على ضفاف الطف.. حكاية دماء وشموخ
م. طارق صاحب الغانمي
إن ملحمة عاشوراء ليست مجرد صفحة مؤلمة في كتب التاريخ، بل هي فلسفة متجددة تكسر قيود الزمان والمكان، ولا قصة انتهت بانتهاء أبطالها، بل هي نبض حياة لا ينضب، تتجدد مع كل ثورة ضد الظلم، وكل رفض للاستبداد. حقيقة تخطت حدود الكلمات إلى عمق المعنى، وفارقت اللفظ وانشغلت بالمعنى الحقيقي للإصلاح، ويؤشر ظاهرها إلى وقائع ويذهب باطنها إلى معاني تحفر في التاريخ تصنعه، بينما يرى البعض ظاهرها أحداثًا دامية، فإن باطنها يمثل حفرًا عميقاً في ضمير الإنسانية، يُعيد تشكيل التاريخ ويغير مجراه.
ما سعى إليه الأمويون من طمس هوّية أهل البيت (عليهم السلام) وتشويه سيرتهم، ظانين أن ذلك سيؤدي إلى زعزعة الأسس الإسلامية، لكن محاولاتهم ارتدت عليهم، وانهارت دولتهم، وبقي الإسلام حيّاً، يتدفق بنور الحضارة من مداد دماء الشهداء، لتبقى كربلاء روح متوقدة مهما طال الزمان، وكل ما نملكه اليوم من قيم ومبادئ هو من بركاتها.
لقد كانت الدماء الزكية في كربلاء كفيلة بكسر حاجز الخوف من السلطة، وإيقاظ الوعي في النفوس، وتحصين المؤسسة الدينية من أي انحراف، والمحاولات الخبيثة بأن يحطوا من مكانة أهل البيت (عليهم السلام) بإدراكهم أن تشويه سيرتهم وضرب مكانتهم سيؤدي إلى زعزعة الثوابت والقيم، مبتدعين لذلك أساليب كثيرة، كفيلة بنسف هذه المدرسة الفكرية عبر إيجاد بيئة ثقافية تتسلل إلى المجتمع لتوجد فيه بنية ثقافية مغايرة تحلل الحرام وتحرم الحلال، لذلك أن هذه النهضة المباركة لا تزال حتى يومنا هذا مدرسة يستمد الأحرار من دروسها عزمهم وإيمانهم للتحرر من الظلم والعبودية.
الحسين (عليه السلام) استطاع تغيير التاريخ وفضح المخططات وأعاد التوازن للمفاهيم الثقافية والدينية في المجتمع عبر إيقاظ الوعي في نفوس البشر، وتحصين المجتمع، وقد كان له دور مركزي في كسر حاجز الخوف من السلطة للنهوض في وجه الباطل، ولا زالت تضحياته، إلى يومنا هذا مناراً يستمد منه الثورات ضد الظلم في النفوس الأبية.
وخير ما نشاهده اليوم من ثائرين بوجه الطغاة هو امتداد لتلك النهضة الخالدة التي أبت فيها الجماهير الرضوخ للباطل وأعوانه، مستمدين عزيمتهم وايمانهم من نهج سيد الشهداء (عليه السلام) للتحرر والتخلص من الفاسدين والمرتشين القابعين خلف أسوار القصور والحمايات، ليعلموا أن كربلاء صارت هي الحاجز المنيع لتنفيذ المخططات الشريرة بتمزيق وحدة الأمة وابنائها.. ثورة ثقافية تجدد معالم الحياة وتنحو بها نحو مستقبل واعد بالنصر والعز والشموخ والولاء للدين وللوطن بالشكل الحقيقي والمطلوب.







وائل الوائلي
منذ ساعتين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN