المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

Fast Particle in Bowl
28-7-2016
العلم الإجمالي
10-8-2016
الحالات المرضية البكتيرية : الحالة السادسة والعشرون
4-9-2016
PHASE TWO CHANGES
29-3-2016
الوقود من الكربوهيدرات . التوازن الثنائي أكسيد الكربون
15-2-2017
رثاء أمير المؤمنين [عليه السلام] لعمر بن الخطاب
13-11-2016


بكر بن محمد بن بقية المازني  
  
3943   04:31 مساءاً   التاريخ: 22-06-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج2، ص345-355
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

أبو عثمان النحوي، وقيل: هو بكر بن محمد بن عدي بن حبيب، أحد بني مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكاية بن صعب بن علي بن بكر بن وائل قال الزبيدي: قال الخشني: المازني مولى بني سدوس نزل في بني مازن بن شيبان فنسب إليهم وهو من أهل البصرة وهو أستاذ المبرِّد. روى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري. وروى عنه الفضل بن محمد اليزيدي والمبرد وعبد الله بن سعد الوراق وكان إماميا يرى رأي ابن ميثم ويقول بالإرجاء وكان لا يناظره أحد إلا قطعه لقدرته على الكلام وكان المبرد يقول: لم يكن بعد سيبويه أعلم من أبي عثمان بالنحو. وقد ناظر الأخفش في أشياء كثيرة فقطعه، وهو أخذ عن الأخفش.

 وقال حمزة: لم يقرأ على الأخفش إنما قرأ على الجرمي ثم اختلف إلى الأخفش وقد برع وكان يناظره ويقدم الأخفش وهو حي وكان أبو عبيدة يسميه بالمتدرج والنقار. مات أبو عثمان فيما ذكره الخطيب في سنة تسع وأربعين ومائتين أو ثمان وأربعين ومائتين وذكر ابن واضح أنه مات سنة ثلاثين ومائتين.

 حدث المبرد عن المازني قال كنت عند أبي عبيدة فسأله رجل فقال له كيف تقول عنيت بالأمر قال كما قلت عنيت بالأمر قال فكيف امر منه قال فغلط وقال أعنُ بالأمر فأومأت إلى الرجل ليس كما قال: فرآني أبو عبيدة فأمهلني قليلا فقال ما تصنع عندي قلت ما يصنع غيري قال لست كغيرك لا تجلس إلي قلت ولم قال لأني رأيتك مع إنسان خوزي سرق مني قطيفة قال فانصرفت وتحملت عليه بإخوانه فلما جئته قال لي أدب نفسك أولا ثم تعلم الأدب. قال المبرد: الأمر من هذا باللام لا يجوز غيره لأنك تأمر غير من بحضرتك كأنه ليفعل هذا.

وحدث المبرد قال عزى المازني بعض الهاشميين ونحن معه فقال: [البسيط]

 (إني أعزيك لا أني على ثقة ... من الحياة ولكن سنة الدين)

 (ليس المعزى بباق بعد ميته ... ولا المعزي وإن عاشا إلى حين)

 وقد روي عن المبرد: أن يهوديا بذل للمازني مائة دينار ليقرئه كتاب سيبويه فامتنع من ذلك فقيل له لم امتنعت مع حاجتك وعيلتك فقال إن في كتاب سيبويه كذا وكذا اية من كتاب الله فكرهت أن أقرئ كتاب الله للذمة. فلم يمض على ذلك مديدة حتى أرسل الواثق في طلبه وأخلف الله عليه أضعاف ما تركه لله. كما حدث أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في كتاب الأغاني بإسناد رفعه إلى أبي عثمان المازني قال كان سبب طلب الواثق لي أن مخارقا غناه في شعر الحارث بن خالد المخزومي: [الكامل]

 (أظليم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم)

 فلحنه قوم وصوبه آخرون فسأل الواثق عمن بقي من رؤساء النحويين فذكرت له فأمر بحملي وإزاحة عللي

 فلما وصلت إليه قال: لي ممن الرجل؟ قلت من بني مازن. قال: من مازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة أم  مازن اليمن؟

 قلت: من مازن ربيعة. قال: لي با اسمك يريد ما اسمك؟ وهي لغة كثيرة في قومنا فقلت: على القياس اسمي مكر ((وفي رواية فقلت اسمي بكر)) فضحك وأعجبه ذلك، وفطن لما قصدت فإنني لم أجرؤ أن أواجهه بالمكر فضحك وقال: اجلس فاطبئن أي فاطمئن فجلست فسألني عن البيت فقلت: صوابه إن مصابكم رجلا قال: فأين خبر إن قلت: ظلم وهو الحرف في اخر البيت والبيت كله متعلق به لا معنى له حتى يتم بقوله ظلم ألا ترى أنه لو قال أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية فكأنه لم يفد شيئا حتى يقول ظلم ولو قال أظليم إن مصابكم رجل أهدى السلام تحية لما احتاج إلى ظلم ولا كان له معنى إلا أن تجعل التحية بالسلام ظلما وذلك محال ويجب حينئذ أظليم إن مصابكم رجل أهدى السلام تحية ظلما ولا معنى لذلك ولا هو لو كان له وجه مراد الشاعر فقال: صدقت ألك ولد قلت بنية لا غير قال: فما قالت لك حين ودعتها؟ قلت: أنشدتني قول الأعشى: [المتقارب]

 (تقول ابنتي حين جد الرحيل ... أرانا سواء ومن قد يتِم)

 (أبانا فلا رمت من عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم)

 (أرانا إذا أضمرتك البلاد ... نُجفى ويقطع منا الرحم)

 فقال الواثق كأني بك وقد قلت لها قول الأعشى أيضا: [البسيط]

 (تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلا ... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا)

 (عليك مثل الذي صليت فاعتصمي ... يوما فإن لجنب المرء مضطجعا)

فقلت: صدق أمير المؤمنين قلت لها ذلك وزدتها قول جرير: [الوافر]

 (ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح)

فقال: ثق بالنجاح إن شاء الله تعالى، إن ههنا قوما يختلفون إلى أولادنا فامتحنهم فمن كان عالما ينتفع به ألزمناهم إياه ومن كان بغير هذه الصفة قطعناهم عنه قال فامتحنتهم فما وجدت فيهم طائلا وحذروا ناحيتي. فقلت: لا بأس على أحد منكم فلما رجعت إليه قال كيف رأيتهم فقلت يفضل بعضهم بعضا في علوم ويفضل الباقون في غيرها وكل يحتاج إليه. فقال: الواثق إني خاطبت منهم رجلا فكان في نهاية الجهل في خطابه ونظره. فقلت: يا أمير المؤمنين أكثر من تقدم فهم بهذه الصفة وقد أنشدت فيهم: [الكامل]

 (إن المعلم لا يزال مضعفا ... ولو ابتنى فوق السماء سماء)

 (من علّم الصبيان أضنوا عقله ... مما يلاقي بكرة وعشاء)

 قال: فقال لي: لله درك كيف لي بك فقلت يا أمير المؤمنين إن الغنم لفي قربك والنظر إليك والأمن والفوز لديك ولكني ألفت الوحدة وأنست بالانفراد ولي أهل يوحشني البعد عنهم ويضر بهم ذلك ومطالبة العادة أشد من مطالبة الطباع. فقال لي: فلا تقطعنا وإن لم نطلبك.

 فقلت: السمع والطاعة وأمر لي بألف دينار (وفي رواية بخمسمائة دينار) وأجرى علي في كل شهر مائة دينار

 وزاد الزبيدي قال: وكنت بحضرته يوما فقلت لابن قادم أو ابن سعدان وقد كابرني كيف تقول نفقتك دينارا أصلح من درهم فقال دينار بالرفع. قلت: فكيف تقول ضربك زيدا خير لك فتنصب زيد فطالبته بالفرق بينهما فانقطع

 وكان ابن السكيت حاضرا فقال الواثق سله عن مسألة. فقلت: له ما وزن نكتل من الفعل فقال نفعل. فقال الواثق: غلطت. ثم قال لي: فسره فقلت: ونكتل تقديره نفتعل وأصله نكتيل فانقلبت الياء ألفا لفتحة ما قبلها فصار لفظها نكتال فأسكنت اللام للجزم لأنه جواب الأمر فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. فقال الواثق: هذا الجواب لا جوابك يا يعقوب. فلما خرجنا قال لي يعقوب ما حملك على هذا وبيني وبينك المودة الخالصة فقلت والله ما قصدت تخطئتك ولم أظن أنه يعزب عنك ذلك ولهذا البيت قصة أخرى في أخبار ابن السكيت.

 قال المبرد: سألت المازني عن قول الأعشى: [الكامل]

 (هذا النهارَ بدا لها من همها ... ما بالها بالليل زال زوالها)

 فقال: نصب النهار على تقدير هذا الصدود بدا لها النهار واليوم والليلة. والعرب تقول: زال وأزال بمعنى فتقول: زال زوالها.

 وحدث الزبيدي قال: قال المازني وحضرت يوما عند الواثق وعنده نحاة الكوفة فقال لي الواثق يامازني هات مسألة فقلت ما تقولون في قوله تعالى {وما كانت أمك بغيا} لم لم يقل بغية وهي صفة لمؤنث فأجابوا بجوابات غير مرضية. فقال الواثق: هات ما عندك.

 فقلت: لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء مثل كريمة وظريفة وإنما تحذف الهاء إذا كانت في معنى مفعوله نحو المرأة قتيل وكف خضيب وبغي ههنا ليس بفعيل إنما هو فعول وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث نحو امرأة شكور وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء وتقدير بغي بغوي قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء فصارت ياء ثقيلة نحو سيّد وميّت. فاستحسن الجواب.

 قال المازني: ثم انصرفت إلى البصرة فكان الوالي يجري علي المائة دينار في كل شهر حتى مات الواثق فقطعت عني. ثم ذكرت للمتوكل فأشخصني فلما دخلت إليه رأيت من العدد والسلاح والأتراك ما راعني والفتح بن خاقان بين يديه وخشيت إن سئلت عن مسألة ألا أجيب فيها. فلما مثلت بين يديه وسلمت قلت: يا أمير المؤمنين أقول كما قال الأعرابي: [الرجز]

 (لا تقلواها وادلواها دلوا ... إن مع اليوم أخاه غدوا)

 قال أبو عثمان: فلم يفهم عني ما أردت واستبردت فأخرجت والقلو: رفع السير والدلو: إدناؤه.

 ثم دعاني بعد ذلك فقال: أنشدني أحسن مرثية قالت العرب. فأنشدته قول أبي ذؤيب: [الكامل]

 (أمن المنون وريبها تتوجع ...)

 وقصيدة متمم بن نويرة: [الطويل]

 (لعمري وما دهري بتأبين هالك ...)

 وقول كعب الغنوي: [الطويل]

 (تقول سليمى ما لجسمك شاحبا ...)

وقصيدة محمد بن مناذر: [الخفيف]

 (كل حي لاقى الحمام فمودي ...)

 فكان كلما أنشدته قصيدة يقول ليست بشيء.

 ثم قال من شاعركم اليوم بالبصرة؟ قلت عبدالصمد بن المعذل، قال: فأنشدني له فأنشدته أبياتا قالها في قاضينا ابن رباح: [الهزج]

 (أيا قاضية البصرة ... قومي فارقصي قطره)

 (ومري بروشنك ... فماذا البرد والفتره)

 (أراك قد تثيرين ... عجاج القصف ياحره)

 (بتجذيفك خديك ... وتجعيدك للطرّه)

 قال: فأستحسنها واستطار لها وأمر لي بجائزة. قال: فجعلت أتعمل له أن أحفظ أمثالها. فأنشده إذا وصلت إليه فيصلني:

 وكان المازني يفضل الواثق. ولما مات المازني اجتازت جنازته على أبي الفضل الرياشي فقال متمثلا: [البسيط]

(لايبعد الله أقواما رزئتهم ... أفناهم حدثان الدهر والأبد)

 (نمدهم كل يوم من بقيتنا ... ولا يئوب إلينا منهم أحد)

 قال محمد بن إسحاق: وللمازني من الكتب كتاب في القرآن كبير، كتاب علل النحو صغير، كتاب تفاسير، كتاب سيبويه، كتاب ما يلحن فيه العامة، كتاب الألف واللام، كتاب التصريف، كتاب العروض، كتاب القوافي، كتاب الديباج في جوامع كتاب سيبويه. قرأت بخط الأزهري منصور في كتاب نظم الجمان تصنيف الميداني قال: سئل المازني عن أهل العلم فقال أصحاب القرآن فيهم تخليط وضعف وأهل الحديث فيهم حشو ورقاعة والشعراء فيهم هوج وأصحاب النحو فيهم ثقل وفي رواية الأخبار الظرف كله والعلم هو الفقه. وتصانيف المازني كلها لطاف فإنه كان يقول من أراد أن يصنف كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستح ويحوي كتاب سيبويه في كنهه عدة كتب.

 حدث محمد بن رستم الطبري قال: أنبأنا أبو عثمان المازني قال كنت عند سعيد بن مسعدة الأخفش أنا وأبو الفضل الرياشي فقال الأخفش إن منذ إذا رفع بها فهي اسم مبتدأ وما بعدها خبرها كقولك ما رأيته منذ يومان فإذا خفض بها كقولك ما رأيته منذ اليوم فحرف معنى ليس باسم. فقال له الرياشي: فلم لا يكون في الموضعين اسما فقد نرى الأسماء تخفض وتنصب كقولك هذا ضارب زيدا غدا وضارب زيد أمس فلم لا تكون بهذه المنزلة فلم يأت الأخفش بمقنع. قال أبو عثمان: فقلت له: لا يشبه منذ ما ذكرت لأنا لم نر الأسماء هكذا تلزم موضعا إلا إذا ضارعت حروف المعاني نحو أين وكيف فكذلك منذ هي مضارعة لحروف المعاني فلزمت موضعا واحدا.

قال الطبري: فقال ابن أبي زرعة للمازني: أفرأيت حروف المعاني تعمل عملين مختلفين قال نعم كقولك قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدا وعلى زيد ثوب وعلا زيد الفرس فتكون مرة حرفا ومرة فعلا بلفظ واحد .

 وحدث المبرد قال: سمعت المازني يقول معنى قولهم (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) أي إذا صنعت ما لا يستحى من مثله فاصنع منه ما شئت وليس على ما يذهب العوام إليه. قلت وهذا تأويل حسن جدا.

 قال أبو القاسم الزجاجي أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبري قال حضرت مجلس أبي عثمان المازني وقد قيل له لم قلت روايتك عن الأصمعي قال رميت عنده بالقدر والميل إلى مذاهب أهل الاعتزال فجئته يوما وهو في مجلسه فقال لي ما تقول في قول الله عز وجل {إنا كل شيء خلقناه بقدر} قلت سيبويه يذهب إلى أن الرفع فيه أقوى من النصب في العربية لاستعمال الفعل المضمر وأنه ليس ههنا شيء هو بالفعل أولى ولكن أبت عامة القراء إلا النصب ونحن نقرؤها كذلك اتباعا لأن القراءة سنة. فقال لي: فما الفرق بين الرفع والنصب في المعنى فعلمت مراده فخشيت أن تغزى بي العامة فقلت الرفع بالابتداء والنصب بإضمار فعل وتعاميت عليه.

 فقال حدثني جماعة من أصحابنا أن الفرزدق قال يوما لأصحابه قوموا بنا إلى مجلس الحسن البصري فإني أريد أن أطلّق النوار وأشهده على نفسي. قالوا له: لا تفعل فلعل نفسك تتبعها وتندم. فقال: لا بد من ذلك فمضوا معه فلما وقف على الحسن قال له يا أبا سعيد تعلمن أن النوار طالق ثلاثا قال قد سمعت فتتبعتها نفسه بعد ذلك وندم وأنشأ يقول: [الوافر]

 (ندمت ندامة الكسعي لما ... غدت مني مطلقة نوار)

 (وكانت جنتي فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الضرار)

 (ولو أني ملكت يدي ونفسي ... لكان علي للقدر الخيار)

 ثم قال: والعرب تقول: لو خيرت لاخترت تحيل على القدر وينشدون: [السريع]

 (هي المقادير فلمني أو فذر ... إن كنت أخطأت فلم يخط القدر)

 ثم أطبق نعليه وقال نعم القناع للقدري فأقللت غشيانه بعد ذلك.

 قال المبرد: حدثني المازني قال: مررت ببني عقيل فإذا رجل أسود قصير أعور أبرص أكشف قائم على تل سماد وهو يملأ جواليق معه من ذلك السماد وهو يغني بأعلى صوته: [الطويل]

 (فإن تصرمي حبلي وتستكرهي وصلي ... فمثلك موجود ولن تجدي مثلي)

 فقلت صدقت والله ومتى تجد ويحك مثلك فقال بارك الله عليك واسمع خيرا ثم اندفع لينشد: [الرجز]

 (يا ربة المطرف والخلخال ... ما أنت من همي ولا أشغالي)

               (مثلك موجود ومثلي غالي ...)

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.