من اختص بالعذاب بالحجارة من سجيل
اختص الله تعالى قومين بهذا العذاب قوم لوط وأصحاب الفيل، لم أجد في آيات الذكر الحكيم ذكر لكلمة سجين الا في فاتن الحادثتين.
ان قوم لوط بلغوا اعلى منازل الذنوب والمعاصي بارتكابهم الكبائر ان الذنب الواحد طريق للذنوب فكانوا اهل نعمة حتى بخلوا بأضيافهم فجاءهم القحط والغلاء فقال ابليس: إِنَّمَا جَاءَكُمْ اَلْقَحْطُ لِأَنَّكُمْ مَنَعْتُمُ اَلنَّاسَ مِنْ دُورِكُمْ ولَمْ تَمْنَعُوهُمْ مِنْ بَسَاتِينِكُمُ اَلْخَارِجَةِ.
فَقَالُوا: وَ كَيْفَ اَلسَّبِيلُ إِلَى اَلْمَنْعِ فَقَالَ لَهُمْ: اِجْعَلُوا اَلسُّنَةَ بَيْنَكُمْ إِذَا وَجَدْتُمْ غَرِيباً فِي بَلَدِكُمْ سَلَبْتُمُوهُ وَ نَكَحْتُمُوهُ فِي دُبُرِهِ، حَتَّى إِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَمْ يَتَطَرَّقُوا عَلَيْكُمْ ، فَتَصَوَّرَ لَهُمْ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ غُلاَماً أَمْرَدَ، فَتَزَيَّنَ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ سَلَبُوهُ وَ نَكَحُوهُ فِي دُبُرِهِ، فَطَابَ لَهُمْ ذَلِكَ، حَتَّى صَارَ هَذَا عَادَةً لَهُمْ فِي كُلِّ غَرِيبٍ وَجَدُوهُ، فشاع امرهم في القرية فبدأت الذنوب تتوالى عليهم الى ان وصلوا الى أبشع المكاره فجاءهم العذاب من الله الجليل بحجارة من سجيل {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: 82]
لعل الي يعذب بهذا العذاب يكون قد ختم المعاصي أي بلغ الذروة في ذلك، فالذي عُذب بمثل هذا العذاب هم أصحاب الفيل حينما قدموا الى البيت لهدمه وقال عبد المطلب ان لهذا البيت رب يحميه لمقاله إبراهيم (عليه السلام) له، فكان العذاب من الله تعالى {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 3، 4]
كَانَ مَعَ كُلِّ طَيْرٍ ثَلاَثَةُ أَحْجَارٍ حَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ وَ حَجَرَانِ فِي مَخَالِيبِهِ وَ كَانَتْ تُرَفْرِفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ تَرْمِي فِي دِمَاغِهِمْ فَيْدَخُلُ اَلْحَجَرُ فِي دِمَاغِهِمْ وَ يَخْرُجُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ وَ تُنْتَقَضُ أَبْدَانُهُمْ فَكَانُوا كَمَا قَالَ اَللَّهُ }فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ{ قَالَ: اَلْعَصْفُ اَلتِّينُ وَ اَلْمَأْكُولُ هُوَ اَلَّذِي يَبْقَى مِنْ فَضْلِهِ.
ما وصف حجارة سجين
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَتْ حِجَارَةً مَخْلُوطَةً بِالطِّينِ، مَطْبُوخَةً فِي نَارِ جَهَنَّمَ مُسَوَّمَةً يَعْنِي مُعْلَمَةً، وقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ مَكْتُوباً عَلَى كُلِّ حَجَرٍ اِسْمُ صَاحِبِهِ مِنَ اَلْمُسْرِفِينَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ فِي مَعَاصِيهِمْ. واَلْمَلاَئِكَةُ تَقْذِفُهُمْ بِالْحِجَارَةِ وهِيَ مَطْبُوخَةٌ بِنَارِ جَهَنَّمَ، وهِيَ عَلَيْهِمْ كَالْمَطَرِ، فَسَاءَ صَبَاحُ اَلْمُنْذَرِينَ.