أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
عن أبي الاغر
التميمي قال: إني لواقف يوم صفين إذ مر بي العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد
المطلب شاك في السلاح على رأسه مغفر وبيده صفيحة يمانية يقلبها وهو على فرس له
أدهم وكأن عينيه عينا أفعى فبينا هو يروض فرسه ويلين في عريكته إذ هتف به هاتف من
أهل الشام يقال له عرار بن أدهم: يا عباس هلم إلى البراز. قال: فالنزول إذا فإنه
أيأس من القفول. قال: فنزل الشامي ووجد وهو يقول:
إن تركبوا فركوب
الخيل عادتنا * أو تنزلون فإنا معشر نزل
قال: وثنى عباس
رجله وهو يقول:
ويصد عنك مخيلة
الرجل * العريض موضحة عن العظم
بحسام سيفك أو
لسانك * والكلم الاصيل كأرعب الكلم
ثم عصب فضلات
درعه في حجزته ودفع فرسه إلى غلام يقال له أسلم كأني أنظر إلى قلاقل شعره ودلف كل
واحد منهما إلى صاحبه قال: فذكرت قول أبي ذويب:
فتنازلا وتواقفت خيلاهما * وكلاهما
بطل اللقاء مخدع
قال ثم تكافحا بسيفهما مليا من نهارهما لا يصل واحد منهما إلى
صاحبه لكمال لامته إلى أن لحظ العباس وهيا [وهنا " خ ل "] في درع الشامي
فأهوى إليه بيده فهتكه إلى ثندوته ثم عاود لمحاولته وقد أصحر له مفتق الدرع فضربه
العباس ضربة بالسيف فانتظم به جوانح صدره وخر الشامي صريعا بخده وسما العباس في
الناس وكبر الناس تكبيرة ارتجت لها الارض فسمعت قائلا يقول من ورائي: * (قاتلوهم
يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم
ويتوب الله على من يشاء) * [14 / التوبة: 9] فالتفت فإذا هو أمير المؤمنين علي
عليه السلام فقال: يا أبا الاغر من المبارز لعدونا ؟ قلت: هذا ابن شيخكم العباس بن
ربيعة قال علي عليه السلام: يا عباس. قال: لبيك. قال: ألم أنهك وحسنا وحسينا وعبد
الله بن جعفر أن تخلوا بمركز أو تباشروا حدثا ؟ قال: إن ذلك لكذلك. قال: فما عدا
مما بدا ؟ قال: أفأدعى إلى البراز يا أمير المؤمنين فلا أجيب جعلت فداك ؟ قال: نعم
طاعة إمامك أولى بك من إجابة عدوك ود معاوية إنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا
طعن في نيطه إطفاء لنور الله * (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون) *
أما والله ليهلكنهم منا رجال ورجال يسومونهم الخسف حتى يتكففوا بأيديهم ويحفروا
الآبار.
[ثم قال:] إن
عادوا لك فعد لي. قال: ونمى الخبر إلى معاوية فقال: الله دم عرار ألا رجل يطلب بدم
عرار ؟ قال فانتدب له رجلان من لخم فقالا: نحن له. قال: إذهبا فأيكما قتل العباس
برازا فله كذا وكذا فأتياه فدعواه إلى البراز فقال: إن لي سيدا أوامره.
قال: فأتى أمير
المؤمنين عليه السلام فأخبره فقال: ناقلني سلاحك بسلاحي فناقله قال: وركب أمير
المؤمنين على فرس العباس ودفع فرسه وبرز إلى الشاميين فلم يشكا أنه العباس فقالا
له: أذن لك سيدك فتحرج أن يقول نعم فقال: * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن
الله على نصرهم لقدير) * [39 / الحج: 22].
قال: فبرز إليه
أحدهما فكأنما اختطفه ثم برز إليه الثاني فألحقه بالأول وانصرف وهو يقول: * (الشهر
الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى
عليكم) * [194 / البقرة: 2] ثم قال: يا عباس خذ سلاحك وهات سلاحي.
قال: ونمى الخبر
إلى معاوية فقال: قبح الله اللجاج إنه لقعود ما ركبته قط إلا خذلت. فقال عمرو بن
العاص: المخذول والله اللخميان لا أنت.
قال: اسكت أيها
الشيخ فليس هذه من ساعاتك. قال: فإن لم يكن فرحم الله اللخميين وما أراه يفعل.
قال: ذلك والله أضيق لحجرك وأخسر لصفقتك.
قال أجل ولولا
مصر لقد كانت المنجاة منها. فقال: هي والله أعمتك ولولاها لألفيت بصيرا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 591 ]
تاريخ النشر : 2025-09-09