جواز مطلق الاستمتاع
المؤلف:
د. السيد مرتضى جمال الدين
المصدر:
فقه المعاملات القرآني
الجزء والصفحة:
ص45-46
2023-11-13
2182
{نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنين} [البقرة: 223]
المقطع الاول: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]
قال الشيخ الايرواني: تدل الاية على جواز الاستمتاع مطلقا، الزوج مع زوجته في أي وقت شاء وأي مكان وأي كيفية كانت لوجود كلمة {أَنّى} وفيها وجهان، الوجه الاول أَنّى الزمانية، تدل على أي وقت، وأَنّى المكانية تدل على أي مكان في القبل والدبر وبعض المفسرين رجح ان تكون أنى زمانية وليست مكانية لأجل ذلك حرم الدبر وهو أكثر فتاوى العامة، إلا ان الأئمة (عليهم السلام) حلوا هذا الاشكال .
الوجه الاول: أَنّى المكانية:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَرْأَةَ فِي دُبُرِهَا ؟ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا رَضِيَتْ، قُلْتُ فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222 ] قَالَ هَذَا فِي طَلَبِ الْوَلَدِ فَاطْلُبُوا الْوَلَدَ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم} مما يدل ان الآية الاولى تخص طلب الولد، والآية الثانية تخص مطلق الاستمتاع .
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْبَرْقِيِّ يَرْفَعُهُ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَعْجَازِهِنَّ فَقَالَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ تَفْعَلَهُ فيدل على الجواز على كراهة .
الوجه الثاني: أَنّى الزمانية:
إذ تدل على جواز الوطيء في أي زمان وهذا عام، لولا المخصص الذي جاء في الكتاب والسنة من حرمة الوطيء في والصوم، والاعتكاف، والاحرام وحال الحيض.
حال الصيام: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُن} وَ أَحَلَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى النِّكَاحَ بِاللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْأَكْلَ بَعْدَ النَّوْمِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْر، وأما هن لباس لكم وانتم لباس لهن فهو كناية عن المعانقة كاللباس الذي يلامس الجسم وكنية عن الستر أي الاحصان فان الزوج احصن زوجته عن الفجور وكذلك الزوجة احصنت زوجها عن الفجور.
حال الاعكتاف: قال الله عز و جل {وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ} يعني النساء و العاكف المقيم و الاعتكاف في المساجد المقام بها و المعتكف الذي يلزم المسجد لا يخرج منه ليلا و لا نهارا يحبس نفسه فيه على الصلاة و ذكر الله تعالى.
حال الاحرام: قال تعالى {فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَج} فالرفث هو الجماع .
حال الحيض: قال تعالى {وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرين} [البقرة : 222 ]
عن عيسى بن عبد الله قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) المرأة تحيض يحرم على زوجها أن يأتيها في فرجها لقول الله تعالى {وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} فيستقيم الرجل أن يأتي امرأته و هي حائض فيما دون الفرج[1].
وَ قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه واله وسلم) مَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَ هِيَ حَائِضٌ فَخَرَجَ الْوَلَدُ مَجْذُوماً أَوْ أَبْرَصَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ (عليه السلام) عَنِ الْمُشَوَّهِينَ فِي خَلْقِهِمْ؟ فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ يَأْتِي آبَاؤُهُمْ نِسَاءَهُمْ فِي الطَّمْثِ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام) لَا يُبْغِضُنَا إِلَّا مَنْ خَبُثَتْ وِلَادَتُهُ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي حَيْضِهَا[2].
المقطع الثاني: {وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنين} معنى التقديم هنا هو التسمية والدعاء قبل الجماع.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ- اللَّهُمَ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَ جَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي قَالَ فَإِنْ قَضَى اللَّهُ بَيْنَهُمَا وَلَداً لَا يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ بِشَيْءٍ أَبَداً[3].
تفسير العياشي، ج1، ص: 110
[2] من لا يحضره الفقيه، ج1، ص: 96
[3] الكافي (ط - الإسلامية)، ج5، ص: 503
الاكثر قراءة في المعاملات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة