د. أسعد عبد الرزاق الأسدي
في تجربتي المبتدئة - نسبيا الى سني- في القراءة والمطالعة، ضمن بضع سنوات من الدراسة والبحث، أيقنت أن : كما للكتابة والبحث منهج وضوابط، فإن للقراءة أيضا منهج وأسلوب وقواعد.. ذلك أن القراءة غالبا ما تكون سجينة الذات والانتماء بل وحتى أرضية الإيمان والقناعات.. وقد واجهت صعوبات بالغة حتى وصلت الى (قراءة بعقل محايد) لما اتابعه واصادفه من أقلام تمسكها يد ( الآخر) بل يعد ( عدواً) أحياناً، وهو ما يفضي الى مفترق طرق..
فإما أن أبقى داخل اسوار ( الذات الدينية والمذهبية وحتى العربية) أو أتحرر إلى أن أقرأ (النصوص) على أنها منتج بشري يتوخى العقلانية، فأي كاتب مهما كان يبقى (وهو يكتب) يحاول أن يكون طرحه عقلانيا برهانيا، وحتى تكون القراءة (أي قراءة) منصفة وموضوعية، لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار أن لكل نص (استقلاليته) و( علاقنيته) - ولو نسبيا- بالنحو الذي أجد نفسي قارئا بحق، لا ناقدا أو متصيدا للأخطاء بمجرد إحساسي بمخالفة الكاتب للقناعات القابعة في عقلي، فالقراءة -كما الكتابة- غالبا ما تكتنفها العقد (العقدة من الاخر) و(صعوبة التقبل)، لكنني - وانا اكتب هذه السطور على الأقل- وجدت نفسي أتحرر بعض الشيء من سلطة القناعات الراسخة، -من دون أن أفقد ثوابتي طبعا- لأمارس تفكيرا منعتقاً، يتجاوز اختلاف العقول والأفكار، وهو ما يدعو الى إعادة النظر - بالنسبة لي طبعا- في كل ما قرأته، فكما خالجتني السكينة أثناء قراءة المألوف والمقبول وكما خالجتني الريبة والتوحش من قراءة المخالَف والمرفوض، ففي الحالين لابد من قراءة المألوف والمخالَف بعقل موضوعي ينأى عن اصدار الأحكام المسبقة بقبول المألوف ورفض المخالَف، لتغدو القراءة خالية من شوائب الذات وعقدها المتوارثة، ولتكون القراءة (قراءة بحق) (قراءة مطلقة) بعيدة عن قيود ما أميل إليه بوعي أو لا وعي، أتحرى الحقيقة الكامنة في بعض أجزاء كل (نص) مهما كان منشأه.
وبهذا المنطق يمكن أن أكون قارئا منهجيا ولو بنحو نسبي..
القراءة فن يحوي عناصر الاتزان النفسي أمام النص، ولا ينقاد الى أي مشروعية يتم إسقاطها قسراً على عملية التعاطي الفكري بين العقل (كفاحص مستقل بذاته) والنص ( كبنية فكرية مستقلة بذاتها)، فالأيدولوجيا تحاول غالبا أن تحرف مسار القراءة (كما حرفت مسار الكتابة) عن حدود المعرفة والحوار الانساني، وبخلاف ذلك تغدو ممارسة النظر بالنصوص موصوفة باللاقراءة بل يمكن حينئذ أن نطلق عليها (الضد قراءة)، ولا يعني ذلك مطلقا أني قد خدرت حسي النقدي، فأي قراءة لا تكون مجدية معرفيا إلا بقدر ما تبقى نقدية، لكن للنقد أصوله التي من أهمها أن يكون منطلقا من أرضيات معرفية خالصة ومن ذهنية تلامس الأفكار من دون حواجز أيديولجية ممحقة، ففرق بين القراءة الموضوعية والقراءة الضدية الإلغائية..







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN