1

بمختلف الألوان
حاول بنو أُميَّة (لعنهم الله) بكلِّ ما يملكون من تجبّر وطغيان إركاع الثورة الحسينية بإركاع رموزها، وما انفكوا يقرعون طبول الغدر والخيانة ليجتمع الناس حولهم بغية ردع الثورة وقهر الثوار، ولكنَّ مشيئة الله كانت هي الأقوى لإعلاء كلمة الحقِّ ونصرة الدين وفضح الباطل، ومن الرموز التي حاول الأُمويون قهرها... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
نهض الحسين لكي لا يبقى الفساد سيدا
عدد المقالات : 337
حسن الهاشمي
هل نحن نعيش بحكم العادة أم بحكم التجدد معظمنا يعيش بحكم العادة، ومن المعلوم ان العادة جعلت عالمنا محدودًا، وحركتنا محدودةً، والدنيا التي نتحرك فيها أيضًا محدودة، والانسان بطبعه ميال الى الدعة، يريد أن تكون حياته محدودةً ضيقةً، حتى لا يتعب، يتكرر عنده الروتين في كل لحظة، نوم وأكل ووظيفة وترفيه ومجالسة الاصدقاء، اضافة الى انه يمشي في نفس الشارع كل يوم، ويجلس على نفس المكتب، ويقابل نفس الوجوه، هكذا هو يعيش في دوامة مملة قد ضيّق الدنيا عليه، وخنق نفسه، وإذا حاول الهرب؛ فإنّه يضع لنفسه قيودًا أُخرى جديدة.
أما التجدد هو ديدن الشعوب الحرة التي تُريد حريتها في اختيار إرادتها، وفي أن تصحوا وتنام على الجنب الذي يُريّحها، ولا يريّحها إلا الحرية، ولا يريّحها إلا محاربة الظلم والفساد، ولا يريّحها الا كلمة حق ضد سلطان جائر، ولا يريّحها الا ان تهتف ضد الفاسد: كلا كلا للفاسد، كلا كلا للباطل، كلا كلا للظالم، هكذا تعلمت من الامام الحسين عليه السلام عندما صدح صوته أمام ظلم وفساد يزيد قائلا: "مثلي لا يبايع مثله".
في حياتنا اليومية أحداث صغيرة؛ ولأنّها صغيرة فإنّنا لا نلتفت إليها، ولا نستخرج معانيها العميقة، الفاسد يقيم العزاء لسيد الشهداء ليغطي على فساده، ربما تنطلي هذه الحالة على السذج من الناس أو الانتهازيين والنفعيين منهم، بيد انها تحمل بين طياتها معاني عميقة أبسطها الخيانة، والا كيف يسمي نفسه حسينيا وهو يتطاول على بيت المال ويعيش في القصور الفخمة ويركب السيارات الفارهة من أموال السحت والحرام وحوله أكباد تحن الى القد يا لها من مفارقة مضحكة مبكية، انها حياة يزيدية بمظاهر حسينية، وهذا هو النفاق بعينه.
لا يزال الإنسان يُحطّم الأصنام، لكنّه قبل أن يُحطّمها فهو يصنعها، ويجعلها صورةً لمستقبله، وأحلامه البعيدة، ناقشونا ليس بالشتيمة ولا بالعصا، فلا يُغيّر الرأي إلا الرأي، ولا يفل الحديد إلا الحديد، ولا يقطع الماس إلا الماس، ولا يقطع دابر الفساد إلا المواجهة، ثمة معسكران، معسكر الاصلاح ومعسكر الفساد، معسكر الحسين ومعسكر يزيد، فالإنسان اما ان يكون مع معسكر الحسين حيث العبادة والقناعة والاصلاح، واما ان يكون مع معسكر يزيد حيث البطر والشرور والفساد، هذا منطق الحسين وذاك منطق يزيد، ومحاولة الخلط بين المفهومين خدمة لأجندات حزبية وشخصية باتت مفضوحة وانها اسطوانة مشروخة لا تنطلي على أمة يجري في دمها حب الحسين، وتحاول جاهدة المضي في تحقيق اهداف الثورة الحسينية على ارض الواقع.
كل يوم أكتشف شيئًا جديدًا في نفسي، فأنا ما أزال غارقًا في أعماقي، لم أفلح في أن أخرج منها بعد، ولكنّي أعتقد أنّني سوف أستطيع، لا بد أن يكون السبب هو عبارة قرأتها قديمًا تقول: اعرف نفسك أولًا، وبعدها تستطيع أن تفهم الناس بشكلٍ صحيح، ولكن المشكلة أنّني أُحاول أن أعرف نفسي؛ فلم أجدني قد نجحت كثيرًا، فكيف أعرف الناس يقولون ان أطول حب في الدنيا حب الإنسان لنفسه، ولكني أقول ان أطول حب في الدنيا حب الإنسان لدينه، فهو الذي يضحي بنفسه من أجل اسعاد الآخرين، هذا هو الحب الحقيقي الذي تعلمناه من الامام الحسين الذي اضحى ايقونة الأحرار في العالم يستلهمون منه معنى السعادة الحقيقي في قوله: (ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقا، فاني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - ص ٣٨١.
وإذا كانت السعادة هي الغاية التي يُريدها كل إنسان، فإنّ أحدًا لا يعرف بالضبط ما تعنيه كلمة السعادة، إنّها مثل الصحّة نحسّها، ولا نعرف ما هي، إنّها مثل الكهرباء نعرفها، ولا نراها، فالسعادة ليست برتقالةً نقطفها، ونقشرها، ونأكلها بعد ذلك، إنّها مجموعة أشياء معًا، فالسعادة هي المعنى الحقيقي للانتظار الايجابي، أن توطّن نفسك للحق وتصلحها لتغيير الواقع الفاسد، لا ان تنزوي جانبا وتطلب الفرج بالدعة والراحة والاتكال، فهذا لعمري في الفعال قبيح، فالإمام الحسين تحمّل المسؤولية ووقف امام الباطل وقدم الغالي والنفيس في سبيل المحافظة على القيم والاهداف الكريمة، انه تصدى بنفسه لهذه المهمة الصعبة ولم يوكل الأمر الى غيره، وتصدي المعصوم لمكافحة الظلم والفساد هو حجة علينا، ونحن نعيش زمن الغيبة من المفترض ان نسير على هذا النهج لا ان ننزوي ونقول ان الامام المهدي هو الذي يخرج ويقضي على الفاسدين، هذا منطق معوج وسقيم، فالانزواء خيانة للدين والمجتمع ونكوص عن النهوض بواجب التصدي للمنكر ومكافحة الظلم والفساد، فالله تعالى لا يغير ما بقوم من ظلم وفساد حتى يغيروا ما بأنفسهم من استعداد لمواجهة الظلم بكل ما اوتوا من قوة.
الامام الحسين أبي الضيم قطع المسافات البعيدة وعرّض نفسه واهل بيته للمخاطر والمهالك حتى يحررنا من الظلم والفساد والشرور والباطل، حتى يخرجنا من العبودية الى الانسانية، من الفساد الى الاصلاح، من الشرور والبطر الى الفضيلة والشكر، إنّها صورة لا نحبها من القلق والخوف وشيء من الذلّ تراودنا، ومقاومة خفيفة يُمكن أن نُسميها الأمل يبعثها في نفوسنا الامام الهمام، وما بين تلك وذينك يبقى الامام هو الملهم المخلص الذي جعله الله لنا مشعل هداية لاستنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة.
المرجعية الدينية الرشيدة طالما نادت بالإصلاح، نادت وتنادي بمقاطعة الفاسدين، هل لبينا نداء المرجعية، أم بقي الكثير منا اما ساكت عن الفساد او انه يهتف باسمهم ويعظمهم حتى ظن أهل الباطل بهذا التكريم انهم على حق، ولولا هذا الاصطفاف حول الفاسدين لما تمادوا في ظلمهم وفسادهم، والحقيقة التي لا غبار عليها ان مقاطعة الفاسدين وفضحهم على رؤوس الاشهاد مهمة عظيمة، عساها ان تكبح جماح ظلمهم وترجعهم الى رشدهم ان كان قد بقي عندهم رشد، أو البعض يذل نفسه امام الفاسد لكي يستفيد منه بعض فتات السرقة وهو بذلك اركس نفسه في الفساد وشجع الفاسد على فساده اكثر واكثر، والامام الحسين عليه السلام خرج لكي يخرجنا من هذه العبودية ويخرجنا من الخنوع امام الفاسدين عندما هتف بأوساطنا "كفى بك ذلا ان تعيش وترغما".
الامام الحسين عليه السلام امانة في اعناقنا اينما كنا في السوق في الجامع في الحسينية في الجامعة في المدرسة في البيت في الدائرة، عندما نبكي على الامام الحسين يجب ان نجعل بوابة النعي مدخلا الى بوابة الوعي، وان نكرّس مفهوم الحسين عبرة ـ بالفتح ـ وعبرة ـ بالكسر ـ على أرض الواقع، لا ان نبقى نراوح مكاننا في بوابة النعي، والظلم والفساد يلفنا من كل حدب وصوب، ينبغي ان نخرج من مستنقع الذل والهوان التعس لندخل الى دوحة الوعي من أوسع أبوابها.
قبل ان نغيّر الثياب من الملونة الى السواد لابد ان نغيّر النفوس التي تصدعت بخراب الدنيا، قبل ان نرفع الرايات وهي رايات عز وشرف وشموخ يجب ان نرفع الحقد والحسد من قلوبنا، قبل ان نلطم الصدور لابد ان نلطم وجه الظالم والفاسد لردعه عن الظلم والفساد والاستهتار بالقيم والمقدسات، قبل ان نبكي على مصيبة الحسين عليه السلام لابد ان نبكي على وضعنا الفاسد وما يؤول اليه من ضياع وهلاك، وقبل ان ننهض لإقامة مجالس العزاء لابد ان ننهض لكي يبقى الاصلاح سيدا والفساد مهانا، فالشعائر الحسينية ينبغي ان تكون اداة فاعلة في التغيير لا في التثبيط، فهل من مدّكر.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/09/17م
لقد أسقط السيد محمد باقر الصدر قدس سره بنظريته الاستقرائية في الاحتمالات صرح الماركسية يوم كانت تتسيّد الساحة الفكرية وتبشّر بحتمية انتصارها. واليوم، ونحن في عالمٍ ما بعد الحرب الباردة، نجد أنّ البرهان نفسه لا يزال يمدّنا ببصيرته النافذة. فالماركسية لم تسقط وحدها، بل سقطت معها كل النظريات التي... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/09/17م
حسن الهاشمي القِيَم جمع قِيمة، وهي المبادئ أو المعايير الأخلاقية والسلوكية التي تُوجّه سلوك الأفراد والمجتمعات، وتُعبّر عمّا يعتبره الناس جيدا، مرغوبا، أو صائبا، يعضده في ذلك التفاعل الفطري الداخلي والانسجام الرسالي الخارجي، لما لتلك القيم من حوافز جوهرية في تكامل الانسان وازدهاره ليس في حياته... المزيد
عدد المقالات : 337
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/09/14م
في عصرِ الصِّراعِ الخفيّ، حيثُ تُخاضُ المعاركُ بِلا دويٍّ ولا دخان، تتحوَّلُ الشَّاشاتُ إلى ساحاتٍ، والبياناتُ إلى أسْلحة، والنَّفوسُ إلى غنائم. ها هو العراقُ اليومَ يغرقُ في محيطٍ رقميٍّ هائل، تُفتَحُ فيه نوافذُ أرواحِ أبنائِه على مِصْراعيها أمامَ عيونٍ لا تَنَام، تَرصُدُ كلَّ نَبضةٍ، تَتبَّعُ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/09/14م
أكفٌ أمينة تعانق آمال الوطن م. طارق صاحب الغانمي في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز... المزيد
عدد المقالات : 27
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 شهر
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء الخامس والخمسون: الواقع كما لا يمكننا تخيله: ثلاث فرضيات ولا يقين الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 16/9/2025 القراء الذين وصلوا إلى هذه المرحلة من قراءة جميع المقالات السابقة ربما يشعرون بشيء من الارتباك أو... المزيد
اضطراب طيف التوحد (ASD) هو حالة مرضية تؤثر على طريقة التواصل والسلوك وفهم العالم وتظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة. تشير الدراسات الحديثة إلى زيادة عدد حالات التشخيص ففي عام 2022 تم تشخيص حوالي 1 من كل 31 طفل في الولايات المتحدة مقارنة بنسبة أقل بكثير... المزيد
تمثل الموازنة الخارطة المالية للدولة في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة وفق المنهاج الوزاري الذي ترسمه الحكومة للوزارات بشكل عام. إذا ما كانت مسيرة الموازنة منسجمة مع المنهاج الوزاري هذا يدل على امتلاك الحكومة القدرة على تنفيذ منهاجها الذي رسمته... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
علماء السنة يقولون ما أخذنا العطاء حتى...
عبد العباس الجياشي
2024/12/20م     
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/07/29
أصدر قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة دليلًا قصصياً بعنوان "المهمة وقصص أخرى". ويضمّ الكتاب الذي أشرف على...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي الهادي (عليه السلام)
2025/07/29
( خيرٌ من الخيرِ فاعله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com