جاءت مشتقات كلمة القضاء في القرآن الكريم في صيغة اسم فاعل "يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ" (الحاقة 27)، وصيغة اسم المفعول "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا" (مريم 71). و القلم القرآني للقضاء معاني عدة منها معنى الامركما في قوله تعالى "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " (الاسراء 23). ومعنى الخبروالاعلام "وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ" (الحجر 66)، و "وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ" (الاسراء 4). والموت "وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ" (الزخرف 77)، و "فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ" (القصص 15). ومعنى الفصل "وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ " (مريم 39)، و "فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (يونس 47).
وجاء القضاء بمعنى استيفاء وتمام الامر كما في قوله سبحانه "أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ" (القصص 28). ومعنى الخلق "فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ" (فصلت 12). ومعنى الارادة "وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (البقرة 117). و انقضاء العبادة "فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ" (النساء 103)، و "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ" (البقرة 200).
وجاءت كلمة قضاء عن القلم القرآني بصيغ فعلية ثلاثة في الماضي كما قال الله جل جلاله "وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" (البقرة 210)، و الحاضر او المضارع "إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" (يونس 93)، و الامر "ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ" (يونس 71)، و "فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ" (طه 72). وفي اللغة هنالك فعلا مبنيا للمجهول "ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُسَمًّى" (الانعام 60) واخر للمعلوم "وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (البقرة 117).
ومن المعاني الشائعة عن القضاء هو القدر. يطلق القدر في القلم القرآني على معاني مختلفة منها التضييق حيث قال الله عز وجل "وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن" (سورة الفجر 16). و التعظيم "وما قدروا الله حق قدره" (سورة الأنعام 91). والتدبر "فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين" (المرسلات 23). و تحديد المقدار او الزمان أو المكان (وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمين) (سبإ 18). والإرادة قال تعالى "وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر" (القمر 12). و القضاء والأحكام "نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين" (الواقعة 60). و الصنع بمقادير معينة "قوارير من فضة قدروها تقديرا" (الانسان 16).
ولا يتصور الإنسان ان القضاء والقدر يعني ترك الأمر بدون معالجة حيث لكل سبب مسبب، كون الله سبحانه طلب من عبده ان يتفكر ويستخدم عقله، فالمريض مثلا عليه ان يذهب لمن يعالجه. فقد جاء في قلم السنة المحمدية ان كعب بن مالك سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيت دواء يتداوى به هل يرد قدر الله فقال صلى الله عليه واله وسلم ياكعب: بل هو من قدر الله. وهكذا على الطالب الدراسة، والجندي يتطلب ان يزود نفسه بالقوة. فالإنسان حر في عمله والحصاد هو نتيجة العمل "فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا" (النبأ 39)، و "إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا" (الفرقان 57)، و "اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" (فصلت 40)، و "وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ" (التوبة 105).
العقل هو قضاء الله وقدره منحه للإنسان للتفكر والتدبر. ذكرت عشرات الآيات التي تؤكد على استخدام العقل "أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (البقرة 44) (البقرة 76) (ال عمران 65) (الأنعام 32) (الأعراف 169) (يونس 16) (هود 51) (يوسف 109) (الانبياء 10) (الانبياء 67) (المؤمنون 80) (القصص 60) (يس 68). فعندما ينتشر الجهل وعدم التفكر في أقوام فإن معظم الناس لا تستخدم العقول مثل "وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (البقرة 164) حيث ايات او براهين علمية لا يستخدمون عقولهم للتفكر بها ومنها أيضا ما ورد في (الرعد 4)، و (النحل 12)، و (الروم 28)، و (الجاثية 5).
وجاءت كلمة القدر في سير الانبياء: كما في حالة زوجة لوط عليه السلام "فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ" (النمل 57) أي قضينا عليها بأن تكون من الهالكين. وكقوله تعالى مخاطباً داودعليه السلام "وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ" (سبأ 16) أيْ تمهّل في الصنع حتى يقضي او يتم العمل متقنا.
وجاء في القلم القرآني ان القضاء والقدر يحصل باذن الله، ومنه الايمان والطاعة كما قال الله عز و جل "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (يونس 100)، و "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْن اللله" (نِ االنساء 64))للَّهِ" و "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ" (البقرة 249)، و "وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (البقرة 102)، و "إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (المجادلة 10)، و "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" (هود 6)، و "وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ" (محمد 19)، "وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولً" (الانفال 42)، و "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا" (الاحزاب 38).







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN