Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الـشـهـيد الأول

منذ 8 سنوات
في 2017/07/02م
عدد المشاهدات :5969
الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جمال الدين مكي العاملي المعروف بالشهيد الأول(1)، أحد أبرز فقهاء الشيعة الإمامية، ممن ترك آثاراً واضحة على الفقه الشيعي تجديداً وتطويراً وتنقيحاً، له العديد من التصانيف القيمة التي ما زالت حتى يومنا هذا من الكتب التي يرجع الشيعة إليها في دراسة الفقه والعلوم الشرعية.
ولادته ونشأته:
ولد الشهيد الأول في العام 734 هجرية في جزين في جبل عامل، والدته سيدة علوية من آل معية في العراق. ووالده الشيخ أبو محمد مكي بن محمد بن حامد العاملي الجزيني كان من تلامذة الشيخ نجم الدين طومان(2).
درس على والده الشيخ جمال الدين مكي بن الشيخ محمد شمس الدين بن حامد (أو حمد)العاملي الجزيني(3)، وتلقى عنه مبادئ العربية والفقه، كما تتلمذ الشهيد في جزين على الشيخ (أسد الدين الصائغ) الجزيني أبو زوجته وعم أبيه، وكان هذا عالما كبيرا يتقن ثلاثة عشر علما من العلوم الرياضية.
هجراته العلمية واساتذته:
لم يكتفِ الشهيد الأول بالعلوم التي تلقاها في مسقط رأسه (جزين) وإنما تجاوزها إلى أقطار بعيدة وقريبة في ذلك العهد. وأهم الأقطار التي شد الرحال إليها لتلقي العلم أو الافادة :الحلة وكربلاء وبغداد ومكة المكرمة والمدينة المنورة والشام والقدس.
كانت الحلة آنذاك مركزا من مراكز الحركة العلمية في الأوساط الإسلامية الشيعية، فهاجر الشهيد الأول إليها وهو بعد لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، وأجازه (فخر المحققين) نجل (العلامة الحلي) أن يروي عنه بتاريخ 20 شعبان سنة 751 هـ.
أساتذته في جبل عامل:
والده الشيخ جمال الدين مكي بن الشيخ محمد شمس الدين بن حامد (أو حمد)العاملي الجزيني
الشيخ (أسد الدين الصائغ) الجزيني العاملي أبو زوجته وعم أبيه، وكان هذا عالما كبيرا يتقن ثلاثة عشر علما من العلوم الرياضية، ولم يشتهر لغلبة العلوم الرياضية عليه(4).
أساتذته في الحلة:
1- فخر المحققين ابن العلامة الحلي. 2- الشيخ ابن معية من تلامذة العلامة الحلي
3- السيد عبد المطلب بن السيد مجد الدين بن الفوارس.
4- السيد ضياء الدين عبد الله بن السيد مجد الدين بن الفوارس (وهما ابنا اخت العلامة الحلي).
أساتذته في الشام:
وفي الشام سنة 776 اجتمع الشهيد الأول بالفقيه المحقق (قطب الدين الرازي البويهي تلميذ العلامة الحلي) وقرأ عليه الفلسفة والحكمة.
تلامذته :
السيد أبوطالب أحمد بن القاسم بن زهرة الحسيني
الشيخ جمال الدين أحمد بن النجار صاحب الحاشية على (قواعد العلامة الحلي)
الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن الشهيد الأول، أجازه والده الشهيد(5).
الشيخ ضياء الدين أبوالقاسم علي ابن الشهيد الأول، وله عن أبيه إجازة ويروي عنه الشيخ محمد بن داوود المؤذن العاملي الجزيني(6).
الشيخ عبدالرحمان العتائقي صاحب المؤلفات الكثيرة تلقى عن الشهيد كثيرا من العلوم
السيد بدر الدين الحسن بن أيوب الشهير بابن الاعرج الاطراوي العاملي.
الفقيهة الفاضلة فاطمة المدعوة بست المشائخ، تروي عن أبيها وعن السيد تاج الدين ابن معية إجازة، وكان أبوها يثني عليها ويأمر النساء بالاقتداء بها، والرجوع إليها. وقد عني الشهيد بتربية بنته هذه وتثقيفها فكانت مثال المرأة المؤمنة المثقفة، وكانت موضع احترام وعناية الفقهاء والناس عامة، حتى أنها لما توفيت في قرية جزين حضر تشييعها سبعون مجتهدا من (جبل عامل). ولسنا نملك أثرا فقهيا عن هذه السيدة الجليلة.
الشيخ شرف الدين أبوعبد الله المقداد بن عبد الله المعروف بالفاضل السيوري الحلي. (الفاضل المقداد)
الشيخ محمد بن تاج الدين عبد علي (في بعض المصادر عبد علي أو عبد العالي) الشهير بابن نجدة(7).
الشيخ جمال الدين أحمد بن إبراهيم بن الحسين الكوثراني: من تلامذة الشهيد الأول، وله منه إجازة وصفه فيها بالفقيه الزاهد العابد(8).
الشيخ عز الدين أبو عبد الله الحسين بن علي العاملي: فقيه محدّث قرأ على الشهيد الأول وله من إجازة في العام 757 هجرية(9).
الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن بشارة العاملي الشقراوي الحنّاط(10)، من تلامذة الشهيد الأول وله منه إجازة عام 757 هـ.
مؤلفاته:
له العديد من المؤلفات، امتازت بالتنقيح والتنظيم، وهو أول فقيه إمامي قام بتدوين القواعد الفقهية في تاريخ فقه الشيعة بصورة منهجية. ومن أبرز مؤلفاته:
1- الموجز النفيسي. 2- غاية القصد في معرفة الفصد.
3- كتاب الذكرى. 4- كتاب الدروس الشرعية في فقه الإمامية.
5- كتاب غاية المراد في شرح نكت الإرشاد. 6- كتاب جامع البين من فوائد الشرحين.
7- كتاب البيان في الفقه. 8- رسالة الباقيات الصالحات.
9- اللمعة الدمشقية في الفقه. 10- الاربعون حديثا.
11- الالفية في فقه الصلاة اليومية.
شخصيته وإنجازاته:
كان الشهيد يقوم في وقت واحد بجهد علمي في جزين، ونشاط سياسي في دمشق، وعمل اجتماعي واسع في تنظيم المرجعية في بلاد الشام وخراسان.
تأسيس مدرسة جزين: مع استلام الايوبيين للحكم من الفاطميين بدأت مرحلة من الضمور الكبير للحالة الشيعية في مصر والشام، ثم جاء من بعدهم المماليك عام 648 ليواصلوا نفس السياسة التي مارسها سلفهم الايوبيون في التضييق على الشيعة، وكانت أيامهم من أشق الفترات على شيعة الشام. في مثل هذه الظروف الصعبة حاول الشهيد الأول أن يوصل جبل عامل بمدرسة الحلة وينقل إليها العلم والفقاهة والفكر، ويجعل من جبل عامل مدرسة للفقاهة والثقافة الإمامية مستفيدا من موقعها الجغرافي الذي يمنحها حصانة طبيعية في مقابل تعدي المماليك. وكانت مدرسة (جزين) التي أنشأها الشهيد الأول في جبل عامل البذرة التي نمت فيما بعد وأثمرت واتسعت واستتبعت مدارس فقهية أخرى في مناطق كثيرة من جبل عامل. وازدهرت هذه المدرسة على يد الشهيد وكان يمارس التدريس فيها بنفسه ويعطيها من اهتمامه وجهده ووقته الكثير.
تدوين القواعد الفقهية: وهو أمر جديد في تاريخ الفقه الأمامي. والقواعد الفقهية أحكام كلية تندرج تحت كل منها تطبيقات جزئية من أبواب مختلفة من الفقه أو من باب واحد من أبوابه، وهي كثيرة في أبواب المعاملات والعقود والنكاح والمواريث والعبادات والجنايات وغيرها.
انفتاحه الثقافي والعلمي: عُرف الشهيد الأول بانفتاحه الثقافي والعلمي فقد قرأ على عدد من مشايخ أهل السنة، وروى عن أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة وبغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم. فكان على صله وثيقة بالاتجاهات الفكرية السنية، وعلى معرفة تامة بآرائها وأفكارها، كما كان على صلة وثيقة، ومعرفة تامة بمشيخة الرواية والفقه والكلام عن أعلام السنة، مما يدل على أنه في أسفاره كان يخالط كثيرا من (أقطاب المذاهب الإسلامية) الأخرى، ولم يكن ممن ينطوي فكريا على نفسه.
عمل الشهيد في هذه الفترة على تنظيم علاقة الامة بالفقهاء من خلال شبكة الوكلاء الذين ينوبون عن الفقهاء في تنظيم شؤون الناس في دينهم ودنياهم كما يقومون بجمع الحقوق المالية الشرعية لتوزيعها على مستحقيها بنظر الفقيه. والمعروف أن الشهيد الأول هو أول من أسس هذا التنظيم الذي يربط الفقيه المتصدي بالأمة بواسطة شبكة من الوكلاء، واستمر هذا التنظيم فيما بعد ونمى وتطور على أيدي الفقهاء الذين تصدوا لشؤون الناس إلى اليوم الحاضر.
كان الشهيد يتردد خلال فترة عمله في جزين على دمشق كثيرا، وكان له بيت عامر في دمشق بالعلماء وطلبة العلم. وكان مجلسه هناك حافلا بمختلف الطبقات ومن مختلف المذاهب الأربعة.
وفاته:
وكانت وفاته سنة 786 هجرية، اليوم التاسع من جمادي الأولى، قتل بالسيف ثم صلب ثم رجم وأحرق بدمشق بفتوى القاضي برهان الدين المكي وعباد بن جماعة بعدما سجن سنة كاملة في قلعة الشام.
وكان سبب حبسه وقتله وشاية من رجال (اليالوشي) الذين كتبوا محضرا يشتمل على مقالات شنيعة بحق الشهيد، اتهموه بميله للنصيرية، وإباحته الخمر، وغيرها من الافتراءات بهدف التخلص منه.
شهد بذلك جماعة من سبعين نفرا من رجال اليالوشي، ثم أتوا به إلى قاضي الشام فحبس بداية ثم قتل ثم صلب ورجم ثم أحرق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أنظر ترجمة الشهيد الأول في كتاب أمل الآمل الحر العاملي الجزء 1 - ترجمة رقم 188.
2- راجع ترجمة والد الشهيد الأول في كتاب أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين - المجلد العاشر صفحة 134.
3- أنظر ترجمة والد الشهيد الأول في كتاب أمل الآمل الحر العاملي الجزء 1 - ترجمة رقم 199 - باب الميم.
4- أعيان الشيعة - محسن الأمين - المجلد 3- صفحة 281 - ترجمة رقم 632.
5- انظر ترجمة ابن الشهيد جمال الدين أبو منصور الحسن بن محمد الجزيني - في كتاب أمل الآمل - الحر العاملي - الجزء1 - باب الحاء - ترجمة رقم 58.
6- راجع ترجمته في كتاب أمل الآمل - الحر العاملي - الجزء 1 - باب العين - ترجمة رقم 141.
7- انظر ترجمة ابن نجدة العاملي في تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - باب الميم - ترجمة رقم 358.
8- تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الترجمة رقم 22.
9- تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - باب الحاء - ترجمة رقم 147.
10- ترجمة الشيخ زين الدين الحنّاط - تكملة امل الآمل - السيد حسن الصدر - باب العين - ترجمة رقم 261.

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 20 ساعة
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 20 ساعة
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
منذ 20 ساعة
2025/11/16
في عالم سريع الإيقاع يزداد فيه الضغط والعمل والسهر أصبحت مشروبات الطاقة جزءاً من...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )