جاء في کتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: خبر محمد بن ميسر الذي لا يبعد كونه موثقا، بل صحيحا: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه، وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان قال: يضع يده ثم يتوضأ ثم يغتسل. هذا مما قال الله عز وجل: "ما جعل عليكم في الدين من حرج" (الحج 78))
جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: ما ذكره بعض مشايخنا من أن كون الطهارة والنجاسة من الأمور الواقعية لم تم في الواقعيتين منهما لا يتم في الظاهريتين، بل لا إشكال في كونهما مجعولين للشارع الأقدس. لاندفاعه أولا: بأن الحكم بالطهارة والنجاسة ظاهرا لا يرجع إلى جعلها في قبال الواقع، لينظر في حقيقتهما، بل إلى التعبد بهما في مقام الاثبات والعمل بما لهما من المعنى الواقعي، كالتعبد الظاهري بالموضوعات الخارجية من الحياة والموت وخروج المني وغيرها، على ما ذكرناه في حقيقة الحكم الظاهري، فليس في المقام إلا الأمور الواقعية الخارجية أو الاعتبارية التي تدرك بالوجدان تارة، ويتعبد بها ظاهرا في مقام العمل أخرى. وثانيا: بأنه لو كان مرجع التعبد بالشئ ظاهرا إلى جعله فهو إنما يمكن في التعبد بالأحكام القابلة للجعل، أما الأمور الواقعية كالخمرية والاسكار فلا يرجع التعبد بها إلى جعلها، لتبعيتها لأسبابها التكوينية وعدم قابليتها للجعل التشريعي، بل لا بد من رجوعه لجعل أحكامها، فلو تم كون الطهارة والنجاسة الواقعيتين من الأمور الخارجية غير الجعلية فاللازم رجوع التعبد بهما إلى جعل أحكامهما، لا جعلهما بأنفسهما. ولعله لأجل ذلك حكي عن شيخنا الأعظم قدس سره الجزم بأن الطهارة والنجاسة من الأمور الواقعية التي كشف عنها الشارع. وإن كان الظاهر خلوه عن الدليل، غاية الامر التوقف والتردد في ذلك. ولعله لذا كان الظاهر من كلامه الأول المتقدم التردد بين كونهما انتزاعيتين وكونهما واقعيتين، ومن كتاب الطهارة قبل الكلام الثاني المتقدم التردد بين كونهما حقيقتين وكونهما اعتباريتين. بل الانصاف أن البناء على كونهما اعتباريتين جعليتين هو الأنسب بملاحظة الأدلة، كصحيح داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض، وقد وسع عليكم بأوسع ما بين السماء والأرض، وجعل لكم الماء طهورا، فانظروا كيف تكونون). لظهوره في كون طهورية الماء حكما امتنانيا، فيلزم كون الطهارة المترتبة عليها كذلك، لامتناع ترتب الامر التكويني على الامر التشريعي. وقريب منه في ذلك قوله عليه السلام: في الصحيح (ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طورا)، حيث يلزم حمله على الجعل التشريعي دون التكويني بقرينة السياق، لان طهورية التراب تشريعية حسبما يظهر من بعض النصوص. وكذا ما ورد في انتضاح ماء غسل الجنابة في الاناء من نفي البأس به مع الاستشهاد بقوله تعالى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" (الحج 78)، لوضوح أن الجرح لا دخل له في الأمور الخارجية.
جاء في کتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: أن تعدد الغسل لتباين غسلهما موجب لصدق استعمال الماء من كل منهما بالإضافة إلى الآخر ومانعيته منه. نعم، لازم ذلك عدم وقوع الغسل منهما معا، وعدم صدق المستعمل على الماء، فيجوز استعماله لأحدهما أو لغيرهما.إلا أن يفرض سبق أحدهما حدوثا، فيصح غسله ويمنع من غسل الآخر وإن حصل قبل إكما له. لكن، قد يتجه وقوع الغسل منهما مع عدم اختلاط الماء الذي يتحقق به غسل كل منهما بالآخر، كما يأتي في آخر الكلام في الفرع الآتي.فتأمل جيدا. الثاني: لا ينبغي الإشكال في القطرات المنتضحة في الإناء من الغسل، للنصوص الكثيرة، كصحيح الفضيل: (سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الجنب يغتسل، فينتضح من الأرض في الإناء فقال: لا بأس.هذا مما قال الله تعالى: "ما جعل عليكم في الدين من حرج" (الحج 78))، ونحوه صحيحه الآخر، وقريب منه صحيحا شهاب بن عبد ربه وعمر بن يزيد وموثق سماعة. هذا، مضافا إلى استهلاك القطرات في ماء الاناء بنحو لا يصدق عليه عرفا الماء المستعمل أو المختلط به. ومن ثم لا يكون لازم إطلاق من منع من استعمال الماء المستعمل المنع منه في المقام.
جاء في کتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: في حديث داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام: (لا تطلب الماء ولكن تيمم، فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك، فتضل ويأكلك السبع)، وفي صحيح ابن أبي يعفور وعنبسة عنه عليه السلام: (إذا أتيت البئر وأنت جنب، فلم تجد دلوا ولا شيئا تعرف به فتيمم بالصعيد، فان رب الماء هو رب الصعيد، ولا لمع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم)، وفي صحيح ابن أبي نجران الوارد في اجتماع ميت وجنب ومحدث بالأصغر المتضمن اغتسال الجنب ودفن الميت بتيمم، قال: (لأن غسلى الجنابة فريضة وغسل الميت سنة)، وفي صحيح يعقوب بن سالم: (لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع)، فإن التعليل في الثلاثة الاول إنما يقغضي سقوط الطهارة الماثية، ولا يقتضي وجوب التيمم إلا بضميمة الملازمة الارتكازية المذكورة كما أن الاقتصار في الأخير على النهي عن الطلب إنما يقتضي مشروعية التيمم بناء عليها، كما أشار إلى ذلك في الجملة سيدنا المصنف قذس سره في المسوغ السادس من مسوغات التيمم. بل ذلك هو الظاهر من بعض نصوص الإبدال الاضطرارية الأخر، كخبر عبد الأعلى مولى آل سام الوارد فيمن عثر فانقطع ظفره، فجعل عليه مرارة المتضمن، لقوله عليه السلام: (يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل، قال تعالى: "ما جعل علبكم في الدين من حرج" (الحج 78)) امسح عليه، فإن معرفة وجوب المسح على المرارة من الآية الكريمة بعد كونها نافية لا مثبتة إنما يتم بضميمة الملازمة المذكورة. وبالجملة: التأمل في النصوص المتقدمة، وفي الارتكازيات العقلانية نافى الابدال الاضطرارية، مع ملاحظة اختلاف العناوين التي تضمنت الأدلة والفتاوى تشريع التيمم معها مع عدم جامع عرفي بينها، شاهد بأن العتاوين المذكورة ليست بخصوصياتها، ولا بقدر مشترك بينها موضوعا لمشروعية التيمم، بل أخذها في الأدلة بلحاظ ما يترتب عليها من سقوط التكليف بالطهارة المائية وعدم صلوحه للبعث، فلا ينغع مثل استصحاب عدم الوجدان في إحراز موضوع التيمم والخروج عن مقتضى القاعدة المتقدمة المقتضية للجمع بينه وبين استعمال الماء المشكوك.







وائل الوائلي
منذ 49 دقيقة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN