Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
ساقِي العَطَاشَى

منذ سنتين
في 2023/08/09م
عدد المشاهدات :3566
وَرَدَ فِي بَعضِ المَقَاتِلِ أنَّ أمِيرَ المُؤمِنِينَ كَانَ جَالِسَاً وَإلَى جَنبِهِ الحَسَنُ وَالحُسَينُ (عليهما السلام) وإلى جَنبِهِم أبُو الفَضلِ (عليه السلام) فَعَطِشَ الحُسَينُ وَاحتَاجَ إلى المَاءِ وَأبُو الفَضلِ العَبَّاس لا تَخفَى عَلَيهِ مِثلُ هَكذَا مَواقِف، التَفَتَ وَأدرَكَ أنَّ الإمَامَ الحُسَينَ عَطشَانٌ فَقَامَ وَهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ وَأقبَلَ إلى أمِّهِ أمِّ البَنِينِ فَقَالَ: يَا أمَّاه إنَّ سَيِّدِي الحُسَينَ عَطشَانٌ فَهَل لِي إلى إيصَالِ شَربَةٍ مِنَ المَاءِ العَذبِ إليهِ مِن سبِيل؟ فَقَالَت لَهُ أُمُّهُ بِشَغَفٍ وَشَفَقَةٍ: نَعَم يَا وَلَدِي، فَقَامَت مُسرِعَةً وَأخذَت مَعَهَا قَدَحَاً وَمَلأتهُ بِالمَاءِ العَذبِ لكن لاحِظُوا الأدبَ فَقد وَضَعَت المَاءَ على رَأسِهِ وَقَالَت لَهُ: اذهَب بِهِ إلى سَيِّدِكَ وَمَولاكَ الحُسَين، فَأقَبَلَ العَبَّاسُ (عليه السلام) بِالمَاءِ نَحوَ الإمَامِ (عليه السلام) وَالمَاءُ يَتَصَبَّبُ على كَتِفِهِ؛ لأنَّهُ صَغِيرٌ، فَوَقَعَ عَلَيهِ نَظَرُ أبِيِهِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) وَهُوَ بِتِلكَ الحَالَةِ فَتَذَكَّرَ الإمامُ (عليه السلام) فاجعةَ كربلاء، هذهِ الفاجعة التي ما كانَت تُفَارِقُهُم مُنذُ أن أخبَرَهُم بِهَا رسولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله).
فقالَ وَهُوَ يُخَاطِبُهُ وَدُمُوعُهُ تَقطُرُ على وَجنَتَيهِ: وَلدي عبَّاس أنتَ سَاقِي عَطَاشَى كَربَلاء، وَمُنذُ ذلكَ الحِين أخَذَ سِمَةَ (السَّقَّاء)، وهي شَرَفٌ عَظِيمٌ؛ حَيثُ يَسقِي رَحلَ آلِ مُحَمَّدٍ بِالمَاءِ الذي بِهِ حَيَاةُ الأبدَانِ.
ولَمَّا حَمِيَ الوَطِيسُ فِي عَاشُورَاءَ أبدى العَبَّاسُ (عليه السلام) مَوقِفاً كانَ مَدرسةً فِي الشَّهَامَةِ وَفِي الغَيرَةِ فَبَعدَ أن قَدَّمَ إخوَتَهُ الثَّلاثَةَ للهِ (عزّ وجلّ) جَاءَ إلى الحُسَينِ يَطلُبُ الرُّخصَةَ فِي القِتَالِ وَقَالَ كَلامَاً لا يَفهَمُهُ إلا أصحَابُ القُلُوبِ قَالَ: يا أخي لَقَد ضَاقَ صَدرِي وَسَئِمتُ الحياةَ وَأريدُ أن أطلُبَ ثَأري مِن هؤلاءِ.
فَأوكَلَ إليهِ مُهِمَّةً كانَت أصعَبَ مِنَ القِتَالِ؛ لأنَّ القِتَالَ بِالنِّسبَةِ إليهِ لا شيء؛ فهوَ فَارِسٌ مِغوَارٌ لا يَهمّهُ جَندَلَةُ السّيوف، وكانت المهمّة أن يَأتِي (عليه السلام) بِالمَاءِ إلى الأطفَالِ وَالعِيَالِ، وَالأعداءُ قد وَضَعُوا أربعةَ آلافِ مُقَاتِلٍ يَمنَعُونَ المَاءَ عن جيشِ الحُسينِ.
لِذَا قَالَ الحُسَينُ: "اطلُب لِهؤلاءِ الأطفالِ قليلاً منَ الماءِ".
لاحظوا الحكمةَ فِي التّصرّفِ فَهَذَا الرجلُ الغَيُورُ يُغيثُ كُلَّ مَن يَستَغِيثُ بِهِ، وقد حرَّكَ سيّدُ الشُّهَدَاءِ (عليه السَّلام) هذا الشُّعُورَ عِندَ العَبَّاسِ (عليه السلام) بقوله: "اطلُب لِهؤلاءِ الأطفالِ قليلاً منَ الماءِ" فهو يعلمُ أنَّ العبَّاسَ لَو تَفَرَّغَ لِلقِتَالِ حَطَّمَ هذا الجيشَ الذي أمَامَهُ وهم كانوا يعلمون بهذا.
وعندما وصَلَ (عليه السلام) إلى الماءِ كانَ قلبُهُ كَصَالِيَةِ الجَمرِ، وهنا ظهَرَت مَدرَسَةٌ أخرَى لِلقِيَمِ فقد غَرَفَ (عليه السلام) مِنَ الماءِ وَأدنَاهُ لِفَمِهِ لكي يَشرَبَ لكنّه رَمَى الماءَ مِن يدِهِ وقالَ الأبياتَ المَعرُوفَةَ، وهي مَدرَسَةٌ فِي المَعرِفَةِ وَالبَصِيرَةِ وَالفِدَاءِ وَالوَفَاءِ:
يا نَفْسُ من بعدِ الحسينِ هُوني*** وبعدَهُ لاَ كُنْتِ أنْ تَكوني
هذا حسينٌ واردُ المَـــــــــنون*** وتَشْربينَ بارِدَ المَــــعينِ
تاللهِ ما هذا فِـــــــــــعالُ دِيني *** ولا فِعَالُ صَـادِقِ اليقينِ
"بذلُوا مُهَجَهُم دُونَ الحُسَينِ (عليه السلام)" هُنَا تَتَوَقَّفُ العُقُولُ!! لا يمكن فَهمُهَا إلّا بِالقُلُوبِ؛ لأنَّ الانسانَ الذي قلبه كصاليةِ الجمرِ مِنَ الظمأ لا يتحمّلُ ولا يصبرُ على الماءِ وبُرُودَتِهِ، وَالعَبَّاسُ (عليه السلام) يَأخذُ الماءَ بيدِهِ ولا يشربُ، ونفسُهُ تُنَازِعُهُ إلى الماءِ، والعقولُ تقولُ: لو شربَ (عليه السلام) الماءَ لَكَانَ لَهُ قُدرَةُ المُصَارَعَةِ وَكَسرِ الجَيشِ لَكنَّ العبَّاسَ (عليه السَّلام) يَحسِبُ المَسألَةَ مَسأَلَةَ عِشقٍ وَذَوَبَانٍ فِي المَشرُوعِ الإلهيِّ المُتَمَثِّلِ بِإمَامِ زَمَانِهِ، إنَّه مَدرَسَةٌ عَظيمَةٌ فِي الفَهمِ وَالبَصِيرَةِ.
ولَمَّا ملأ القِربَةَ لِيُوصِلَهَا إلى الخِيَامِ احتَوَشُوهُ مِن كُلِّ جَانِبٍ وَقَطَّعُوهُ بِالسّيوفِ وَلِذَا الإمامُ الحُسَينُ (عليه السلام) لم يَحمِلهُ إلى الخِيَامِ فَمَا يَحمِلُ مِنهُ جَانِب إلا وسَقَطَ الجَانِبُ الآخَرُ، وبهذا واسَى سيِّدَ الشُّهَدَاءِ بَطَرِيقَةِ الشَّهَادَةِ.

اعضاء معجبون بهذا

مجتمع المهاجرين واليوم الدولي للهجرة 18 كانون الأول / ديسمبر
بقلم الكاتب : د.فاضل حسن شريف
جاء في موقع وكالة الامم المتحدة للهجرة: تعمل المنظمة الدولية للهجرة من خلال قسم إدارة الهجرة على وضع التوجيهات والإرشادات الخاصة بالسياسات وذلك عبر صياغة الاستراتيجيات العالمية ووضع المعايير وضبط الجودة وإدارة المعرفة المتعلقة بقطاعات الهجرة "السائدة"، بما في ذلك العمالة والهجرة الميسرة، والهجرة... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان هناك رجل يُدعى سامر، يعمل موظفًا في دائرة الأراضي. كان سامر معروفًا بنزاهته... المزيد
لغة العرب لسان * أبنائك تميز بالضاد لغة العرب نشيدك غنى * حتى البلبل الغراد لغة... المزيد
في زاوية خافتة من بيت بسيط، جلس يوسف يحدق في شجرة الليمون التي غرستها يداه قبل... المزيد
يا هادي الخير لقبت أنت * وأبنك بالعسكرين النجباء يا هادي الخير نشأت على * مائدة... المزيد
الْتَّضَارِيْسُ إِنَّ الْـعُـيُوْنَ الَّـتِـيْ سَـالَـتْ تُـوَدِّعُـكُمْ ... المزيد
كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد يصف قومه...
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها شاهقٌ، وعينيها...
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ...
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...


منذ 5 ايام
2025/12/24
تتجه التجارة العالمية إلى تسجيل مستوى قياسي، في مفارقة لافتة تعكس قدرة التدفقات...
منذ 5 ايام
2025/12/24
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والثمانون: إعادة بناء الفهم العلمي للنسبية...
منذ 7 ايام
2025/12/22
تُعد شلالات آنجل واحدة من أعظم المعالم الطبيعية على كوكب الأرض وأكثرها إثارة...