القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
البنوة الشرعية عند اختلاف الجنسية
المؤلف:
أحلام جبار محسن
المصدر:
الاثار القانونية لأثبات النسب
الجزء والصفحة:
ص 65-69
2025-06-14
64
لا توجد اشكالية في حالة توافق جنسية الأبوين او احدهما مع الأبن في مسألة البنوة واستحقاق الحقوق المترتبة عنها الا ان الخلاف يثور وتتعقد المسألة عند اختلاف جنسية الأبوين او احدهما مع جنسية الأبن، فندخل هنا في حالة تنازع القوانين والبحث عن القانون الواجب التطبيق على العلاقة، وقد خصص المشرع العراقي والفرنسي النصوص القانونية في القوانين المدنية للإشارة الى القانون الواجب التطبيق عن طريق قواعد الاسناد إذ يمكن الرجوع الى القانون المدني العراقي بخصوص تطبيق القانون المختص في حالة تنازع القوانين (1) .
وقد ظهرت عدة اتجاهات فقهية التي طرحها فقهاء القانون من أجل تطبيق أنسب القوانين في مسألة البنوة في حال اختلاف الجنسية بين الأبوين والصغير ، وقد برزت عدة اتجاهات وهي كالآتي:
الاتجاه الأول : يخضع هذا الاتجاه البنوة الى قانون جنسية الأبن، فهي إحدى صفات الفرد ومن ثم تخضع لقانونه الشخصي او في محل اقامته الاعتيادية وهذا ما اخذت به اتفاقية لاهاي لسنة 1996.
الاتجاه الثاني: ويخضع الاختصاص الى قانون جنسية الأب باعتبار الأب رباً للأسرة وسبباً في وجود الولد . كما ان هذا الاتجاه يضمن وحدة القانون، بالإضافة الى ذلك ان البنوة تعتبر أثراً من آثار الزواج والذي يحكمها قانون جنسية الأب.
الاتجاه الثالث : تطبيق القانون الشخصي للام، إذ يخضع هذا الاتجاه البنوة الشرعية لقانون جنسية الأم، باعتبارها محوراً أساسياً لكل دعاوى البنوة، وما لدور الأم من أهمية بالغة في العلاقات الأسرية، وقد أخذ بهذا الراي المشرع الفرنسي بعد تعديل القانون المدني عام 1972 إذ يعتد بقانون جنسية الأم وقت الميلاد (2).
الاتجاه الرابع : تطبيق القانون الأصلح للابن، إذ تخضع البنوة الشرعية للقانون الذي سوف يؤدي تطبيقه الى ثبوت نسب الأبن، استناداً الى جنسية الأب والأم امام القانون الذي يحكم آثار الزواج (3).
وبعد بيان الآراء والاتجاهات الفقهية القانونية، نتطرق الى بيان موقف المشرعين العراقي والفرنسي في تحديد القانون المختص على البنوة عند اختلاف الجنسية، إذ أعتمد المشرع العراقي بالاتجاه الثاني وكذلك اعتمدته غالبية القوانين العربية والذي يقضي بإخضاع البنوة لقانون جنسية الأب طبقاً لنص الفقرة رابعاً من المادة (19) من القانون المدني العراقي على انه (المسائل الخاصة بالبنوة الشرعية والولاية وسائر الواجبات ما بين الأباء والأولاد يسري عليها قانون الأب) أي قانون جنسية الأب ويستشف من النص أن المشرع العراقي قد نظم البنوة الشرعية فقط والراي الراجح في هذه الحالة هو قانون جنسية الأب وقت ولادة الأبن لأنه من هذه اللحظة يتحقق فيها وجود الأبن المراد إثبات نسبه لابيه، غير أن ضابط الجنسية قد يتغير بالنسبة للاب على سبيل المثال فقد يكون عراقي الجنسية وقت الزواج، ثم يحمل جنسية دولة أخرى عند ميلاد الولد، وقد يتوفى الأب قبل ميلاده فاي قانون يطبق؟
وللجواب على هذا التساؤل نجد أن المشرع العراقي لم يحدد في المادة (19) فقرة رابعاً الوقت الذي يحدد به قانون جنسية الأب. فبعضهم من يرى إخضاع البنوة والاثار المترتبة عنها الى قانون جنسية الأب على اعتبارها أثراً من آثار الزواج (4) ، وذهب راي آخر الى إخضاع البنوة الشرعية الى قانون جنسية الأب وهو الراجح وقت ميلاد الولد علماً أن مسألة إثبات البنوة أو النسب لا تطفو الى السطح ولا تثار فيها المنازعات الا بعد الميلاد وقيام الزوجين في وقت لاحق قبل الولادة الى تغيير جنسيتهما (5).
اما في حال وفاة الأب أو انحلال الزواج اثناء فترة الحمل وقبل الولادة، فسوف يطبق قانون الأب (جنسية الأب) (6)، ومع ذلك يبقى إعطاء الاختصاص في البنوة لجنسية الأب العراقي وذلك وفق المادة 5/19 من القانون المدني العراقي النافذ (7) متى ما كان أحد الزوجين عراقياً وقت الزواج، ولا تأثير لتغيير العراقي جنسيته في اختصاص قانونه بعد الزواج(8).
وعلى خلاف اتجاه المشرع العراقي نجد ان المشرع الفرنسي قد حدد القانون المختص في مسألة البنوة عند اختلاف الجنسية لحل مسألة التنازع المتعلقة بالبنوة وقد تميز موقف المشرع الفرنسي بمروره بمرحلتين المرحلة الأولى قبل صدور قانون رقم (72/3) لسنة 1972 والذي ميز فيها بين قاعدة التنازع التي تحكم البنوة الشرعية عن قاعدة التنازع التي تحكم البنوة الطبيعية حيث اسند البنوة الشرعية الى قانون آثار الزواج واسند البنوة الطبيعية الى القانون الشخصي للولد(9). اما في المرحلة الثانية فهي المرحلة التي تلت التعديل أعلاه (علماً أن تلك المواد قد جرى تعديلها أو الغاء بعضها بموجب قانون رقم (759) لسنة (2005) وقد أورد المشرع الفرنسي نصوصاً صريحة لحكم المسألة إذ نصت المادة (311/14) من القانون المدني الفرنسي على مايلي (ان البنوة يرعاها القانون الشخصي للام يوم ولادة الولد، إذا كانت الأم غير معروفة فالقانون الشخصي للطفل).
وعليه تطبق تلك المادة على المنازعات القضائية في القرابة المشروعة للبنوة، مما تقدم تستنتج من النص أعلاه ان المشرع الفرنسي قد أقر صراحة بتطبيق القانون الشخصي للام لأن قواعد تعيين قواعد التنازع التي تطبق على البنوة تكون مباشرة وملزمة، وكذلك تخضع المنازعة بمقتضى نص المادة (14/311) لقانون الأم على أساس أهمية دور الأم في العلاقات الأسرية والتي غالباً ما تكون معروفة الهوية بخلاف الأب كما تخضع البنوة للقانون الشخصي للطفل في حالة غياب الأم أو مجهوليتها (10).
ومما تجدر الإشارة اليه ان القضاء الفرنسي سار في هذا الاتجاه لضمان تطبيق القانون الفرنسي وذلك لسبب يعود الى اكتساب المرأة الأجنبية المتزوجة من فرنسي الجنسية الفرنسية اما الفرنسية المتزوجة من شخص أجنبي فهي تبقى محتفظة بالجنسية الفرنسية (11)، كما أن حيازة النسب أو البنوة تنتج كل آثارها إذا كان الولد وابويه يسكن في فرنسا، سواء كانوا مجتمعين أو منفصلين، حتى وان كانت سائر عناصر البنوة مرتبطة بقانون أجنبي كما نصت عليه المادة (311/15) من القانون الفرنسي النافذ.
ومما تقدم نستنتج ان العبرة بقانون جنسية الدولة التي تنتمي لها الأم وقت ميلاد الطفل يستند الى حجة فحواها أن ذلك الحل يؤدي الى وحدة القانون الواجب التطبيق في حال تعدد الأبناء واختلفت جنسيتهم عن جنسية امهم إذ يسري قانون جنسية دولة الأم على البنوة الشرعية وغير الشرعية (12) ، كما يضاف قيمة أخرى وهي مسألة هوية الأم تكون مؤكدة باعتبارها واقعة مادية ويلاحظ كذلك ان نص المادة (14/311) لم يميز أو يفرق بين إثبات البنوة الشرعية وغير الشرعية فقد ساوى بينهما.
وبذلك حسم المشرع الفرنسي الخلاف لصالح قانون جنسية الأم في حالة تحديد وتطبيق القانون المختص عند تغيير الجنسية، ونحن نؤيد راي المشرع العراقي الذي أعطى الاختصاص الى جنسية الأب وقت ولادة الولد وباعتباره هو السبب لوجود الولد وباعتباره رب الأسرة. ويضمن قانون جنسية الأب وحدة القانون في حال تعدد الأبناء، مما تقدم فعلى الرغم من اشتراكهما في اعتبار البنوة من مسائل الأحوال الشخصية لذا فهي تلحق بقانون الجنسية ولكنهما يختلفان في تحديد القانون المختص على البنوة الشرعية عند تغيير أحد الأبوين لجنسيتهما فقد أخضعها المشرع العراقي وأعطى الاختصاص في المسائل الخاصة بالبنوة الى قانون الأب الا انه لم يحدد الوقت الذي يعمل به لتحديد قانون جنسية الأب، هل هو وقت الولادة ام وقت رفع الدعوى؟ الا ان شراح القانون ومنهم العراقيين وأغلب الدول العربية والاسلامية الى اختصاص قانون جنسية الأب وقت الولادة استناداً لنص المادة (19) فقرة (4) من القانون المدني العراقي النافذ ويرجع لقانون جنسية الأب في كافة المسائل الخاصة بدعاوى البنوة (13) ، اما المشرع الفرنسي فقد أعطى الاختصاص لقانون جنسية الأم استناداً لنص المادة (311/14) من القانون المدني الفرنسي النافذ أو القانون الشخصي للطفل (محل اقامة الطفل ) المعتادة في حال مجهولية الأم لكن المشرع الفرنسي حسم ذلك باختصاص قانون جنسية الأم وقت ولادة الولد سواء كان ذكراً أم أنثى ولم يميز في الاختصاص في منح البنوة بين البنوة الشرعية أم غير الشرعية.
______________
1- نصت الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية النافذ ما نصه (تطبق أحكام المواد 19، 20 ، 21 22 ، 23 24، من القانون المدني في حالة تنازع القوانين من حيث المكان) كما نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى ما نصه إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون).
2- H. Wise، L. Imon، paternity suits under French Law، See at،http://www.immigration-france-usa.com/gifs/pdt/paternity.pdf. 2014.
3- وقد أخذ بهذا الاتجاه المشرع التونسي في المادة (52) من القانون الولي الخاص التونسي الصادر عام 1998.
4- د. حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين، ط 2 ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1997، ص 119.
5- د. عباس العبودي تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية الطبعة الأولى، مكتبة السنهوري، 2014، ص 76 .
6- د. عبد الرسول عبد الرضا الأسدي الجنسية والعلاقات الدولية، ط 2 ، منشورات زين الحقوقية، 2011، ص282.
7- نصت الفقرة خامساً من المادة 19 من القانون المدني العراقي النافذ في الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة إذا كان أحد الزوجين عراقياً وقت انعقاد الزواج يسري القانون العراقي وحده.
8- د. عباس العبودي، مصدر سابق، ص127.
9- شميم مزهر راضي الربيعي، السلطة التشريعية في النظام البرلماني في ضوء دستور جمهورية العراق لسنة 2005، ص 29-33، بحث منشور على الرابط التالي: https://almerja.com
10- قرار المحكمة الابتدائية الكبرى في باريس في قرارها المرقم 80 ، في ،1980/11/18، للتفصيل اكثر د. فايز الحاج شاهين وآخرون، مصدر سابق، ص387.
11- قرار المحكمة الابتدائية الكبرى في باريس المرقم بقرارها رقم 313 في 1985/4/30 ان واقعة الاعتراف الطوعي بالولد من قبل الزوج الثاني ذي الجنسية الفرنسية لا تسمح بحلول القانون الفرنسي محل القانون الذي يحكم البنوة، لأن المادة (17/311) لا تحدد قاعدة لتنازع القوانين، بل تكفي بوضع شروط صحة الاعتراف)، ينظر الى د. فايز الحاج شاهين وآخرون، مصدر سابق ، ص 387 .
12- د. أحمد عبد الكريم سلامة علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع اصولاً ، ومنهجاً، مكتبة المنصورة، ط1، 1996، ص 876.
13- غالب علي الداودي د. حسن محمد الهداوي القانون الدولي الخاص، ج 2، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، المكتبة القانونية، بغداد، 2017، طبعة جديدة ومنقحة، ص 129-130.