1

بمختلف الألوان
حاول بنو أُميَّة (لعنهم الله) بكلِّ ما يملكون من تجبّر وطغيان إركاع الثورة الحسينية بإركاع رموزها، وما انفكوا يقرعون طبول الغدر والخيانة ليجتمع الناس حولهم بغية ردع الثورة وقهر الثوار، ولكنَّ مشيئة الله كانت هي الأقوى لإعلاء كلمة الحقِّ ونصرة الدين وفضح الباطل، ومن الرموز التي حاول الأُمويون قهرها... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
الآثار الوضعية للذنوب... المعاصي بين الأمر المولوي والارشادي (5)
عدد المقالات : 336
حسن الهاشمي
قبل الدلوف الى صلب الموضوع لابد من توضيح الفرق بين الأمر المولوي والأمر الارشادي، فالأمر المولوي هو الذي يستحق العبد اذا تركه العقاب، فاذا قال لك المولى: صل، فاذا لم تصل فتستحق العقاب، الأمر المولوي نتيجته، اما الطاعة فلها الثواب، واما المعصية فلها العقاب، أما الأمر الارشادي فاذا فعلته لي الثواب والاستفادة سواء في الدنيا أو في الآخرة، أما اذا تركته ليس فيه أي ضرر، نعم أفوّت على نفسي فائدة، ولكن ليس فيه عذاب ولا عقاب، مثلا تأتي رواية وتقول: كل الرمان صباحا على الريق، اذا اكلته كذلك فيه اثارها الطبيعية وتعود على جسمك بالمنفعة، هذا أمر ولكنه ليس مولويا؛ لأنه يمكن لي ان اتركه ولا عقاب لي على ذلك.
من الواضح إن النهي الموجه إلى آدم عليه السلام من الله سبحانه وتعالى بعدم الأكل من الشجرة المعينة لم يكن أمرا مولويا إلزاميا يستحق المخالف والعاصي له العقاب من المولى سبحانه وتعالى، بل هو أمر إرشادي تنزيهي، فمخالفة النهي (الأكل من الشجرة) إنما يعد معصية بالمعنى المصطلح إذا كان النهي مولويا صادرا عنه سبحانه بما هو مولى واجب الطاعة فيما يأمر، لا ما إذا كان النهي إرشاديا واردا بصورة النصح، والآثار التي حصلت لآدم نتيجة لهذه المخالفة إنما هي آثار طبيعية وضعية لمثل هذه المخالفة، لا أنها عقاب من الله سبحانه وتعالى له على ذلك، وهناك قرائن عديدة في الآيات الخاصة بقصة آدم عليه السلام تدل على أن النهي كان إرشاديا تنزيهيا لا يترتب على مخالفته غير الآثار الطبيعية الوضعية المترتبة على نفس وذات العمل، لا أنه مولوي إلزامي حتى يترتب عليه إضافة إلى الآثار الوضعية الطبيعية عقاب المخالفة والمؤاخذة على التجرؤ على أوامر المولى من قبل المكلفين، ومن هذه القرائن:
أولا: إن الأثر المترتب على المخالفة بقي على حاله بالرغم من توبة آدم عليه السلام وإنابته إلى الله مع أنه لو كان النهي نهيا تحريميا فيجب أن يرتفع الأثر بعد التوبة والإنابة، وهذا لم يحصل، فإذن هو دليل على أن الخروج من الجنة والتعرض للشقاء والتعب كان أثرا طبيعيا لنفس العمل لا انه عقاب من المولى سبحانه وتعالى على مخالفته، فالنهي كان من الله سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام هو لأجل صيانة آدم عن هذه الآثار والعواقب، كما ينهى الطبيب مصابا بالسكر عن تناول المواد السكرية، فهذا التوجيه والإرشاد من الطبيب لهذا المصاب بداء السكر إنما هو لعلمه بما في تناول المواد السكرية من آثار سلبية على صحة وجسم الإنسان المصاب، فإذا ما التزم هذا المصاب بأقوال الطبيب فإن الآثار السلبية المترتبة على تناول المواد السكرية لمثله تنعدم لالتزامه بأوامر طبيبه، ولكنه إذا خالف أوامر الطبيب ولم يلتزم بتوجيهاته وإرشاداته فإنه بلا شك تلحقه تلك الآثار.
ثانيا: إن الآيات الواردة في سورة ( طه ) تكشف النقاب عن نوعية هذا النهي وتصرّح بأن النهي كان إرشاديا لصيانة آدم عما يترتب عليه من الآثار المكروهة، والعواقب غير المحمودة، قال سبحانه: (فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى) طه:117 ـ 119. فإن قوله سبحانه : (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) صريح في أن أثر امتثال النهي هو البقاء في الجنة ونيل السعادة التي تتمثل في قوله: (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحى) وأن أثر المخالفة هو الخروج من الجنة والتعرض للشقاء الذي يتمثل في الحياة التي فيها الجوع والعري والظمأ وحر الشمس، كل ذلك يدل على أنه سبحانه لم يتخذ لدى النهي موقف الناهي الواجب الطاعة، بل كان ينهي بصورة الإرشاد والنصح والهداية، وأنه لو خالف لترتّب عليه الشقاء في الحياة والتعب والنصب فيها.
وبهذا يتضح قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) كنز العمال للمتقي الهندي: ١٠١٧٤. فالشرع إنما يحكم تأسيسا، وهو المرجع الأول فيما لا حكم فيه للعقل، ففي دائرة الأحكام والتكاليف الشرعية - وضعية كانت أو تكليفية - الإسلام يجب ما قبله، ويذهب بالآثار الشرعية المترتبة على الأفعال التي ارتكبها الشخص قبل إسلامه على التفصيل المذكور في الفقه، أما الآثار الوضعية الحقيقية فليست بتشريعية، ولا تنالها يد الإنشاء والاعتبار، فليست قابلة للمحو بالإسلام والتوبة.
وتعاني البشرية اليوم، من شرور المعاصي التي تعتبر من أخطر أمراض الإنسان وأسباب مآسيه.. وتبذل الأمم والشعوب والحكومات الآن جهوداً ضخمة لمكافحة الجريمة والرذيلة والانحراف ـ ولكن وفق تصورها الخاص بالجريمة ـ فتنفق الأموال الطائلة، وتجنّد القوى البشرية الكثيفة، وتؤسّس السجون وتقيم المحاكم، وتنشئ المعاهد لدراسة الجريمة وكيفية علاجها، وتسعى بأساليب علمية وفنية مختلفة في الإعلام والتربية والتوجيه، في محاولة منها لإصلاح الإنسان الشاذّ، وتصحيح سلوكه، حفظاً للأمن، ودفعاً للعدوان، وإصلاحاً لسلوك الأفراد والجماعات ـ حسب وعيها ومفهومهاـ ولكن دونما جدوى، فقد غدت الجريمة، أبرز ظاهرة وأعقد مشكلة في حياة الإنسان.
والسبب في ذلك يعود إلى فشل مناهج الإصلاح نفسها، وعجز طريقة العلاج التي لجأ الإنسان إليها، بعد خروجه على قاعدة القانون الإلهي في الحياة، وبعد أن دخلت وسائل مكافحة العصيان والجريمة، هي نفسها في دائرة العصيان والجريمة ـ في كثير من الأحيان ـ فكيف يكافح جريمة القتل والترويع والإرهاب وهو يشجع في الوقت نفسه على الزنا والقمار والربا والإسفاف.
فالمعصية المولوية والإرشادية إذا ما صدرت من انسان ما فإنه يترتب عليها آثار دنيوية، فيما تقتصر الآثار والعقوبات الأخروية على المعصية المولوية فقط، نعم يمكن تدارك الآثار بالتوبة والإنابة الخالصة إلى الله تعالى، بيد أن وبالها لا يمكن محوه وطمسه لاسيما في المعصية الإرشادية التي هي جزء لا يتجزأ من التبعات التكوينية لتلك المخالفة، وهي ظاهرة وشاخصة في النهي الإرشادي خاصة دون المولوي كما ذكرنا سابقا.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 يوم
2025/09/17م
لقد أسقط السيد محمد باقر الصدر قدس سره بنظريته الاستقرائية في الاحتمالات صرح الماركسية يوم كانت تتسيّد الساحة الفكرية وتبشّر بحتمية انتصارها. واليوم، ونحن في عالمٍ ما بعد الحرب الباردة، نجد أنّ البرهان نفسه لا يزال يمدّنا ببصيرته النافذة. فالماركسية لم تسقط وحدها، بل سقطت معها كل النظريات التي... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 يوم
2025/09/17م
حسن الهاشمي القِيَم جمع قِيمة، وهي المبادئ أو المعايير الأخلاقية والسلوكية التي تُوجّه سلوك الأفراد والمجتمعات، وتُعبّر عمّا يعتبره الناس جيدا، مرغوبا، أو صائبا، يعضده في ذلك التفاعل الفطري الداخلي والانسجام الرسالي الخارجي، لما لتلك القيم من حوافز جوهرية في تكامل الانسان وازدهاره ليس في حياته... المزيد
عدد المقالات : 336
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/09/14م
في عصرِ الصِّراعِ الخفيّ، حيثُ تُخاضُ المعاركُ بِلا دويٍّ ولا دخان، تتحوَّلُ الشَّاشاتُ إلى ساحاتٍ، والبياناتُ إلى أسْلحة، والنَّفوسُ إلى غنائم. ها هو العراقُ اليومَ يغرقُ في محيطٍ رقميٍّ هائل، تُفتَحُ فيه نوافذُ أرواحِ أبنائِه على مِصْراعيها أمامَ عيونٍ لا تَنَام، تَرصُدُ كلَّ نَبضةٍ، تَتبَّعُ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/09/14م
أكفٌ أمينة تعانق آمال الوطن م. طارق صاحب الغانمي في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز... المزيد
عدد المقالات : 27
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء الخامس والخمسون: الواقع كما لا يمكننا تخيله: ثلاث فرضيات ولا يقين الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 16/9/2025 القراء الذين وصلوا إلى هذه المرحلة من قراءة جميع المقالات السابقة ربما يشعرون بشيء من الارتباك أو... المزيد
اضطراب طيف التوحد (ASD) هو حالة مرضية تؤثر على طريقة التواصل والسلوك وفهم العالم وتظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة. تشير الدراسات الحديثة إلى زيادة عدد حالات التشخيص ففي عام 2022 تم تشخيص حوالي 1 من كل 31 طفل في الولايات المتحدة مقارنة بنسبة أقل بكثير... المزيد
تمثل الموازنة الخارطة المالية للدولة في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة وفق المنهاج الوزاري الذي ترسمه الحكومة للوزارات بشكل عام. إذا ما كانت مسيرة الموازنة منسجمة مع المنهاج الوزاري هذا يدل على امتلاك الحكومة القدرة على تنفيذ منهاجها الذي رسمته... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/07/29
أصدر قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة دليلًا قصصياً بعنوان "المهمة وقصص أخرى". ويضمّ الكتاب الذي أشرف على...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي الهادي (عليه السلام)
2025/07/29
( خيرٌ من الخيرِ فاعله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com