1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
نهض الحسين لكي لا يبقى الفساد سيدا
عدد المقالات : 329
حسن الهاشمي
هل نحن نعيش بحكم العادة أم بحكم التجدد معظمنا يعيش بحكم العادة، ومن المعلوم ان العادة جعلت عالمنا محدودًا، وحركتنا محدودةً، والدنيا التي نتحرك فيها أيضًا محدودة، والانسان بطبعه ميال الى الدعة، يريد أن تكون حياته محدودةً ضيقةً، حتى لا يتعب، يتكرر عنده الروتين في كل لحظة، نوم وأكل ووظيفة وترفيه ومجالسة الاصدقاء، اضافة الى انه يمشي في نفس الشارع كل يوم، ويجلس على نفس المكتب، ويقابل نفس الوجوه، هكذا هو يعيش في دوامة مملة قد ضيّق الدنيا عليه، وخنق نفسه، وإذا حاول الهرب؛ فإنّه يضع لنفسه قيودًا أُخرى جديدة.
أما التجدد هو ديدن الشعوب الحرة التي تُريد حريتها في اختيار إرادتها، وفي أن تصحوا وتنام على الجنب الذي يُريّحها، ولا يريّحها إلا الحرية، ولا يريّحها إلا محاربة الظلم والفساد، ولا يريّحها الا كلمة حق ضد سلطان جائر، ولا يريّحها الا ان تهتف ضد الفاسد: كلا كلا للفاسد، كلا كلا للباطل، كلا كلا للظالم، هكذا تعلمت من الامام الحسين عليه السلام عندما صدح صوته أمام ظلم وفساد يزيد قائلا: "مثلي لا يبايع مثله".
في حياتنا اليومية أحداث صغيرة؛ ولأنّها صغيرة فإنّنا لا نلتفت إليها، ولا نستخرج معانيها العميقة، الفاسد يقيم العزاء لسيد الشهداء ليغطي على فساده، ربما تنطلي هذه الحالة على السذج من الناس أو الانتهازيين والنفعيين منهم، بيد انها تحمل بين طياتها معاني عميقة أبسطها الخيانة، والا كيف يسمي نفسه حسينيا وهو يتطاول على بيت المال ويعيش في القصور الفخمة ويركب السيارات الفارهة من أموال السحت والحرام وحوله أكباد تحن الى القد يا لها من مفارقة مضحكة مبكية، انها حياة يزيدية بمظاهر حسينية، وهذا هو النفاق بعينه.
لا يزال الإنسان يُحطّم الأصنام، لكنّه قبل أن يُحطّمها فهو يصنعها، ويجعلها صورةً لمستقبله، وأحلامه البعيدة، ناقشونا ليس بالشتيمة ولا بالعصا، فلا يُغيّر الرأي إلا الرأي، ولا يفل الحديد إلا الحديد، ولا يقطع الماس إلا الماس، ولا يقطع دابر الفساد إلا المواجهة، ثمة معسكران، معسكر الاصلاح ومعسكر الفساد، معسكر الحسين ومعسكر يزيد، فالإنسان اما ان يكون مع معسكر الحسين حيث العبادة والقناعة والاصلاح، واما ان يكون مع معسكر يزيد حيث البطر والشرور والفساد، هذا منطق الحسين وذاك منطق يزيد، ومحاولة الخلط بين المفهومين خدمة لأجندات حزبية وشخصية باتت مفضوحة وانها اسطوانة مشروخة لا تنطلي على أمة يجري في دمها حب الحسين، وتحاول جاهدة المضي في تحقيق اهداف الثورة الحسينية على ارض الواقع.
كل يوم أكتشف شيئًا جديدًا في نفسي، فأنا ما أزال غارقًا في أعماقي، لم أفلح في أن أخرج منها بعد، ولكنّي أعتقد أنّني سوف أستطيع، لا بد أن يكون السبب هو عبارة قرأتها قديمًا تقول: اعرف نفسك أولًا، وبعدها تستطيع أن تفهم الناس بشكلٍ صحيح، ولكن المشكلة أنّني أُحاول أن أعرف نفسي؛ فلم أجدني قد نجحت كثيرًا، فكيف أعرف الناس يقولون ان أطول حب في الدنيا حب الإنسان لنفسه، ولكني أقول ان أطول حب في الدنيا حب الإنسان لدينه، فهو الذي يضحي بنفسه من أجل اسعاد الآخرين، هذا هو الحب الحقيقي الذي تعلمناه من الامام الحسين الذي اضحى ايقونة الأحرار في العالم يستلهمون منه معنى السعادة الحقيقي في قوله: (ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقا، فاني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - ص ٣٨١.
وإذا كانت السعادة هي الغاية التي يُريدها كل إنسان، فإنّ أحدًا لا يعرف بالضبط ما تعنيه كلمة السعادة، إنّها مثل الصحّة نحسّها، ولا نعرف ما هي، إنّها مثل الكهرباء نعرفها، ولا نراها، فالسعادة ليست برتقالةً نقطفها، ونقشرها، ونأكلها بعد ذلك، إنّها مجموعة أشياء معًا، فالسعادة هي المعنى الحقيقي للانتظار الايجابي، أن توطّن نفسك للحق وتصلحها لتغيير الواقع الفاسد، لا ان تنزوي جانبا وتطلب الفرج بالدعة والراحة والاتكال، فهذا لعمري في الفعال قبيح، فالإمام الحسين تحمّل المسؤولية ووقف امام الباطل وقدم الغالي والنفيس في سبيل المحافظة على القيم والاهداف الكريمة، انه تصدى بنفسه لهذه المهمة الصعبة ولم يوكل الأمر الى غيره، وتصدي المعصوم لمكافحة الظلم والفساد هو حجة علينا، ونحن نعيش زمن الغيبة من المفترض ان نسير على هذا النهج لا ان ننزوي ونقول ان الامام المهدي هو الذي يخرج ويقضي على الفاسدين، هذا منطق معوج وسقيم، فالانزواء خيانة للدين والمجتمع ونكوص عن النهوض بواجب التصدي للمنكر ومكافحة الظلم والفساد، فالله تعالى لا يغير ما بقوم من ظلم وفساد حتى يغيروا ما بأنفسهم من استعداد لمواجهة الظلم بكل ما اوتوا من قوة.
الامام الحسين أبي الضيم قطع المسافات البعيدة وعرّض نفسه واهل بيته للمخاطر والمهالك حتى يحررنا من الظلم والفساد والشرور والباطل، حتى يخرجنا من العبودية الى الانسانية، من الفساد الى الاصلاح، من الشرور والبطر الى الفضيلة والشكر، إنّها صورة لا نحبها من القلق والخوف وشيء من الذلّ تراودنا، ومقاومة خفيفة يُمكن أن نُسميها الأمل يبعثها في نفوسنا الامام الهمام، وما بين تلك وذينك يبقى الامام هو الملهم المخلص الذي جعله الله لنا مشعل هداية لاستنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة.
المرجعية الدينية الرشيدة طالما نادت بالإصلاح، نادت وتنادي بمقاطعة الفاسدين، هل لبينا نداء المرجعية، أم بقي الكثير منا اما ساكت عن الفساد او انه يهتف باسمهم ويعظمهم حتى ظن أهل الباطل بهذا التكريم انهم على حق، ولولا هذا الاصطفاف حول الفاسدين لما تمادوا في ظلمهم وفسادهم، والحقيقة التي لا غبار عليها ان مقاطعة الفاسدين وفضحهم على رؤوس الاشهاد مهمة عظيمة، عساها ان تكبح جماح ظلمهم وترجعهم الى رشدهم ان كان قد بقي عندهم رشد، أو البعض يذل نفسه امام الفاسد لكي يستفيد منه بعض فتات السرقة وهو بذلك اركس نفسه في الفساد وشجع الفاسد على فساده اكثر واكثر، والامام الحسين عليه السلام خرج لكي يخرجنا من هذه العبودية ويخرجنا من الخنوع امام الفاسدين عندما هتف بأوساطنا "كفى بك ذلا ان تعيش وترغما".
الامام الحسين عليه السلام امانة في اعناقنا اينما كنا في السوق في الجامع في الحسينية في الجامعة في المدرسة في البيت في الدائرة، عندما نبكي على الامام الحسين يجب ان نجعل بوابة النعي مدخلا الى بوابة الوعي، وان نكرّس مفهوم الحسين عبرة ـ بالفتح ـ وعبرة ـ بالكسر ـ على أرض الواقع، لا ان نبقى نراوح مكاننا في بوابة النعي، والظلم والفساد يلفنا من كل حدب وصوب، ينبغي ان نخرج من مستنقع الذل والهوان التعس لندخل الى دوحة الوعي من أوسع أبوابها.
