الاصغاء من دون حتى طرح الحلول هو امر مهم جداً لمساعدة طفلكم في التعافي بعد صدمة ما. الصدمات تأتي بطرق مختلفة. بعضها طبيعي (الحرائق والأعاصير) وبعضها يأتي بنتيجة جريمة ما (حادث سيارة، وحوادث العنف المنزلي) احيانا تكون ردة فعل الاطفال على الصدمة مباشرة، لكن الأعراض السلوكية والعاطفية تظهر لاحقاً، واحيانا في وقت متأخر.

ـ أعراض محتملة بعد الصدمة :

• الخلاف ما بين الاخوة والاخوات والأصدقاء .

 •ازدياد اعتماد الطفل على الأسرة .

• الاداء المدرسي الضعيف .

• التعنت؛ يريد الطفل ان تتم الامور بصورة (صحيحة تماما) .

• التوتر والعدائية .

• مشاكل النوم والكوابيس .

• العودة الى السلوك ينتمي الى فترة سابقة من عمر الطفل .

• الشكوى من الشعور بالمرض .

قد يكون الطفل شديد الانشغال بالأمر الذي سبب له الصدمة. قد يرغب بالتحدث عنه طوال الوقت والتعبير عنه باللعب وتمثيل ما حصل، وقد يرغب في العودة ليرى المكان الذي حدث فيه ذلك الأمر.

من المهم الا تتجاهل مشاعر الطفل. اسمح له ان يفرغ كل مشاعر الانزعاج وان يقوم بكل ما ذكرناه اعلاه.

تحذير : ليس هذا وقتاً مناسبا كي يعلم الاهل اولادهم عدم البكاء. ان استراتيجية كهذه يوصى بها في حالات اضطرابات السلوك الطويلة الأمد، لكن الصدمة حالة خاصة ويجب ان تعالج بشكل اخر.

ـ قصة حقيقية : ام عديمة الشفقة :

هرع بيلي البالغ من العمر ثماني سنوات الى الباب الخلفي، ورمى حقيبته، ثم قال لامه صارخا: (ماما، ماما.. لقد وقع ولد اليوم في ملعب المدرسة وفج رأسه فشقه!).

نظرت الام الى الاعلى وقالت : (ضع حقيبتك جانبا يا بيلي).

هرع بيلي الى امه وقال : (لكن امي انك لا تفهمين! لو رأيت منظر الدم... لقد شعرت بالسوء فعلا! كان الدم يملأ المكان، وكان الولد يغرق في دمه، ثم اغمض عينيه وبقي ملقى هناك من دون حراك. ظننت انه مات يا ماما!).

تجاهلت الام كل ذلك وقالت : (بيلي لا اعرف كم مرة قلت لك ان تضع حقيبتك جانباً. اذا لم تضعها جانبا في الحال سأحرمك من مشاهدة التلفزيون).

صرخ بيلي : (لكن امي، ليس لهذا أي علاقة بحقيبتي المدرسية. هل ستصغين الي من فضلك؟)

استدارت الام وخرجت لتلم الملابس عن حبل الغسيل. تلك الليلة استيقظ بيلي صارخا بسبب الكوابيس التي رآها.

ظلت ام بيلي مستلقية على السرير من دون ان تحرك ساكنا، وطلبت من والده الا يذهب اليه : (لقد طفح الكيل منه، انه لا يقوم بشيء من واجباته. إنه يبكي للفت الانتباه لا غير!).

ليس هناك أي سبب على الاطلاق لأن تكون هذه الام قاسية القلب الى هذا الحد في الفترة التالية للصدمة يحتاج الاطفال الى التفهم. تلك الفترة ليست وقتاً مناسبا للإصرار على تنفيذ القواعد والانظمة.

ـ استخدام لغة ايجابية للتواصل مع طفلك :

يشكل الاهل نموذجاً مهما للأطفال، وهم بحاجة لان يكونوا نماذج ايجابية. ان هذه الايجابية عندما تكون ملائمة للظرف تعمل على تقوية احترام الطفل لذاته. فكونوا اذا حذرين في انتقاء الكلمات مع الاطفال. ولتكن توقعاتكم دائما ايجابية، فالدماغ لا يسمع عبارات النفي. بالتحديد هو لا يسمع عبارة (لا تفعل).

تذكروا ماذا يحدث عندما تقول ام قلقة لطفلها البالغ من العمر ثلاث سنوات وهو يحمل الى الطاولة كوبا مليئا حتى حافته (انتبه، لا توقعه!)

نعم بالطبع انتم على حق. سيوقع الطفل الكوب من دون شك.

إذاً، عوضا عن تحذير الطفل باستخدام جملة ناهية، مثل (لا توقع ما في يدك فتتسبب بالفوضى) او (حاذر، لا تضل طريقك)، استخدام جملاً ايجابية : (كن منتبهاً)، (انتبه لما تحمله)، (فلتكن خطواتك حذرة)

احرص على عدم التسبب بالحوادث لخوفك منها. كثيرون هم الاطفال الذين سقطوا عن الشجرة او السياج وكسروا ساقهم او ذراعهم لان واحدا من الاهل نادى (احذر سوف تقع). ماذا حدث مباشرة بعد النداء؟ وقع الطفل.

ـ تسمية المشكلة :

يمكنك ان تساعد طفلك في اكتساب شعور بالسيطرة على شيء مخيف بإعطائه اسما مخيفاً. من الصعب ان تخاف من شيء له اسم مضحك. مثلاً اذا كان طفلك يخاف من درج في بيت الجيران اطلق على الدرج تسمية مثل الدرج الاعوج.

ـ العلاج بالنوم :

انها استراتيجية رائعة للأهل القلقين بشان خوف اطفالهم الليلي او قلقهم العام اثناء النهار. عند العلاج بالنوم يدخل الاهل غرفة الطفل ليلا (ربما مباشرة قبل ان يذهب الاهل للنوم) فيقفون صامتين عند سرير الطفل وينظرون الى الطفل النائم.

ان جمال الطفل النائم مثير دائما للدهشة. ويا للمحبة والبهجة التي تملأ قلوب الأهل!

كل الانزعاج الذي عانوه بسبب ثورات الغضب اثناء النهار وبسبب الدراما العاطفية يذهب بلا رجعة.

لا يبقى غير المحبة التي تملا الاجواء ما بين الطفل النائم والاهل الذين ينظرون اليه.

انها استراتيجية جيدة حقا ان يوازي الاهل تنفسهم وتنفس الطفل. هذا يسمى (الدخول في اتصال).

بعد ذلك يهمس الاهل باسم الطفل ويلامسون بلطف شديد وجهه. ثم ينتظر الاهل قليلاً؛ عادة سيتحرك الطفل قليلا. عندها يقول الاهل الجمل التأكيدية الخاصة بالعلاج بالنوم :

ـ الجمل التأكيدية الخاصة بالعلاج بالنوم :

انك طفلة جميلة يا ماري (استخدم اسم طفلك)

ماما وبابا يحبانك جداً.

انعمي بنوم جيد، نامي نوما هنيئاً. سيكون نهار غد جميلاً.

انا احبك.

بعدها يغادر الاهل الغرفة بهدوء شديد.

تحدث اشياء مدهشة في اليوم التالي اذ يحمل كل من الاهل والطفل في قلوبهم ذكرى غير واعية للاتصال الذي قاموا به في منتصف الليل.

1- التحدث مع الذات :

على الاهل ان يعلموا اطفالهم ان لدينا جميعا القدرة على (التحدث مع انفسنا بداخل رؤوسنا). يجب ان يكون الحديث مع الذات ايجابياً حتى يشعر الطفل بالثقة والشجاعة.

ـ قوة التحدث مع الذات :

ان الحديث السلبي الذي يدور في رأس الطفل مع الذات هو من اقوى الوسائل التي تؤدي الى الحفاظ على الخوف. ففي داخل الطفل الخائف يدور حديث مع الذات يقول : هناك خطر محدق، سيلحق بي الاذى. يجب ان اتحاشى الاقتراب منه باي ثمن. الدنو منه امر مريع ولا يمكنني ان احتمل حتى التفكير بالأمر. لا يمكنني مقاومة ذلك.

ان الطفل بحاجة الى ترياق لهذا الحديث السلبي مع الذات؛ عليه عوضا عن ذلك ان يتحدث مع نفسه بشكل ايجابي!

ان الحديث الإيجابي مع الذات هو مهارة مهمة للتعامل مع الخوف والقلق. بإمكانك استخدام الحديث مع الذات لتبرمج نفسك كي تنتظر نتيجة ايجابية لحالة قد تكون مخيفة ما لم تفكر فيها بشكل ايجابي. من المطمئن ان تحدث ذاتك مع كل خطوة عندما تواجه امرا يخيفك.

بإمكان الطفل الذي عليه ان يقدم حديثا امام الصف ان يستخدم الحديث مع الذات بالشكل التالي :

(سأكون ماهرا اليوم في تقديم الحديث. انه مجرد حديث امام مدرّسي الذي اعرفه جيدا. جميع زملائي في الصف يريدونني ان ابلي حسنا امامه. انا استمتع حقا باحاديثكم. سيكون الامر سهلا جداً، وسأستمتع بذلك).

ـ التدريب على الحديث مع الذات لمكافحة الخوف :

•الحديث مع الذات لمكافحة الخوف يمر بالمراحل التالية :

• رصد الخوف : اسال نفسك (ما هو بالضبط الشيء المخيف؟) .

• الدفاع المضاد : اسال نفسك (ما هو الحقيقي والمنطقي؟).

• الايجابيات : اسال نفسك (ما هو السهل والايجابي؟).

• مكافأة الذات : هنئ نفسك على محاربتك للخوف.

تحذير: علّم طفلك انه من الافضل ان يستخدم الحديث مع الذات برفق فلا يتجاوز صوت النفس؛ قد يظنك بعض الناس غريب الاطوار اذا سمعوك تحدث نفسك بصوت عال!

ـ الحديث مع الذات واختبار الظلام :

صمم اختبار الظلام لتحديد المدة الزمنية التي يتحمل الطفل ان يمضيها وحيدا في الظلام. يختبر الاهل طفلهم قبل موعد النوم في غرفته الخاصة بساعتين تقريباً، قائلين شيئا كهذا :

اذهب الى غرفتك واجلس او استلق على السرير. سأطفئ الانوار، وعليك ان تبقى في الغرفة لأطوال مدة ممكنة. اذا تملكك الخوف الشديد لا تحاول اشعال الضوء، بل اخرج من الغرفة فقط. يمكنك الخروج في أي وقت، لكن حاول ان تكون شجاعاً قدر الامكان. سأكون خارج

الغرفة. لا تناديني. اذا خفت فما عليك الا ان تفتح الباب وتخرج من الغرفة.

 يستمر الاختبار لمدة اقصاها 180 ثانية. بعد اختيار الظلام يمكن الطفل ان يقيّم مدى الخوف الذي شعر به على (ميزان الخوف) (راجع ص65).

علم طفلك ان يستخدم تقنية التحدث الى الذات في اختبارات الظلام اللاحقة. على سبيل المثال:

رصد الخوف : (الظلام مخيف. ميزان الخوف عندي يشير الى انني خائف جدا. انه يشير الى مستوى ثماني نقاط! اريد امي).

الدفاع المضاد : (حسنا، انا في واقع الامر بخير. امي قريبة جدا. انا في مأمن).

النظر الى الإيجابيات : (انه وقت جيد لتسترخي عيناي. سأغمضهما الآن).

مكافاة الذات : (رائع، انني اقوم بذلك بنجاح. ستكون امي فخورة بي. سأنتظر قليلا بعد من اجلها. حسنا، فميزان الخوف لدي يشير الان الى اربع نقاط فقط!)

هنالك ثلاث تقنيات اخرى بإمكان الاطفال استخدامها لكي يشعروا بالأمان في الظلام وهي : (لعبة اللمس) و(لعبة الاسماء) و(لعبة من أنا؟ أين أنا؟). علم طفلك هذه الالعاب كالتالي.

ـ لعبة اللمس :

تُلعب لعبة اللمس مباشرة قبل الخلود الى النوم

 •تسير عبر الغرفة، وتلمس كل شيء، وتسميه بصوت عال جداً.

• (هذا هو السرير). (هذه هي الخزانة). (هذه هي النافذة). (هذه هي طاولة الزينة). (هذا هو الباب). (هذا هو حذائي)

• بعد ذلك، عندما تغفو بعمق سيعرف عقلك بالضبط موقع جسمك من الغرفة.

ـ لعبة الأسماء :

بعد ان تكون قد جلست في السرير هناك لعبة اخرى لتلعبها.

• انظر الى الغرفة من حولك وسم كل ما يقع عليه بصرك بأسرع ما يمكنك. حذار، الغش ممنوع!

• اذا كان هناك فارق زمني كبير بين تسميتك للشيء وتسميتك للآخر عليك ان تتوقف وتبدا من جديد.

• بإمكان معظم الناس ان يسموا ستة اشياء على التوالي؛ فانظر كم عدد الاشياء التي تستطيع تسميتها.

• هل أنت جاهز؟ انطلق!

ـ طريقة سهلة للبقاء في السرير اثناء الليل :

احيانا لا يكون الاستلقاء في الظلام امرا ممتعا. بإمكانك احيانا ان تشعر بالظلام كشعورك بشيء ثقيل متحرك. عندها يفكر دماغك: ما الذي يتحرك؟ حتى انك تظن احيانا ان هناك غولا او شبحا او حتى ان هناك لصوصا ورجالا اشراراً ! من منا لم يستيقظ ولو مرة في حياته في الليل وتساءل ما الذي يجري؟

اذا حدث هذا معك تذكر فقط انك بمأمن. والعب اللعب التالية.

ـ لعبة من انا ؟ أين أنا ؟

• كل ما عليك ان تفعله لتلعب هذه اللعبة هو ان تقول :

• (اسمي.... (املأ الفراغ باسمك). إنه الليل، وانا بأمان في سريري).

• ثم تحسس سريرك وقل : (هذا هو السرير).

• ثم تحسس المخدة وقل : (هذه هي المخدة)

• اذا كنت قريبا من الجدار فتلمسه وقل : (هذا هو الجدار)

• بعد ذلك بإمكانك ان تلمس انفك ، بطنك وقدميك... وكل اجزاء جسمك.

ـ الجمل التأكيدية هي حديث ايجابي مع الذات :

الجمل التأكيدية والافكار الايجابية موصى بها بشكل قوي في ادبيات تحفيز الذات وعلم النفس. في الواقع ان الاشخاص الذين يعملون في مجالات كالمبيعات والادارة يستخدمون الجمل التأكيدية لا يخلقوا احداثا ايجابية في حياتهم لسنوات عديدة.

بإمكانك ان تعلم طفلك ان يطور الجمل التأكيدية الخاصة به. اليك بعض الاقتراحات.

ـ جمل تأكيدية للأطفال :

بعد ظهر يوم ماطر، امضِ قليلاً من الوقت لتصنع مع طفلك بطاقات الجمل التأكيدية.

قطع الاوراق على شكل مستطيلات واكتب عليها بخط جميل وبالألوان بعض الافكار الايجابية

تكتب التأكيدات دائما بصيغة الايجاب كما لو انها تحدث فعلا. اليكم هنا بعض الأمثلة عن الجمل التأكيدية التي تلائم الاطفال الذين يعانون من الخوف :

- بإمكاني ان انام براحة وسعادة طوال الليل.

- من السهل ان انام نوما هنيئاً.

- غرفتي امنة.

- عالمي امن.

- انا دائما محمي.

- انا قوي ومقتدر.

- عندي فكر سحري.