في كل دورة زمنية على الأرض يستخلف الله تعالى أمة من الأمم لتقوم بدورها ويخوّل لها السلطة والقدرة ويحملها مسؤولية قيادة الامم الاخرى في سبيل إقامة العدل، وهذا ما يسمى سنة الاستخلاف.
والاستخلاف على مرحلتين استخلاف فردي واستخلاف جماعي.
الاستخلاف الفردي: هو استخلاف فرد بعنوان امام وقائد عادل مطيع لله تعالى، يقول تعالى {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26] هذه الآية وغيرها من الآيات التي تبيّن سنة الخلافة الفردية وهي إمامة الأفضلين في المجتمع الإنساني وهؤلاء هم المجموعة الخيّرة التي يستخلفها الله تعالى في الأرض حسب مواصفات بيّنها تعالى كما في قوله {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [النور: 55].
فالمهمة المعهود بها للإمام المستخلف هي هداية الأمة وقيادتها واعدادها للقيام بدور الإمامة الجماعية لإقامة العدل على الأرض كلها وبناء المجتمع العالمي للمتقين، وهنا يأتي النوع الثاني من الاستخلاف وهو الاستخلاف الجماعي وتوضيحه في النقطة الآتية.
النوع الثاني: الاستخلاف الجماعي
ويعني استخلاف الله تعالى لامّة بتمكينها في الارض وترشيحها لقيادة الامم الاخرى شرط أن تصبر على الأذى وتطيع الإمام المستخلف عليها وتثبت على نصرته في سبيل إقامة العدل في جميع أرجاء المعمورة، ومن الآيات التي أشارت الى الاستخلاف الجماعي قوله تعالى { قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 128، 129] فحسب هاتان الآيتان فإن بني اسرائيل تم اختيارهم لقيادة الامم بعد ابتلاءات واختبارات - وهذه أيضا سنة تاريخية سيأتي الكلام عنها -.
ختاما فإن الله تعالى استخلف قائدا للأمة وبعثه اليها ثم استخلف هذه الامة لقيادة العالم فقال سبحانه {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُون} [آل عمران: 110] فذكر ان الامة اخرجت للناس جميعا ولكن بشروط بيّنها جل جلاله في مواضعها، ولكن هذه الأمة انقلبت على الاعقاب بسبب عدم طاعة القائد الولي وهو الرسول الأعظم فجعلوا الحكم لمن لم يوصي له، ولم يطيعوا القائد ولم يتبعوه بما قال فاستمروا بالانقلاب على الاعقاب، والى يومنا هذا نعيش نتائج عدم طاعة القائد وولي الأمر.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN