اجراءات طرح الثقة بأحد الوزراء
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص163-166
2025-12-17
38
تبدأ تلك الإجراءات بعد الانتهاء من مناقشة الاستجواب الموجه الى الوزير وهي تنقسم الى قسمين ؛ الاول : يتمثل في الإجراءات المتعلقة بكيفية تقديم طلب طرح الثقة بالوزير إلى رئاسة المجلس . والثاني : يتمثل في الإجراءات المتعلقة بكيفية التصويت على هذا الطلب وكالاتي :-
اولا: الإجراءات المتعلقة بتقديم طلب طرح الثقة بالوزير : وهذه الاجراءات نصت عليها المادة (101) من الدستور المذكورة انفا ، وأكدت عليها المادة (143) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بقولها " يجوز أن يؤدي الاستجواب الى طرح موضوع الثقة بالوزير على المجلس ، ويكون طرح موضوع الثقة بالوزير بناء على رغبته أو على طلب موقع من عشرة اعضاء اثر مناقشة الاستجواب الموجه اليه ، وعلى الرئيس قبل عرض الاقتراح أن يتحقق من وجودهم بالجلسة " . وعليه فإن اجراءات تقديم طلب طرح الثقة بأحد الوزراء تتمثل بما يأتي :-
1- يجب أن يقدم طلب طرح الثقة بالوزير الى رئيس المجلس وبشكل مكتوب :- وهذا واضح من نص المادة (101) من الدستور والمادة (143) من اللائحة الداخلية للمجلس اللتان اشارتا الى ضرورة أن يكون الطلب موقع من (10) اعضاء ، وكذلك الحال اذا كان طلب الثقة مقدم من الوزير نفسه(1). ولكن المواد المذكورة لم تبين هل يقدم هذا الطلب شفاهة ام كتابة ؟ والراجح أنه يقدم كتابة وذلك لضمان جديته وسهولة اثباته ، والتوقيع لا يكون الا اذا كان الطلب مكتوبا(2).
2- يجب أن يكون تقديم طلب طرح الثقة بالوزير اثر مناقشة استجواب موجه اليه :- وهذا الشرط مستفاد أيضا من نص المادة (101) من الدستور ، وكذلك المادة (143) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة المذكورتان انفا . ويترتب على هذا الشرط وجوب أن يكون تقديم طلب طرح الثقة بعد انتهاء مناقشة الاستجواب ، لكي يستفيد الوزير من فرصة الدفاع التي يتيحها له الاستجواب والمهلة المقررة له والتي قد تصل الى اسبوعين وليس قبل ذلك(3).
3- يجب أن يقدم الطلب من قبل عشرة من اعضاء المجلس بالأقل (4) أو من قبل الوزير نفسه :- وهذا الشرط نصت عليه أيضا المواد المذكورة(5). وهذا العدد يمثل الحد الادنى لتقديم طلب طرح الثقة بالوزير وليس هناك أي مانع من تقديمه من قبل عدد اكثر من ذلك(6). ويجوز أن يقدم طلب طرح الثقة بناء على رغبة الوزير نفسه ، وذلك اذا اراد أن يتثبت من موقف المجلس وتأييده له ويتأكد بأنه لا يزال محلا لثقته ، وان ما وجه اليه من محاسبة واتهام لم يزعزعا تلك الثقة ، أو ليترك منصبه الوزاري اذا تبين له غير ذلك(7). ومن جهة اخرى يجوز لرئيس مجلس الوزراء أن يطلب الى رئيس الدولة (الامير) اعفاء أحد الوزراء من منصبه(8).
4- يجب أن يتواجد مقدمي الطلب في الجلسة وأن يتحقق رئيس المجلس من ذلك قبل عرضه :- يجب ان يقوم رئيس المجلس بعرض الاقتراح بطرح الثقة على المجلس بمجرد تقديمه ، ولكن قبل ذلك يجب عليه اولا أن يتحقق من وجود مقدميه جميعا في الجلسة وألا سقط(9). لان تغيبهم كلهم أو بعضهم عن تلك الجلسة لا معنى له الا عدم جدية الطلب أو تنازلهم عنه أو عدم قيامه على اسس سليمة ، وهذا الشرط نصت عليه فقط المادة (143) من اللائحة الداخلية للمجلس .
ثانيا : الإجراءات المتعلقة بالتصويت على طلب طرح الثقة بالوزير: وهذه الاجراءات قد نصت عليها المادة (101) من الدستور وأكدت عليها المواد (110 و144 و145) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لسنة 1963وهي تتمثل بما يأتي :-
1- مناقشة موضوع الطلب قبل التصويت عليه :- وهذا الاجراء نصت عليه المادة (145) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بقولها " قبل التصويت على موضوع الثقة ، يأذن الرئيس بالكلام في هذا الموضوع لاثنين من مقدمي الاقتراح بعدم الثقة أو من غيرهم على أن تكون الاولوية لمقدمي الاقتراح بترتيب طلبهم وكذلك اثنين من معارضيه ، ما لم ير المجلس الاذن بالكلام لأكثر من هؤلاء الاعضاء الاربعة " . ويرى البعض بأن ما قررته المادة المذكورة يعد تزيدا لا اساس له على اعتبار أن طرح الثقة بالوزير أنما جاء على اثر مناقشة استجواب ، وتمت اتاحة الفرصة للمؤيدين والمعارضين له بمناقشة موضوعه ، فضلا عن أن هذا الكلام لن يضيف جديدا الى ما سبق أثناء مناقشة موضوع الاستجواب(10). في حين يذهب رأي اخر الى أن ذلك الاجراء لا يعد تزيدا وهو ضروري لبيان المؤيدين والمعارضين كلُ لوجهة نظره ، ولكي يستكمل المجلس فكرته وتتضح لديه وجهات النظر المختلفة ويتسنى له اتخاذ قراره على بينة(11).
2- لا يجوز للمجلس التصويت على الطلب قبل مضي مدة سبعة ايام من تقديمه :- وهذا الاجراء نصت عليه المادة (101) من الدستور وأكدت عليه المادة (144) من اللائحة الداخلية للمجلس ، والغاية من هذا القيد الزمني ، أنها فترة ضرورية لتهدئة النفوس فلا يأتي قرار المجلس بعدم الثقة بالوزير متسرعا ونتيجة لثورة عاطفية ، فيصوت الاعضاء في جو يسوده التفكير الرصين(12).
3- يجب أن يكون التصويت بطريقة المناداة بالاسم وليس برفع اليد :- حيث تنص المادة (110) من اللائحة الداخلية لمجلس الامة على أن " ... يجب اخذ الرأي بطريقة المناداة بالأسماء في الاحوال الآتية : ... (ب) الحالات التي يشترط فيها اغلبية خاصة ... ". ونظرا لكون الاقتراح بطرح الثقة بأحد الوزراء يتطلب اغلبية خاصة ، فالأمر يتطلب الاخذ - استثناء من طريقة التصويت باليد - بطريقة المناداة بالاسم .
4- يجب أن يكون التصويت بأغلبية خاصة وهي الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس ما عدا الوزراء :- الاصل أن مجلس الامة يتخذ قراراته بأغلبية الاعضاء الحاضرين ، وذلك في غير الحالات التي تشترط فيها اغلبية خاصة(13). ومن بين تلك الحالات حالة التصويت على الاقتراح بسحب الثقة من أحد الوزراء(14). وهذا ما نصت عليها المادة (101) من الدستور وأكدت عليها المادة (144) من اللائحة الداخلية لمجلس الامة ، ولا يدخل الوزراء في حساب تلك الاغلبية ، وذلك لان الدستور الكويتي اعتبر الوزراء غير المنتخبين في مجلس الأمة اعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم(15). ولا يشترك في التصويت ايضا الوزراء ولو كانوا من اعضاء المجلس المنتخبين(16). حيث نص الدستور الكويتي على أن تعيين الوزراء يمكن أن يكون من بين اعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم ، أي أنه اجاز الجمع بين عضوية المجلس والحكومة(17). ولكن هناك من ينتقد ذلك ويذهب الى أن الامر في هذه الحالة ليس خصومة قضائية حتى يطبق عليها المبدأ الذي يمنع أن يكون الشخص خصما وحكما في الوقت ذاته لأننا بصدد حكم سياسي ، فمن غير المعقول حرمان الاعضاء من حقهم الطبيعي بالمشاركة في قرارات المجلس سواء تعلقت بهم أو بغيرهم ما دام الامر خارج نطاق الاختصاصات القضائية(18). ويذهب رأي الى أن الدستور باشتراطه سحب الثقة من الوزير بأغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس وليس بأغلبية الحاضرين ، يكون قد جعل الغائبين والممتنعين عن التصويت يحسبون الى جانب الحكومة من الناحية الواقعية ، وكأن الممتنعون قد اعترضوا فعلا على قرار سحب الثقة ، وكذلك الغائبون فكأنهم قد حضروا الجلسة واعترضوا على هذا القرار(19).
_____________
1- ويبلغ عدد اعضاء مجلس الأمة (50) عضوا فضلا عن الوزراء الذين يعتبرون اعضاء في المجلس بحكم وظائفهم . ينظر المادة (80) من الدستور الكويتي لسنة 1962.
2- د. عبد الفتاح حسن ، مبادئ النظام الدستوري في الكويت ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1968 ، ص 377. وكذلك د. محمد باهي أبو يونس ، الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2012. ص 177.
3- د. عثمان عبد الملك الصالح ، النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت ، دون دار نشر ، الكويت ، 1989، ص 721.
4- كفشل طلب طرح الثقة بوزير الصحة (الدكتور محمد احمد الجار الله) في 4/5/2004 ، وذلك لتقديمه من قبل (8) اعضاء فقط ، الفصل التشريعي (10) ، دور الانعقاد (2) ، تاريخ الاستجوابات في الكويت .
5- وأكدت عليه المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي بقولها " .. ولا يجوز طرح الثقة بالوزير الا بناء على رغبته هو أو بطلب موقع من عشرة من اعضاء المجلس (أي خمس الاعضاء) " .
6- كطلب طرح الثقة بوزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الاسلامية (احمد خالد الكليب) المقدم في 4/5/1999 من قبل (20) عضوا ، الفصل التشريعي (9) ، دور الانعقاد (3) ، تاريخ الاستجوابات في الكويت ، المصدر السابق .
7- د. يحيى الجمل ، النظام الدستوري في الكويت مع مقدمة في دراسة المبادئ الدستورية العامة ، مطبوعات جامعة الكويت ، كلية الحقوق والشريعة ، 1970-1971 ، ص 384 . وكذلك د. علي السيد الباز ، السلطات العامة في النظام الدستوري الكويتي ، مجلس النشر العلمي ، جامعة الكويت ، الكويت ، 2006 ، ص 342 .
8- وذلك استنادا للمادة (56) من الدستور التي تنص على أن " يعين الامير رئيس مجلس الوزراء ... ويعفيه من منصبه . كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء ".
9- كسقوط طلب طرح الثقة بوزيرة الدولة لشؤون مجلس الأمة والتخطيط والتنمية (الدكتورة رولا عبد الله دشتي) بعد التحقق من عدم تواجد مقدمي الطلب في الجلسة . ينظر مضبطة مجلس الأمة رقم (1300/أ) المؤرخة في 26 نوفمبر 2013 . منشورة على الموقع الالكتروني لمكتب وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة ، مصدر سابق .
10- د. جابر جاد نصار ، الاستجواب كوسيلة للرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في مصر والكويت ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1999 ، ص 117.
11- د. الندوة العلمية لكلية الحقوق ، جامعة الكويت ، الاستجواب الوزاري (نظرة تقويمية)، مجلة الحقوق ، جامعة الكويت ، السنة الخامسة والعشرون ، ملحق العدد الثاني ، 2001.، ص 26.
12- د. عادل الطبطبائي ، النظام الدستوري في الكويت (دراسة مقارنة) ، مؤسسة دار العلوم ، الكويت ، 1985، ص 822.
13- ينظر المادة (97) من الدستور الكويتي لسنة 1962.
14- وفي ذلك تقول المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي أن " الاغلبية المنصوص عليها في المادتين 101 و102 (وهي اغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء) مقتضاها انه اذا كان عدد الوزراء من اعضاء مجلس الأمة عشرة مثلا فالأغلبية اللازمة لسحب الثقة من الوزير هي اغلبية الاعضاء الاربعين غير الوزراء ، أي وأحد وعشرون صوتا على الاقل " .
15- ينظر المادتان (56 و80) من الدستور الكويتي لسنة 1962.
16- والحكمة من منع الوزراء في الاشتراك في التصويت نصت عليه المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي بقولها " لا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة بأحدهم .... ويشمل هذا الحظر الوزراء جميعا ولو كانوا من اعضاء مجلس الأمة المنتخبين . وحكمة هذا النص ما هو مقرر صراحة أو بحكم الواقع من تضامن الوزراء وتساندهم في مثل هذه المناسبة ، فمنعهم من الاشتراك في التصويت في هذين الامرين يدع مجال البت فيه كاملا لأعضاء مجلس الأمة غير الوزراء " .
17- د. فتحي فكري ، جواز الجمع بين العضوية البرلمانية والوظائف والأنشطة الاخرى ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1994 ، ص 41 وما بعدها.
18- د. سليمان محمد الطماوي ، السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي ، دراسة مقارنة ، معهد الدراسات العربية العليا، القاهرة ، 1967 ، ص 494.
19- ويضرب لذلك المثال الاتي : فاذا كان عدد اعضاء المجلس (40) عضوا (بعد استبعاد الوزراء) وتغيب (5) منهم عن حضور الجلسة وامتنع عن التصويت (10) اعضاء واعترض على قرار سحب الثقة (5) منهم ، في حين صوت الى جانب هذا القرار (20) عضوا ، في هذه الحالة يكون قرار سحب الثقة مرفوضا لأنه لم يحصل على اغلبية الاعضاء الذين يتكون منهم المجلس وهي (21) صوتا ، وهذا لا يحدث فعلا لولا حساب المتغيبين والممتنعين عن التصويت الى جانب الحكومة وكأنهم قد رفضوا القرار . د. عثمان عبد الملك الصالح ، النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت ، دون دار نشر ، الكويت ، 1989 ، ص 722.
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة