أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/الإمام الصادق (عليه السلام)
الكاتب عن
الزعفراني عن الثقفي عن محمد بن إسماعيل ، عن زيد ابن المعدل عن يحيى بن صالح عن
الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن جندب بن عبد الله الأزدي قال : سمعت أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] يقول لأصحابه ، وقد استنفرهم أياما إلى الجهاد
فلم ينفروا : أيها الناس ! إني قد استنفرتكم فلم تنفروا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا ، فأنتم
شهود كأغياب وصم ذوو أسماع ، أتلو عليكم الحكمة ، وأعظكم بالموعظة الحسنة وأحثكم
على جهاد عدوكم الباغين ، فما آتي على آخر منطقي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ ،
فإذا أنا كففت عنكم عدتم إلى مجالسكم حلقا عزين تضربون الأمثال وتتناشدون الأشعار
وتسألون عن الأخبار ، قد نسيتم الاستعداد للحرب وشغلتم قلوبكم بالأباطيل .
تربت أيديكم
اغزوا القوم من قبل أن يغزوكم ! فوالله ما غزي قوم قط في عقر ديارهم إلا ذلوا .
وأيم الله ما
أراكم تفعلون حتى يفعلوا ، ولوددت أني لقيتهم على نيتي وبصيرتي فاسترحت من
مقاساتكم ، فما أنتم إلا كإبل جمة أضل راعيها ، فكلما ضمت من جانب انتشرت من جانب
آخر والله لكأني بكم
لو حمس الوغا وأحم البأس ، قد انفرجتم عن علي بن أبي طالب انفراج الرأس ، وانفراج
المرأة عن قبلها .
فقام إليه
الأشعث بن قيس الكندي فقال له : يا أمير المؤمنين ! فهلا فعلت كما فعل ابن عفان ؟
فقال له عليه
السلام : يا عرف النار ويلك ! إن فعل ابن عفان لمخزاة على من لا دين له ولا حجة
معه ، فكيف وأنا على بينة من ربي [ و ] الحق في يدي ؟ ! والله إن امرأ يمكن عدوه
من نفسه ، يخذع لحمه ويهشم عظمه ويفري جلده ويسفك دمه ، لضعيف ما ضمت عليه جوانح
صدره أنت فكن كذلك إن أحببت ، فأما أنا فدون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفي ، يطير منه
فراش الهام ، وتطيح منه الأكف والمعاصم ، ويفعل الله بعد ما شاء .
فقام أبو أيوب
الأنصاري خالد بن زيد ، صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : أيها الناس
! إن أمير المؤمنين قد أسمع من كانت له أذن واعية وقلب حفيظ ، إن الله قد أكرمكم
بكرامة لم تقبلوها حق قبولها ، إنه نزل بين أظهركم ابن عم نبيكم وسيد المسلمين من
بعده ، يفقهكم في الدين ، ويدعوكم إلى جهاد المحلين ، فكأنكم صم لا تسمعون ، أو
على قلوبكم غلف ، مطبوع عليها ، فأنتم لا تعقلون .
أفلا تستحيون
عباد الله ! أليس إنما عهدكم بالجور والعدوان أمس ! قد شمل البلاء وشاع في البلاد
، فذو حق محروم وملطوم وجهه وموطأ بطنه ، وملقى بالعراء تسفي عليه الأعاصير ، لا
يكنه من الحر والقر وصهر الشمس والضح ، إلا الأثواب الهامدة وبيوت الشعر البالية ،
حتى جاءكم الله بأمير المؤمنين ، فصدع بالحق ، ونشر العدل ، وعمل بما في الكتاب .
يا قوم !
فاشكروا نعمة الله عليكم ولا تولوا مدبرين ، ولا تكونوا كالذين قالوا : سمعنا وهم
لا يسمعون ، اشحذوا السيوف ، واستعدوا لجهاد عدوكم ، فإذا دعيتم فأجيبوا ، وإذا
أمرتم فاسمعوا وأطيعوا ، وما قلتم فليكن ما أضمرتم عليه تكونوا بذلك من الصادقين .
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 34 / صفحة [ 156 ]
تاريخ النشر : 2025-10-26