العلامة (مـ) هي علامة الوقف اللازم، وتعني لزوم وقوف القارئ حال وجودها، مع ابتدائه بعد وقوفه بما بعدها. قال الله تعالى في آيات قرآنية فيها علامة (مـ: لزوم الوقف) في سورة المائدة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا (ج: جواز الوقف) وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا (ج: جواز الوقف) وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا (مـ: لزوم الوقف) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (ج: جواز الوقف) وَاتَّقُوا اللَّهَ (ج: جواز الوقف) إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2)، و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ (مـ: لزوم الوقف) بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (ج: جواز الوقف) وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (قلى: الوقف اولى) إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (المائدة 51).
من كتاب الوقف اللازم في القرآن الكريم للشيخ جمال القرش: المواضع المتفق على لزوم الوقف عليها بين المصاحف المختارة عشرون موضعًا وقعت في ثلاثة عشرة سورة: الثلث الأول من القرآن الكريم: ثلاثة عشر موضعًا: 1- البقرة: ثلاثة مواضع. 2- آل عمران: موضع. 3- النساء: موضعان. 4- المائدة: أربعة مواضع. 5- الأنعام: موضعان. 6- الأعراف: موضع. الثلث الثاني من القرآن الكريم: خمسة مواضع 1- يونس: موضع. 2- هود: موضع. 3- الإسراء: موضع. 4- القصص: موضع. 5- العنكبوت: موضع. الثلث الأخير من القرآن الكريم: موضعان: 1- يس: موضع. 2- القمر: موضع. في الثلث الأول من القرآن الكريم: 1- الوقف على: "مَثَلاً" قال تعالى: " وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا مـ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا" (البقرة 26). الوقف تام: للفصل بين كلام الكفار وكلام الله. و يلزم الوقف لئلا يوهم الوصل أن قوله: " يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا" من قول الكفار، أوصفة لـ: "المثل"، فالله لم يضرب المثل للإضلال، إنما هو ابتداء إخبار من الله عنهم. 2- الوقف على: "آمَنُوا". قال تعالى: " زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا مـ وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (البقرة 212). الوقف كاف: لأن الواو للاستنئاف، والمعنى متصل حول فوقية الذين اتقوا على الذين كفروا بفوزهم بالجنة. و يلزم الوقف لئلا يوهم الوصل أن ما بعده معطوفٌ على ما قبله، فيصير المعنى أنهم يسخرون من " الَّذِينَ آمَنُوا" ومن "الَّذِينَ اتَّقَوْا".
جاء في دار السيدة رقية للقرآن الكريم اعداد عبد الرسول عبائي عن سلسلة دروس في الوقف والابتداء (الدرس الثالث عشر): قول أئمة الوقف: لا يجوز الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا على الفعل دون الفاعل ولا على الفاعل دون المفعول، ولا على المبتدأ دون الخبر، ولا على نحو كان وأخواتها وأنّ وأخواتها دون أسمائها، ولا على المنعوت دون النعت، ولا على المعطوف عليه دون المعطوف، ولا على القسم دون جوابه ولا على حرف دون ما دخل عليه إلى آخر ما ذكروه وبسطوه من ذلك، إنّما يريدون بذلك الجواز الأدائي، وهو الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة، ولا يريدون بذلك أنّه حرام ولا مكروه ولا ما يؤثم، بل أرادوا بذلك الوقف الاختياري الذي يبتدأ بما بعده، فمعنى (لا يجوز الوقف على كذا)، لا يحسن الوقف عليه تلاوة وأداء فالوقف عليه يسلب التلاوة حسنها والقراءة روعتها وبهاءها. ليس كلّ ما يتعسفه (التعسّف في الكلام: أخذه على غير هداية ولا دراية وتكلّف منه حمله على معنىً لا تكون دلالته عليه ظاهرة. أقرب الموارد 2/781) بعض المعرِّبين، أو يتكلّفه بعض القرّاء، أو يتأولّه بعض أهل الأهواء، ممّا يقتضي وقفاً أو ابتداءً ينبغي أن يتعمد الوقف عليه، بل ينبغي تحرّي المعنى الأتمّ والوقف الأوجه وذلك نحو الوقف على قوله تعالى: "وَارْحَمْنَا أَنتَ" (البقرة 286) والابتداء بـ "مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" على معنى النداء، ونحو الوقف على قوله تعالى: "يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ" (لقمان 13) ثم الابتداء "بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" على معنى القسم ونحو الوقف على "حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ" (البقرة 158) والابتداء "عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا"، وهذا خلاف أسباب النزول، ونحو "فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً" (الروم 47) والابتداء بـ "عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ"، ونحو الوقف على "وَهُوَ اللهُ" (الأنعام 3) والابتداء "فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأََرْضِ" وأشد قبحاً من ذلك في نفس الآية الوقف على "فِي السَّمَاوَاتِ" والابتداء "وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ" ونحو الوقف على "تمشي" في قوله تعالى: "فَجَاءَتْهُ إحداهما تَمْشِي" (القصص 24)، ثم الابتداء "عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ" وأمثلة أخرى. فهذه الوقوف التي يرتكبها المتعسفون بعضها تنافي أسباب النزول والأحاديث الشريفة الواردة فيها ومخالفة لقواعد اللغة العربية وأساليب القرآن ومعانيه السامية، وفي بعضها إيهام وإفساد في المعنى لا مجال هنا للتفصيل فيها، فعلى القارئ الذي يحرص كل الحرص على أن يعرض القرآن الكريم في أبهى حلله وأبهج مظاهره أن يتجنب هذه الوقوف وأشباهها، لما فيها من التصنّع والتكلّف، والتمحّل والتعسّف، والتحريف للكلم عن مواضعه كل ذلك يُذهب برونق القراءة وروعة التلاوة وجلال الأداء.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام عن القرآن الكريم: يرتّلون آياته، و يتفقّهون به، و يعملون بأحكامه، و يرجون وعده، و يخافون وعيده، و يعتبرون بقصصه، و يأتمرون بأوامره، و ينتهون بنواهيه، ما هو و اللّه حفظ آياته و درس حروفه، و تلاوة سوره و درس أعشاره و أخماسه، حفظوا حروفه و أضاعوا حدوده، و إنّما هو تدبّر آياته و العمل بأركانه، قال اللّه تعالى: "كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ" (ص 29). المقصود من الأعشار و الأخماس تقسيمات القرآن.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN