أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التقوى والعمل والورع واليقين/اليقين والتوكل والتفويض/الإمام الصادق (عليه السلام)
قال الصادق (عليه السلام) : اليقين يوصل العبد إلى حال سنى ومقام عجيب كذلك أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن عظم شان اليقين حين ذكر عنده ان عيسى (عليه السلام) كان يمشى على الماء فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لو زاد يقينه لمشى الهواء فدل بهذا على أن الأنبياء مع جلالة محلهم من الله كانت يتفاضل على حقيقة اليقين لا غير ولا نهاية بزيادة اليقين على الأبد والمؤمنون أيضا متفاوتون في قوة اليقين وضعفه فمن قوى منهم يقينه فعلامته التبري من الحول والقوة بالله والاستقامة على أمر الله وعبادته ظاهرا وباطنا قد استوت عنده حالتا العدم والوجود والزيادة والنقصان والمدح والذم والعز والذل لأنه يرى كلها عين واحد ومن ضعف يقينه تعلق بالأسباب ورخص لنفسه بذلك واتبع العادات وأقاويل الناس بغير حقيقة والسعي في أمر الدنيا وجمعها وامساكها مقرا باللسان انه لا مانع ولا معطى إلا الله وان العبد لا يصيب الا ما رزق وقسم له والجهد لا يزيد في الرزق وينكر بفعله وقلبه قال الله تعالى (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون) إنما عطف تعالى بعباده حيث اذن لهم بالكسب والحركات في باب العيش ما لم يتعد حدود الله ولم يتركوا فرائضه وسنن نبيه في جميع حركاتهم ولا يعدلوا عن مهجه التوكل ولا يقفوا في ميدان الحرص فاما إذا نسوا ذلك وارتبطوا بخلاف ما حد لهم كانوا من الهالكين الذين ليس معهم في الحاصل إلا الدعاوى الا الكاذبة وكل مكتسب لا يكون متوكلا فلا يستجلب من كسبه إلى نفسه إلا حراما وشبهة وعلامته ان يؤثر ما يحصل من كسبه ويجوع وينفق في سبيل الدنيا ولا يمسك والمأذون بالكسب من كان بنفسه مكتسبا وبقلبه متوكلا وان كثر المال عنده قام كالأمين عالما بان يكون ذلك المال وفوته سواء وان أمسك أمسك لله وان أنفق أنفق فيما امره الله عز وجل ويكون منعها واعطائها لله تعالى .
المصدر : مصباح الشريعة
المؤلف : منسوب للإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)
الجزء والصفحة : ص 177
تاريخ النشر : 2024-06-29