Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
جمال الدين الافغاني

منذ 1 سنة
في 2024/10/13م
عدد المشاهدات :3176
وُلِدَ السيد جمال الدين في قرية "أسعد أباد" من قرى "كندر"(1) ببلاد الأفغان سنة 12454هـ-1839م من أسرةٍ شريفةٍ تنتسب إلى الإمام الترمذي المحدث المشهور، وترتقي إلى الإمام الحسين بن علي -رضي الله عنهما، وانتقل به والده إلى "كابل" وهناك تلقى تعليمه، فدرس مبادئ العلوم العربية والتاريخ، وعلوم الشريعة، والعلوم العقلية؛ من منطق وحكمة عقلية سياسية، وفلسفة، وكذلك العلوم الرياضية؛ من حساب وجبر وهندسة وفلك، ودرس نظريات الطب والتشريح، ثم سافر إلى الهند، وهو في الثامنة عشرة من عمره، واطَّلَع على علوم الرياضة في الطرق الحديثة، وقَدِمَ الحجاز للحج، وقضى في رحلته إلى مكة سنة، فأفادته الرحلة خبرةً بالشعوب الإسلامية، وأحوالها الاجتماعية، ثم رجع إلى بلاده، واشترك في مؤامرة سياسيةٍ مكنت بعض الأمراء من التغلب على عرش الأفغان، فعظمت مكانته لدى هذا الأمير، ولكن عصفت الأحداث بأميره هذا، وحاول خلفه الانتقام من السيد جمال الدين، ففطن لمكايده وغادر بلاده إلى الهند فمصر، ومكث بمصر أربعين يومًا، ومن ثَمَّ يمم نحو الآستانة فذاع صيته بها، وعلت مكانته حتى انتخب بعد مدة وجيزة عضوًا في مجلس المعارف الأعلى، ولكن آراءه الإصلاحية الجريئة، وأفكاره الحرة التي لم يألفها الناس في عصره بعثت في نفوس رجال عبد الحميد الهلع، وتألب عليه كثير من علية القوم، ولا سيما شيخ الإسلام، فجاءه الأمر بمغادرة البلاد خشية أن يشعل في عرش عبد الحميد الحريق.
فقدم السيد جمال الدين مصر، ودخلها في مارس سنة 1871، ومكث بها ثماني سنوات كانت خير السنين بركةً على مصر وعلى الشرق العربي والإسلامي، فقد حاول جمال الدين من قبل أن يغرس تعاليمه وينفخ في الشعوب الشرقية من روحه؛ ولكن وجد أرضًا مجدبة، وشعوبًا ميتة لم تسمع لندائه وما أن نزل مصر حتى فتحت له ذارعيها، وحببت له الإقامة به، والتف حوله لفيف من
(1/263)

أبنائها، من كل تواق للحرية، محب للعلم حريص على نفع وطنه وإنهاض قومه، وتجاوبت روحهم وروحه ووجدوا فيه المعلم الفَذّ والمفكر الجريء وصاحب العقل المستقيم، ووجد فيهم بررة، وعقولًا خصبة، ونفوسًا تتحرق شوقًا للحرية والعدل.
كانت هذه السنوات الثمان مليئةً بالأحداث، فقد غرقت مصر في ديونها التي اقترضها إسماعيل، وبدت مطامع إنجلترا وفرنسا جليّة، فأنشىء صندوق الدَّيْنِ وفرضت الرقابة الثنائية واستحالت هذه الرقابة إلى مشاركةٍ في الحكم، إذ دخل وزارة نوبار باشا وزيران أوربيان؛ أحدهما فرنسيّ والآخر إنجليزيّ، يشرف الفرنسيّ على وزارة الأشغال ويشرف الإنجليزي على وزارة المال(2)، وأيُّ احتلال أبشع من هذا إن الذي يصرف المال قوَّام على شئون الدول، ومن يتولى الأشغال مهيمن على تقدم الأمة، فكان عجبًا ألا ينغمس السيد جمال الدين في السياسة من أخمص قدميه إلى قمة رأسه، وهو الذي حاول من قبل أن يثل عرشًا، وينصب ملكًا، ويصلح من شئون عبد الحميد المستبد الطاغية.
جاء جمال الدين مصر وهذه ظروفها، ووجد من إسماعيل صدرًا رحبًا؛ لأنه رأى فيه العالم المشهور بفلسفته وعلمه، فوجوده بمصر ربحٌ لا يقدر، وهو في نظره أجل وأنفع من بعض المعاهد العلمية التي أنشأها؛ لأنه معهدٌ حيٌّ حنَّكَتُه التجارب وأنضجته الحوادث، ولم يكن السيد قد عُرِفَ بآرائه السياسية المتطرفة بل غلبت عليه الصبغة العلمية، ولم يكن إسماعيل يخشى على حكمه أحدًا، وهو الحاكم الذي لا يرجع في حكم، والذي يتصرف في أقدار البلاد دون رقيب أو حسيب، وكان مجلس الشوى آلةً مطواعةً في يده، لا يجهر باعتراضٍ، أو يجرؤ على مخالفة، ثم إن إسماعيل كان يتحدَّى الدولة العثمانية في ذلك الوقت، ويتوق جهده إلى الاستقلال بأمر مصر، وقد رأى أن الآستانة قد ضاقت رحابها بالسيد جمال الدين وخافت من آرائه وتعاليمه، فلتبرهن مصر على أنها أقوى من تركيا وأكرم نفسًا، وأقدر على هضم آراء جمال الدين من أي بلد في الشرق، ولم يكتف إسماعيل بهذا الترحاب بل أجرى على السيد راتبًا شهريًّا زيادةً في إكرامه.
(1/264)

وأخذ هذا العقل المنظم الجبار يشع النور في كل مكان يحله صاحبه، فدروس منظمة يلقيها في بيته على صفوة مختارة من حوارييه أمثال: محمد عبده وعبد الكريم سليمان، وإبراهيم اللقاني، وسعد زغلول، وإبراهيم الهلباوي، وكانوا جميعًا طلبةً بالأزهر حينذاك، وكانت هذه الدروس: منطقًا وفلسفةً وتصوفًا وهيئةً، مثل كتاب "الزوراء" في التصوف و"شرح القطب على الشمسية" في المنطق، و"الهداية" و"الإشارات" و"حكمة العين"، و"حكمة الإشراق" في الفلسفة، و"تذكرة الطوسي" في علم الهيئة القديمة، وهي كتب تمثل علمًا قديمًا دوَّنَها أربابها في العصور الأولى للدولة العربية، ولكن الروح التي درس بها جمال الدين هذه الكتب، والطريقة التي عرض بها هذه المباحث، والتعليقات التي كان يفيض بها عقب كل مقالة أو بحث، والاستطرادات التي تدعو إليها مقتضيات العصر وظروفه هي التي حبَّبَت هذه الدروس وتلك الكتب لهؤلاء التلاميذ الأذكياء، وجعلت من دروس جمال الدين نبعًا صافيًا يغترف منه الطلبة علمًا وفلسفةً، ووطنيةً واجتماعيةً وحججًا قويةً لرد المارقين عن جادَّة الدين، ووجدوا فيه شخصية لا تترد في إصدار الأحكام العامة على القضايا المعروضة.
وبجانب هذه الدروس المنظمة كان للسيد مجلس آخر بأحد المقاهي القريبة من حديقة الأزبكية، حيث يلتف حوله أنماط شتَّى من الراغبين في التزود من علمه وفكره، ويجلسون إليه ويطرحون عليه أسئلة في مختلف الموضوعات، وهو يجيب إجابات العالم المحقق "لا يسأم من الكلام فيما ينير العقل، أو يطهر العقيدة، أو يذهب بالنفس إلى معالي الأمور، أو يستلفت الفكر إلى النظر في الشئون العامة مما يمس مصلحة البلاد وسكانها، وكان طلبة العلم ينتقلون بما يكتبونه من تلك المعارف إلى بلادهم أيام البطالة والزائرون يذهبون بما ينالونه إلى أحيائهم، فاستيقظت مشاعر، وتنبهت عقول، وخف حجاب الغفلة في أطرافٍ متعددةٍ من البلاد خصوصًا في القاهرة(3)".
الانقسام الاجتماعي في العراق من التناحر إلى الوحدة الإيمانية رؤية قرآنية
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
إن العراق، ذلك البلد المبارك الذي ازدان بضياء النهرين وتراث الأنبياء، ظلّ عبر تاريخه الحديث يعاني من آفة التناحر والانقسام، حتى كادت نيران الفرقة أن تلتهم أخضرَه ويابسَه. ولئن تعددت مظاهر هذا الانقسام بين حزبيةٍ طاغية، وعشائريةٍ متجذرة، وطائفيةٍ مميتة، فإن المنهج القرآني يظلّ المنار الوضاء الذي... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى.... المزيد
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...


منذ اسبوعين
2025/11/03
عندما نقرا تاريخ الكرة الاسيوية ونحدد فترة معينة يمكن من خلالها معرفة من هم كبار...
منذ اسبوعين
2025/11/02
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثالث والسبعون: عودة الميكانيكا البوهمية: لماذا...
منذ اسبوعين
2025/10/31
عندما نفكّر اليوم في القنبلة النووية تنبثق أمامنا صورة طاقة هائلة تُطلق في لحظات...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )