أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام/الامام الصادق عليه السلام
مسعدة بن صدقة
عن أبي عبد الله [عليه السلام] قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس
بالمدينة فقال بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد فإن الله لم يقصم جباري دهر قط
إلا من بعد تمهيل ورخاء ولم يجبر كسر عظم أحد من الامم إلا من بعد أزل وبلاء أيها
الناس وفي دون ما استقبلتم من خطب واستدبرتم من عتب معتبر وما كل ذي قلب بلبيب ولا
كل ذي سمع بسميع ولا كل ذي ناظر عين ببصير.
ألا فأحسنوا
النظر عباد الله فيما يعنيكم ثم أنظروا إلى عرصات من قد أباده الله بعلمه كانوا
على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم فها هي عرصة المتوسمين وإنها
لبسبيل مقيم تنذر من يأتها من الثبور بعد النضرة والسرور ومقيل من الامن والحبور
ولمن صبر منكم العاقبة ولله عاقبة الامور. فواها لأهل العقول كيف أقاموا بمدرجة
السيول واستضافوا غير مأمون. ويسا لهذه الامة الجائرة في قصدها الراغبة عن رشدها
لا يقتفون أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي ولا يؤمنون بغيب ولا يرعوون من عيب كيف ومفزعهم
في المبهمات إلى قلوبهم وكل امرئ منهم إمام نفسه أخذ منها فيما يرى بعرى ثقات لا
يألون قصدا ولن يزدادوا إلا بعدا لشدة أنس بعضهم ببعضهم وتصديق بعضهم بعضا حيادا
كل ذلك عما ورث الرسول ونفورا عما أدى إليه من فاطر السماوات والارضين العليم
الخبير فهم أهل عشوات وكهوف شبهات قادة حيرة وريبة ممن وكل إلى نفسه فاغرورق في
الاضاليل هذا. وقد ضمن الله قصد السبيل " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي
عن بينة وان الله لسميع عليم " [42 / الانفال: 8] فيا ما أشبهها من أمة صدرت
عن ولائها ورغبت عن رعاتها. ويا أسفا أسفا يكلم القلب ويد من الكرب من فعلات
شيعتنا بعد مهلكي على قرب مودتها وتأشّب ألفتها كيف يقتل بعضها بعضا وتحول ألفتها
بغضا. فلله الاسرة المتزحزحة غدا عن الاصل، المخيمة بالفرع، المؤملة الفتح من غير
جهته، المتوكّفة الروح من غير مطلعه، كل حزب منهم معتصم بغصن آخذ به، أينما مال
الغصن مال معه. مع أن الله - وله الحمد - سيجمعهم كقزع الخريف ويؤلف بينهم ويجعلهم
ركاما كركام السحاب يفتح الله لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم إليها كسيل العرم حيث
لم تسلم عليه قارة ولم تمنع منه أكمة ولم يرد ركن طود سنته يغرسهم الله في بطون
أودية يسلكهم ينابيع في الارض ينفى بهم عن حرمات قوم ويمكن لهم في ديار قوم لكيلا
يغتصبوا ما غصبوا يضعضع الله بهم ركنا وينقض به على الجندل من ارم ويملأ منه بطنان
الزيتون.
الخيرة بل لله
الخيرة والامر جميعا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 43 ]
تاريخ النشر : 2025-08-21