أغراض الاستجواب البرلماني
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص 130-131
2025-12-17
36
يعتبر الاستجواب البرلماني وسيلة من وسائل الرقابة الفعالة التي يباشرها البرلمان على الحكومة ، ويقصد من ورائه محاسبتها أو احد الوزراء عن الأمور التي تدخل في اختصاصهم ، وعلى هذا فالاستجواب يختلف عن السؤال ، وذلك لان السؤال لا يقصد منه سوى الاستفسار عن امر مجهول أو ايضاح امر غامض ، أما الاستجواب فهو يعني اكثر من ذلك لأنه يعني المحاسبة بل والاتهام في ذات الوقت وهو نقد للحكومة أو الوزير وتجريح سياستها ، لذلك فإن الاستجواب قد يؤدي الى تحريك مسؤولية الحكومة السياسية عن طريق طرح مسألة الثقة بالحكومة أو الوزير(1). فعضو البرلمان قد تصل الى علمه معلومات هامة تثير بعض الشبهات حول موضوع معين سواء بلغته هذه المعلومات بوسائله الخاصة ، أو كانت نتيجة لسؤال أو طرح موضوع عام للمناقشة أو تحقيق برلماني ، ليستجوب رئيس مجلس الوزراء أو احد الوزراء عن حقيقتها . في حين هناك اراء اخرى تذهب الى إن الاستجواب قد يقصد منه اغراض اخرى غير محاسبة الحكومة أو احد الوزراء ، ومنها رأي يذهب الى إن الغرض من الاستجواب ليس هو النقد ، وإنما هو الكشف عن مخالفة من المخالفات السياسية وإزاء هذه المخالفة لا يتوانى البرلمان في سحب الثقة من الحكومة أو من الوزير المختص أو بمعنى اشمل يستهدف الاستجواب تحريك المسؤولية السياسية ، ولكن قد تخفف هذه المسؤولية اذا وعدت الحكومة بالإصلاح اللازم ، فما يجب إن يكون نصب عين العضو ليس هو النقد أو التجريح إنما هو الرقابة الموضوعية(2). ورأي اخر يعتبر الاستجواب عبارة عن أنذار موجه من اعضاء البرلمان لأحد الوزراء أو الحكومة بقصد تقديم ايضاحات وشروح في احد الأمور المتعلقة بوزارته أو فيما يتعلق بأمور السياسة العامة للحكومة ، وهو ما يثير مناقشات عامة في البرلمان قد تنتهي بطرح مسألة الثقة بالحكومة أو الوزير(3). وفضلا عن اهمية الاستجواب كوسيلة للرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة وضرورة لتحريك مسؤوليتها السياسية سواء كانت الفردية ام التضامنية ، فقد يكون الغرض منه اعتباره وسيلة يستطيع من خلالها الرأي العام الذي يتابع مناقشة الاستجوابات في البرلمان من تقييم اداء الحكومة والبرلمان في آن واحد(4). ونستخلص مما تقدم إن الاستجواب له اغراض متعددة ولكن يبقى الغرض الرئيسي منه هو المحاسبة والاتهام ونقد سياسة الحكومة أو الوزير ، وهذا هو الاتجاه الذي تبنته الانظمة الدستورية المقارنة ، فالنظام الدستوري الكويتي وإن لم ينص على ذلك بشكل صريح لكن التطبيق العملي للاستجواب يثبت ذلك وكذلك اتجاه القضاء الدستوري الكويتي ممثلا بالمحكمة الدستورية(5). وبالنسبة للمشرع الدستوري العراقي فقد تبنى هذا الغرض ايضا في المادة (61/سابعا/ج) من دستور جمهوية العراق لسنة 2005 التي نصت على إن " لعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضوا توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم .. "(6).
_____________________
1- د. عثمان خليل عثمان ، القانون الدستوري ، الكتاب الثاني (النظام الدستوري المصري) ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1955 ، ص 479. وكذلك د. محمود حلمي ، المبادئ الدستورية العامة ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1964 ، ص 288. ود. إبراهيم عبد العزيز شيحا، تحليل النظام الدستوري المصري ، منشأة المعـــارف ، الإسكندرية ،2003 ، ص 302.
2- 2- أيهاب زكي سلام ، الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق - جامعة القاهرة ، 1983، ص 98.
3- د. صلاح الدين فوزي ، النظم السياسية وتطبيقاتها المعاصرة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1998 ، ص 320.
4- د. جابر جاد نصار ، الاستجواب كوسيلة للرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في مصر والكويت ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1999 ، ص 7.
5- مثال ذلك حكمها ذي العدد (8) لسنة 2004 الصادر في 9 اكتوبر 2006 يذهب الى أن " ... حق الاستجواب اساسه القانوني الرغبة في تحقيق المسؤولية السياسية امام المجلس النيابي بطريقة فعالة وكل ما يخرج عن هذا الغرض الاصلي لا محل له في المجلس النيابي ". منشور في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) ، العدد (790) ، السنة (52) ، 15 اكتوبر 2006.
6- بعكس المادة (56) من النظام الداخلي للمجلس التي نصت على أن " لعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضوا توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء أو احد نوابه أو الوزراء ، لتقييم ادائهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم " ، ومن ثم فأن هناك مخالفة واضحة للدستور وذلك لان لفظ (المحاسبة) اكثر دقة من لفظ (تقييم الاداء) للتعبير عن ماهية الاستجواب والغرض منه ، لذا ندعو الى ضرورة ازالة هذه المخالفة بتعديل المادة (56) من النظام الداخلي واحلال لفظة (لمحاسبتهم) بدلا من عبارة (لتقييم ادائهم) . د. حنان محمد القيسي ، رقابة مجلس النواب على أعمال الحكومة (دراسة في الاستجواب البرلماني) ، مجلة الحقوق ، كلية القانون ، الجامعة المستنصرية ، السنة (5) ، المجلد (3) ، العدد (10) ، 2010، ص 40.
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة