الإمامُ الهادِي.. شَهِيدُ سَامرّاء
أربعونَ عاماً كانَ عُمُرُهُ الشَّريفُ.. أمضاها بينَ عبادَةٍ خَاشِعَةٍ، وَبينَ سَعيٍ لقَضاءِ حوائجِ النّاسِ، حَليمٌ لا يُدانَى بِحِلمِهِ، سَخِيٌّ لا حَدَّ لكَرَمِهِ.
كانَ عَظيمَ المَقامِ رغمَ حَداثَةِ سِنِّهِ، إذا تَخَطّى النّاسَ تَرَجَّلُوا مِنْ مَهابَتِهِ، و
إذا قَالَ بَذَّ الفُصحَاءَ، وَحَيَّرَ البُلغاءَ، وأسكَتَ العُلَماءَ.
واعِظًا مُذكّرًا الناسَ: مَنْ أطاعَ الخالِقَ فَلَم يُبالِ بِسَخَطِ المَخلُوقِينَ، وَمَنْ أسخَطَ الخالِقَ (فليوقِنَ)أنْ يَحِلَّ بِهِ سَخَطُ المَخلُوقينَ.
الْحَسَدُ ماحِقُ الْحَسَناتِ، وَالزَّهْوُ جالِبُ الْمَقْتِ، وَالْعُجْبُ صارِفٌ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ داعٍ إلَى الْغَمْطِ وَالْجَهْلِ، وَالبُخْلُ أذَمُّ الأخْلاقِ، وَالطَّمَعُ سَجيّةٌ سَيِّئةٌ.
ومعَ هذا السُّموُّ حَارَ حاكِمُ عَصرِهِ في سُبُلِ التنكيلِ بهِ، يُدَبِّرُ لَهُ المكائدَ ويصطَنِعُ الخبائثَ خَوفًا على سُلطانِهِ.
يَروي يَحيى بنُ هَرثَمَةَ وَهُوَ جُندِيٌّ للمُتَوكِّلِ قائلًا: فَتَّشتُ مَنزِلَهُ فَلَمْ أجِدْ فيهِ إلّا المَصاحِفَ والأدعِيَةَ وكُتُبَ العِلمِ، فَعَظُمَ في عَينِي، وَتَوَلَّيتُ خِدمَتَهُ بِنَفسِي.
ظَلَّ الإمامُ عَليهِ السَّلامُ يَرزَحُ تَحتَ ظُلمِ المُتَوَكِّلِ وَمَنْ بَعدَهُ مِنْ حُكَّامِ الجورِ بِشَتّى الوسائلِ والحِيَلِ للإيقاعِ بالإمامِ، مُتَّخِذِينَ كُلَّ وَسيلَةٍ طَريقًا لإقصاءِ أهلِ البَيتِ وَمَنعِهِم حَقَّهُم الربَّانِيَّ ودَورَهُمُ الطبيعيَّ لقِيادَةِ النّاسِ إلى جَادَّةِ الطريقِ القَويمِ.
حَتّى خَتَمَها مَسمُومًا على يَدِ المُعتَزِّ العَبّاسِيِّ ليُدفَنَ في دَارِهِ بِسَامراءَ مُحتَسِبًا شَهيدًا.







زيد علي كريم الكفلي
منذ ساعتين
العالَم يُكرِّم بابل الحَضارة والتَّاريخ، نَحْنُ والتَّاريخ والوَاقِع
لماذا كان الزلزال في تركيا وسوريا من أقوى الزلازل في التاريخ؟
خطة فرض التعليم
EN