قبل ان نغيّر الثياب من الملونة الى السواد لابد ان نغيّر النفوس التي تصدعت بخراب الدنيا، قبل ان نرفع الرايات وهي رايات عز وشرف وشموخ يجب ان نرفع الحقد والحسد من قلوبنا، قبل ان نلطم الصدور لابد ان نلطم وجه الظالم والفاسد لردعه عن الظلم والفساد والاستهتار بالقيم والمقدسات، قبل ان نبكي على مصيبة الحسين عليه السلام لابد ان نبكي على وضعنا الفاسد وما يؤول اليه من ضياع وهلاك، وقبل ان ننهض لإقامة مجالس العزاء لابد ان ننهض لكي يبقى الاصلاح سيدا والفساد مهانا، فالشعائر الحسينية ينبغي ان تكون اداة فاعلة في التغيير لا في التثبيط، فهل من مدّكر.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 14 ساعة
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 14 ساعة
2025/06/30م
موسوعة "مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة": المؤلّفون: اشترك في تأليفها جمعٌ من الباحثين والمحققين من أهل الخبرة في قضايا السيرة الحسينية، فكانت ثمرة جهد علمي جماعي، نُسجت فصوله على امتداد ستة أجزاء محورية، خُتمت بمجلد سابع يضم الفهارس التفصيلية، من إعداد السيد هاني الرضويان. محتواها... المزيد
عدد المقالات : 127
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 14 ساعة
2025/06/30م
ـ من أنت ـ أبو وهب بن عمرو الصيرفي الكوفي ـ ماهي مهنتك ـ قاض ـ أين تسكن ـ أسكن في بغداد،في محلة الكرخ ـ لماذا حملت القصبة ودرت في الأسواق مدعيا الجنون ـ آه... ذلك أفضل وأسلم من أن أشترك في معاداة محمد وآل محمد،وأسهم في إصدار فتوی باغتيـ.ال الإمام موسی بن جعفر ـ من طلب منك ذلك ـ هارون الرشيـ.د أراد أن... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 14 ساعة
2025/06/30م
يوم الجمعة المصادف 20 حزيران-2025 يوم تاريخي الصراع الاسلامي الصهيوني حيث قامت الجمهورية الاسلامية الايرانية باذلال واهانة الكيان الصهيوني المدعوم من أمريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وباقي الشلة الغربية انها اهانة غير مسبوقة جعلت المراقبين الغربيين في حيرة من أمرهم وهم يتساءلون: يا ترى كيف تكون... المزيد
عدد المقالات : 10
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/06/09م
ظمأ وعشق ( قصة مبعوث الحسين مسلم بن عقيل ) *( رسائل ومبعوث) لَحِقَ الأمَّةَ عارٌ بعد تسلّم يزيد الخلافة ممَّا دعا أهل الكوفة الى إرسال الرسائل المتكررة لابن بنت رسول الله في المدينة أرسلوا له الدعوة يحملونه المسؤولية أَمام الله والأمَّة إنْ تأخر عن إنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم. تمهل الإمامُ... المزيد
عدد المقالات : 381
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 اسابيع
2025/06/02م
بقلم زيد علي كريم الكفلي جلست وحدي في غرفتي الصغيرة وجلس معي طيرا توقف عن الطيران... شاهدت بصيص شعاع نور أنار ظلامي أخذت أتأمله طويلا... سمعت صوته يحوم في أزقة أفكاري إلى متى وأنت تجلس في هذا الظلام بحثت عنه في كل الظلمات... في وراء النجمات... في أوراق الزمن الماضي... رأيت صورته المعلقة على جدران قلبي... المزيد
عدد المقالات : 85
علمية
وهي عبارة عن موجات مائية عملاقة يُمْكِنُ أن تنتقل بسرعة عبر المحيطات ، وهوامشها الساحلية يترتب عليها تأثيرات بيئية كبيرة في المناطق التي تحدث فيها، إن ظاهرة الأمواج المائية العملاقة Tsunami الشاملة التي حدثت في عام ١٩٤٦ في المحيط الهادي ، والحدوث... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء السابع عشر: الإلكترون الذي يعزف نغمة طاقته الخاصة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 27/6/2025 في عام 1911، اقترح دي برولي أنه إذا كانت الموجات يمكن أن تمتلك خصائص جسيمية، فمن المعقول أيضًا أن تمتلك الجسيمات خواص... المزيد
في الثالث عشر من يونيو عام 1903، جلس العالمُ ساكنًا، لكنه لم يكن صامتًا، كانت قاعة الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم مزدانة بعبق المجد الحقيقي، إذ وقف الحاضرون على أقدامهم تحيةً لامرأة لم يعرفوا لها مثيلًا: ماري سكلودوفسكا كوري، العالمة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com