1

بمختلف الألوان
رِسالةٌ إلى قَلبِكَ (الرَّحمَةُ) عِندَما تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا، وَعِندَما تَتَسَاءَلُ: أينَ الفَرجُ مَتَى تَنكَشِفُ الغُمَّةُ تَذَكَّرْ هذهِ الآيَةَ العَظيمَةَ: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
الشراكات الفعّالة بين الجامعات البريطانية والقطاع الصناعي : مقالة نقدية لإمكانية تبنّي النموذج في العراق
في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها سوق العمل العالمي، أصبحت الشراكات بين الجامعات والقطاع الصناعي ركيزةً أساسية لإعداد كوادر بشرية قادرة على المنافسة، وتقديم حلول واقعية قائمة على الابتكار والبحث التطبيقي. وتُعد المملكة المتحدة من الدول الرائدة في تطوير نموذج مؤسسي متكامل يربط بين التعليم العالي والقطاع الخاص.
تتناول هذه المقالة تحليلاً نقديًا لمكونات هذا النموذج البريطاني، مع تسليط الضوء على فرص وإشكاليات تبنيه في البيئة العراقية، وما تتطلبه هذه العملية من إصلاحات تشريعية، إدارية، وثقافية.

1. المقدمة
تواجه العديد من الدول، ومنها العراق، أزمة حقيقية في المواءمة بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل. هذه الأزمة تعود إلى بنى تعليمية جامدة، ومركزية مفرطة في اتخاذ القرار، وغياب الشراكة المؤسسية بين الجامعة والقطاع الخاص.
في المقابل، طوّرت المملكة المتحدة نموذجًا متقدمًا أثبت كفاءته في ردم فجوة المهارات، وتعزيز التوظيف، وتحفيز الابتكار. لكن هل يمكن نقل هذا النموذج إلى العراق وما هي الشروط والمتطلبات لتفعيله بنجاح

2. مكونات النموذج البريطاني
يقوم النموذج البريطاني على خمسة محاور رئيسية:
المجالس الاستشارية المشتركة: تضم ممثلين عن كبرى الشركات والمؤسسات الصناعية، وتشارك في تطوير المناهج وربط البرامج الأكاديمية باحتياجات السوق.
البرامج التعاونية (Sandwich Courses): حيث يُلزم الطالب بقضاء عام تدريبي داخل مؤسسة صناعية كجزء من دراسته الجامعية.
البحث التطبيقي بتمويل مشترك: من خلال برامج مثل Innovate UK وKTPs، يتم ربط الجامعة بالصناعة لتنفيذ أبحاث موجهة نحو الابتكار والتطبيق العملي.
حاضنات الأعمال الجامعية: توفر تمويلًا، وإرشادًا، ودعمًا لروّاد الأعمال من الطلبة والباحثين لتأسيس شركات ناشئة.
دور حكومي مشجّع: من خلال سياسات دعم واضحة، وإعفاءات ضريبية، وبرامج تمويل رسمية لتعزيز التعاون بين القطاعين.

3. تحليل نقدي لعوامل النجاح
يعتمد نجاح النموذج البريطاني على مجموعة من المرتكزات:
أهمها استقلالية الجامعات، التي تمكنها من عقد شراكات مباشرة وتعديل مناهجها استنادًا لاحتياجات السوق، دون الرجوع إلى سلطة مركزية. يُضاف إلى ذلك نضج القطاع الصناعي، الذي يمتلك بنية احترافية ورؤية استراتيجية تُمكنه من لعب دور شريك فعّال في تطوير الكفاءات.
كما أن الحكومة البريطانية تلعب دورًا تنظيميًا ذكيًا؛ فهي لا تتدخل في التفاصيل التشغيلية للجامعات، بل تهيّئ بيئة داعمة عبر التشريعات، الحوافز، والتمويل، مما يعزز التعاون ويوفر مناخًا للابتكار. وتُتوّج هذه العوامل بثقافة مؤسسية متجذرة تؤمن بقيمة التعاون والتقييم المستمر.

4. التحديات البنيوية في السياق العراقي
عند محاولة تكييف هذا النموذج مع الواقع العراقي، تبرز عدة تحديات هيكلية:
أولها المركزية التشريعية والإدارية، حيث لا تتمتع الجامعات العراقية باستقلالية فعلية تسمح لها ببناء شراكات مرنة مع القطاع الخاص، في ظل خضوع معظم قراراتها إلى وزارة التعليم العالي.
كما أن القطاع الصناعي المحلي يعاني من ضعف بنيوي، إذ أن جزءًا كبيرًا منه تابع للدولة، بينما يعاني القطاع الخاص من محدودية البنية التحتية والتمويل والرؤية المستقبلية.
يُضاف إلى ذلك غياب الحوافز الحكومية التي تشجع الشركات على الدخول في شراكات مع الجامعات، فضلاً عن غياب تشريعات خاصة بحماية الملكية الفكرية أو تسهيل إنشاء شركات ناشئة من داخل الجامعات.
وتبقى ثقافة التدريب العملي والتجربة الواقعية غائبة عن معظم البرامج الجامعية، ما يضعف من قدرة الطلبة على الاندماج في سوق العمل بعد التخرج.

5. الحاضنات والدور الحكومي: بين النظرية والتطبيق
في التجربة البريطانية، تحتل حاضنات الأعمال الجامعية موقعًا محوريًا. فهي لا تقتصر على تقديم خدمات تقنية أو استشارية، بل تُعد بنية تحتية متكاملة تهدف إلى تحويل الأفكار البحثية إلى مشاريع تجارية قابلة للنمو. وتُدار هذه الحاضنات بشراكة مؤسسية بين الجامعة والقطاع الخاص، مدعومة من الدولة.
أما في العراق، فإن هذه المفاهيم لا تزال في أطوارها الأولية، وغالبًا ما تغيب تمامًا. فلا توجد في معظم الجامعات حاضنات فعلية مدعومة، ولا بيئة تشريعية تحمي حقوق المؤسسين أو تُسهل الإجراءات القانونية والتسجيل. ويرجع هذا الوضع ليس فقط إلى قلة الموارد، بل إلى غياب رؤية استراتيجية تؤمن بأن الجامعة يمكن أن تكون حاضنة للفرص، لا مجرد مكان لمنح الشهادات.
أما الدور الحكومي، ففي النموذج البريطاني يتسم بالذكاء والمرونة، حيث تعمل الدولة على خلق بيئة ممكنة عبر الإعفاءات الضريبية، وبرامج التمويل التنافسية، وتوفير أطر قانونية تشجع على الابتكار. في المقابل، يتسم الدور الحكومي في العراق بالمركزية والتقييد، وغالبًا ما تتحول المبادرات الواعدة إلى ضحية للتعقيد الإداري.

6. توصيات واقعية للتكييف
رغم التباين الكبير، إلا أن تكييف النموذج البريطاني في العراق ليس مستحيلاً، بل ممكن عبر مراحل تدريجية مدروسة:
منح الجامعات استقلالًا إداريًا وماليًا حقيقيًا.
إنشاء مجالس استشارية محلية ضمن كل جامعة، تضم ممثلين عن القطاع الصناعي.
تفعيل التدريب العملي ضمن البرامج الأكاديمية بشكل إلزامي ومنظم.
تأسيس حاضنات أعمال مصغّرة، بدعم حكومي أو منظمات دولية.
تطوير ثقافة جامعية تعزز من قيمة التجريب والريادة، وتربط التعليم بالإنتاج.

الخاتمة
النموذج البريطاني في بناء شراكات استراتيجية بين الجامعات والقطاع الصناعي يُعد تجربة متكاملة قائمة على التوازن بين الحرية الأكاديمية، الدعم الحكومي، والشراكة المؤسسية مع السوق.
أما في العراق، فإن النجاح في استلهام هذا النموذج يتطلب إعادة تعريف دور الجامعة، وتحولاً جذريًا في التشريعات والمؤسسات، وبيئة تؤمن بأن الجامعة ليست فقط منبعًا للعلم، بل أيضًا مصدرًا للفرص الاقتصادية والاجتماعية. عندها فقط يمكن الحديث عن جامعة منتجة، وسوق عمل متجدد، ومجتمع يسير نحو التنمية المستدامة.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 15 ساعة
2025/06/09م
خَنَقَني المَعنَى لِسِنينَ، وَلَم أَكُن أَعرِفُ اسمَهُ سَنَواتٌ مِنَ المُعاناةِ الصّامِتَةِ، كَأَنَّ في حَلقي شيئًا عالِقًا، لا يُهضَمُ ولا يُزاح، يُثْقِلُ النَّفْسَ، وَيَخنُقُ الكَلِمَةَ، وَيُورِثُني شُعورًا دائِمًا بِالاخْتِناقِ المَعْنَوِيّ. لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُدرِكُ ما أُعانِيهِ،... المزيد
عدد المقالات : 117
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 16 ساعة
2025/06/09م
لماذا أكتب رغم كل شيء يطرح كل كاتب هذا السؤال بين وقت وآخر: لماذا أكتب ما هو الدافع الحقيقي وراء هذه الكلمات التي أضعها رغم الشك والتعب هل أكتب لأكون مشهورا أو ليعرف اسمي في الصحف والمجلات لو كان هذا كل ما أسعى إليه، فلا أظنني كاتبة بحق فالشهرة شيء زائل لا يروي الروح ولا يشبع العطش الداخلي. فالكتابة... المزيد
عدد المقالات : 23
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 16 ساعة
2025/06/09م
((قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) سورة الحجرات : الآية ١٤ يقدم لنا هذا النص القرآني... المزيد
عدد المقالات : 45
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/06/04م
في عام 1995 قرر الاتحاد العراقي المشاركة في التصفيات الاولمبية بعد ان غاب العراق عن تصفيات 1991 لظروف كثيرة وكان الاتحاد الاسيوي قد فرض المشاركة تحت سن 23 اعتبار من تصفيات 1991 لذلك كان على العراق تشكيل منتخب اولمبي لاول مرة تحت سن 23 ليشارك في اتصفيات اولمبياد اتلانتا وقد انيطت بالمدرب الكبير انور جسام مهمة... المزيد
عدد المقالات : 8
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 15 ساعة
2025/06/09م
ظمأ وعشق ( قصة مبعوث الحسين مسلم بن عقيل ) *( رسائل ومبعوث) لَحِقَ الأمَّةَ عارٌ بعد تسلّم يزيد الخلافة ممَّا دعا أهل الكوفة الى إرسال الرسائل المتكررة لابن بنت رسول الله في المدينة أرسلوا له الدعوة يحملونه المسؤولية أَمام الله والأمَّة إنْ تأخر عن إنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم. تمهل الإمامُ... المزيد
عدد المقالات : 380
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/06/02م
بقلم زيد علي كريم الكفلي جلست وحدي في غرفتي الصغيرة وجلس معي طيرا توقف عن الطيران... شاهدت بصيص شعاع نور أنار ظلامي أخذت أتأمله طويلا... سمعت صوته يحوم في أزقة أفكاري إلى متى وأنت تجلس في هذا الظلام بحثت عنه في كل الظلمات... في وراء النجمات... في أوراق الزمن الماضي... رأيت صورته المعلقة على جدران قلبي... المزيد
عدد المقالات : 75
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/05/30م
أرض الأحلام قصيدة للشاعر/حمدي الروبي ................ يتجمدُ .. كلُّ الماءِ العذب تتناثرُ .. كلُّ حروفِ الحب تتدافعُ عبراتُ الأشواق طوفانًا يجتاحُ العشَّاق وأحملُ أوراقكِ ، أوراقي وأُخبئكمُ .. في أحداقي وأسعى .. في معراج الوجد إسراءً .. في أرض الأحلام أتطايرُ .. فوقَ الأوهام حيث .. لا ظلم ولا وهم حيث ..... المزيد
عدد المقالات : 31
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/05/30م
بقلم زيد علي كريم الكفلي هذا الذي تعرف البطحاء وطأته... والبيت يعرفه والحل والحرمُ.....هذا ابن خير عباد الله كلهم.....هذا التقي النقي الطاهر العلمُ........إذا رأته قريش قال قائلها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرم. قال عنه السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: كان الفرزدق سيدا جوادا فاضلا ، وجيها عند الخلفاء والأمراء،... المزيد
عدد المقالات : 75
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء السادس: العبور الطاقي كمفهوم في الفيزياء الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي في هذا الجزء من سلسلة "مفاهيم في الفيزياء"، نقترب من فكرة جوهرية طالما شكّلت حجرَ أساسٍ في فهم سلوك الأجسام: مفهوم "العبور الطاقي". من... المزيد
الإنفلونزا من الأمراض التنفسية التي تتكرر كل موسم وتسبب مشاكل صحية كبيرة حول العالم. رغم وجود لقاحات تُعطى سنوياً للحماية منها، إلا أن الفيروس يتغير باستمرار، مما يجعل من الصعب تقديم لقاح فعال يدوم لفترة طويلة ويحمي من جميع أنواع الفيروس. فيروس... المزيد
هي شريط أو جسر إرسابي ضيق يتكون غالباً من الرواسب الرملية أو الحصوية البارزة على سطح البحار الضحلة ويختلف عن الحاجز الرملي (Sand Bar) في اتصاله باليابسة من طرف واحد وينشأ غالباً من تقابل تیارین بحريين يسيران تقريباً في نفس الاتجاه وتسربت حمولتهما من... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
ميدان الأوّلويّات
السيد رياض الفاضلي
2024/10/14م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/05/04
أصدر قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتابًا بعنوان "قلوب بلا مأوى". يضمّ الكتاب مجموعة قصصية إنسانية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
2025/05/04
( صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com