بالتبشير بثلاث: الرحمة، والرضوان، والجنة. وبدأ سبحانه بالرحمة في مقابلة الإيمان لتوقفها عليه، ولأنها أعم النعم وأسبقها كما أن الإيمان هو السابق. وثنى سبحانه بالرضوان الذي هو نهاية الإحسان في مقابلة الجهاد الذي هو بذل الأنفس والأموال. وثلث بالجنات في مقابلة الهجرة وترك الأوطان، إشارة إلى أنهم لما آثروا تركها في سبيله أعطاهم بدلها دارا عظيمة دائمة وهي الجنات. وفي الحديث الصحيح يقول الله سبحانه: (يا أهل الجنة هل رضيتم فيقولون كيف لا نرضى وقد باعدتنا عن نارك وأدخلتنا جنتك فيقول سبحانه لكم عندي أفضل من ذلك، فيقولون: وما أفضل من ذلك فيقول جل شأنه: أحل لكم رضائى فلا أسخط عليكم بعده أبدا). قوله سبحانه "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" الإنفطار 13 والأبرار: جمع بر بفتح الباء، وهو الإنسان التقى الموفى بعهد الله تعالى. والفجار: جمع فاجر، وهو الإنسان الكثير الفجور، أى: الخروج عن طاعة الله- تعالى-. أى: إن المؤمنين الصادقين الذين وفوا بما عاهدوا الله عليه، لفي نعيم دائم، وهناء مقيم، وإن الفجار الذين نقضوا عهودهم مع الله، وفسقوا عن أمره، لفي نار متأججة بعضها فوق بعض، هؤلاء الفجار الذين شقوا عصا الطاعة يَصْلَوْنَها أى: يدخلون الجحيم ويقاسون حرها يَوْمَ الدِّينِ أى: يوم الجزاء والحساب. قوله علا شأنه "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" المطففين 22 أى: لفي نعيم دائم، لا يحول ولا يزول.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: عن نعيم: قال الله تعالى "يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ" التوبة 21 إنّ اللّه أنعم على المؤمنين والمهاجرون والمجاهدين في سبيله ثلاث مواهب هي: 1- "يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ". 2- "ورِضْوانٍ". 3- "وجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ". قوله سبحانه "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" الإنفطار 13 (الأبرار): جمع (بار) و(بَرّ) على وزن (حق)، بمعنى: المُحسن، و (البرّ) بكسر الراء كلّ عمل صالح. والآية تريد العقائد السليمة، والنيات والأعمال الصالحة. (نعيم): وهي مفرد بمعنى النعمة، ويراد به هنا (الجنّة)، وجاءت بصيغة النكرة لبيان أهمية وعظمة هذه النعمة، التي لا يصل لإدراك حقيقتها إلاّ اللّه سبحانه وتعالى، واختيرت كلمة (نعيم) بصيغة الصفة المشبهة، للتأكيد على بقاء واستمرار هذه النعمة، لأنّ الصفة المشبهة عادة ما تتضمّن ذلك. قوله علا شأنه "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" المطففين 22 (النعيم): هو النعمة الكثيرة ـ على قول الراغب في مفرداته، وجاءت بصيغة نكرة لتعظيم شأنها، أي إنّهم في نعيم مادي ومعنوي لا حَدّ لوصفه.







وائل الوائلي
منذ 1 يوم
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN