سمعتهم يتهامسون بكلمات تملئ ثغرهم ابتسامة خفية كأنهم يسرقون مني سماعها ...
لكنني أجهدت نفسي في أستراق السمع لأنني كنت فضولياً كثيراً ...
نعم هناك أمراً يخفوه عني ...
لكنني أقترب من سماع تلك الهمسات التي كدت أن أترجم بعضها بخيالي ...
فقال لأمي ...
سنشتري لنا تكسي لنتقوت منها ... ثم علت ضحكة كادت أن تفزعني ...
تكسي ... تكسي ... هكذا صارت تنادي أمي ....
وأبي يضحك ويقول نعم نعم .... تكسي ..
ثم علا صمت .... وزفرة أمي بحسرة ودموع .. فبقيت أسترق السمع لما يقولون ...
ما بك عزيزتي أتبكين فعلا
نعم بكيت لأننا أصبحنا نحلم كثيرا ...
لا لا ... أنه ليس حلما أبدا ... بل حقيقة ...
عن أي حقيقة تتكلم عزيزي ... الا تعلم بأن أبننا ترك دراسته .. والسبب وضعنا ..
نعم أعلم .. ولأجل ذلك سأشتري ال تكسي .....
حسنا .. وكيف ذلك .. كيف تشتري التكسي ونحن لا نملك إلا هذه الملابس البالية التي تغطي أجسادنا المتعبة ...
نعم .. عزيزتي .. لكنني اقترضت ديناً ...
عزيزي .. لكن ال تكسي .. سعرها جدا باهض وهذا ما لا نقدر أن نرجعه ...
حسنا .. سأذهب اليوم لأشتريها .. أنتظري عودتي .....
ومرت الساعات وبقيت هذه الأمنية تلوح في خلجات خاطري .. متى سيعود أبي ..
فصرت أجلس على عتبة الدار .. وعينان لا تفارق الطريق ... وكلما عبرت تكسي ظننتها .. لأبي ...
وبلحظات الانتظار راقبت أمي عن كثب .. فأنها على أحر من النار بانتظار أبي وهي لا تعلم بأني أنتظر ذلك أيضا ... لأنها تضن بعدم علمي ...
فمللت الجلوس والانتظار وسرحت في خيالي لماذا تأخر أبي هل المال سرق .. أو ربما ..
ربما أبي لا يعرف أن يقول ال تكسي فعمل حادثا .......
فصرت أصارع تلك الأوهام وعيني لا تفارق الطريق ... حتى ......
نظرت من بعيد .... وأذا برجل .. عجوز .. يدفع بعربة حمل ..
يقترب ويقترب .. لكنني عطفت عليه كثيرا ...
لأنه يدفع العربة ببطئ ... فقلت ...
مسكين هذا العجوز ... لكن أبي أفضل منه ... لانه سيمتلك التكسي ...
لكن .. تغير الحال كلما أقترب .. أذ صرت أشك .. بأنني أعرف هذا العجوز ...
حركاته .. مشيته .. ميلانه ..
نعم ..اعرفه .. اعرفه ......... أنه يشبه أبي ........
صعقت مما شاهدته ولم أصدق عيني ..
فتجمدت بحسرتي ... ولم اكد أره لان عيني غمرتها الدموع .....
فدخلت الدار مهرولا ... لكي لا تراني أمي .... ورجعت بتلك الزاوية لأستمع ....
طرق الباب ... وصوت يعتلي .. عزيزتي .. عزيزتي ... انا عدت ...
عثرت أمي بخطواتها ولم تكد تصدق بأن التكسي ستدخل الدار ...
لكن رأت ............... عربة .... كما سماها أبي .. تكسي ...







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN