قال الله تعالى عن سيدا وحصورا "فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ" آل عمران 39 وَحَصُورًا: وَ حرف عطف، حَصُورًا اسم، وسيِّدا: متبوعا، وَسَيِّدًا: وَ حرف عطف، سَيِّدًا اسم، وحصورا: ممنوعا من النساء، فنادته الملائكة وهو واقف بين يدي الله في مكان صلاته يدعوه: أن الله يخبرك بخبر يسرُّك، وهو أنك سترزق بولد اسمه يحيى، يُصَدِّق بكلمة من الله وهو عيسى ابن مريم عليه السلام، ويكون يحيى سيدًا في قومه، له المكانة والمنزلة العالية، وحصورًا لا يأتي الذنوب والشهوات الضارة، ويكون نبيّاً من الصالحين الذين بلغوا في الصَّلاح ذروته.
جاء في معاني القرآن الكريم: حصر الحصر: التضييق، قال عز وجل: "واحصروهم" (التوبة 5)، أي: ضيقوا عليهم، وقال عز وجل: "وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا" (الاسراء 8)، أي: حابسا. والسيد: المتولي للسواد، أي: الجماعة الكثيرة، وينسب إلى ذلك فيقال: سيد القوم، ولا يقال: سيد الثوب، وسيد الفرس، ويقال: ساد القوم يسودهم، ولما كان من شرط.
جاء في کتاب تفسير غريب القرآن للمؤلف فخر الدين الطريحي النجفي: (حصر) الحصور: على ثلاثة أوجه: الذي لا يأتي النساء اي لا يشتهيهن، والذي لا يولد له، والذي لا يخرج مع الندامى، وقيل: الحصور المبالغ في حبس النفس عن الشهوات والملاهي، والحصر: الضيق والانقباض، قال تعالى: "حصرت صدرهم" (النساء 89) وحصر الحاج: إذا منعته علة عن المضي في حجه، قال تعالى: "فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي" (البقرة 196) اي منعتم من السير، و "احصروهم" (التوبة 6) امنعوهم من التصرف واحبسوهم، و "حصيرا" (الاسراء 8) اي حبسا، والحصير: السجن.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ" آل عمران 39 سيكون من حيث العلم و العمل قائدا للناس وَ سَيِّداً، كما أنّه سيحفظ نفسه عن الشهوات الجامحة و عن التلوّث بحبّ الدنيا وَ حَصُوراً. الحصور من الحصر، أي الذي يضع نفسه موضع المحاصرة، أو الذي يمتنع عن الزواج، و إلى هذا ذهب بعض المفسّرين، كما أشير إليه في بعض الأحاديث. هنا يتبادر إلى الذهن سؤال يقول: إذا كان الحصر هو العزوف عن الزواج، فهل هذا محمدة يمتاز بها الإنسان، بحيث يوصف بها يحيى في الجواب نقول: ليس هناك ما يدلّ على أنّ الحصر المذكور في الآية يقصد به العزوف عن الزواج، فالحديث المنقول بهذا الخصوص ليس موثوقا به من حيث أسانيده. فلا يستبعد أن يكون المعنى هو العزوف عن الشهوات و الأهواء و حبّ الدنيا، و في صفات الزاهدين. ثانيا: من المحتمل أن يكون يحيى مثل عيسى قد عاش في ظروف خاصّة اضطرّته إلى الترحال من أجل تبليغ رسالته، فاضطرّ إلى حياة العزوبة. و هذا لا يمكن أن يكون قانونا عامّا للناس. فإذا مدحه اللّه لهذه الصفة فذلك لأنّه تحت ضغط ظروفه عزف عن الزواج، و لكنّه استطاع في الوقت نفسه أن يحصن نفسه من الزلل و أن يحافظ على طهارته من التلوّث. إنّ قانون الزواج قانون فطري، فلا يمكن في أيّ دين أن يشرع قانون ضدّه. و عليه فالعزوبة ليست صفة محمودة، لا في الإسلام و لا في الأديان الاخرى. وعن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قصة يحيى عليه السلام في القرآن: الثناء عليه: ذكره الله في بضعة مواضع من كلامه وأثنى عليه ثناء جميلا فوصفه بأنه كان مصدقا بكلمة من الله وهو تصديقه بنبوة المسيح، وأنه كان سيدا يسود قومه، وأنه كان حصورا لا يأتي النساء. والسيد هو الذي يتولى أمر سواد الناس وجماعتهم في أمر حيوتهم ومعاشهم أو في فضيلة من الفضائل المحمودة عندهم ثم غلب استعماله في شريف القوم لما أن التولي المذكور يستلزم شرفاً بالحكم أو المال أو فضيلة اخرى. والحصور هو الذي لا يأتي النساء، والمراد بذلك في الآية بقرينة السياق الممتنع عن ذلك للإعراض عن مشتهيات النفس زهداً.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN