أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/العدل/الهداية والاضلال والتوفيق والخذلان/الإمام الباقر (عليه السلام)
إبراهيم الأحمري،
قال: حدثني محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كان رجل من أهل
الشام يختلف إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وكان مركزه بالمدينة يختلف إلى مجلس أبي جعفر
(عليه السلام) يقول له: يا محمد، ألا ترى أني إنما أغشى مجلسك حياء مني لك، ولا أقول
إن في الأرض أحدا أبغض إلي منكم أهل البيت، واعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير
المؤمنين في بغضكم، ولكن أراك رجلا فصيحا، لك أدب وحسن لفظ وإنما الاختلاف إليك لحسن
أدبك، وكان أبو جعفر (عليه السلام) يقول له خيرا، ويقول: لن تخفى على الله خافيه.
فلم يلبث الشامي
إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه، فلما ثقل دعا وليه، وقال له: إذا أنت مددت علي الثوب
في النعش، فأت محمد بن علي وأعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك.
قال: فلما أن كان
في نصف الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه، فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد،
فلما أن صلى محمد بن علي (عليه السلام) وتورك - وكان إذا صلى عقب في مجلسه - قال له:
يا أبا جعفر، إن فلانا الشامي قد هلك، وهو يسألك أن تصلي عليه. فقال أبو جعفر: كلا،
إن بلاد الشام بلاد صر وبلاد الحجاز بلاد حر ولحمها شديد، فانطلق فلا تعجلن على صاحبك
حتى آتيكم، ثم قام من مجلسه، فأخذ وضوءا، ثم عاد فصلى ركعتين، ثم مد يده تلقاء وجهه
ما شاء الله ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس.
ثم نهض فانتهى إلى
منزل الشامي، فدخل عليه، فدعاه فأجابه، ثم أجلسه فسنده، ودعا له بسويق فسقاه، فقال
لأهله: املأوا جوفه، وبردوا صدره بالطعام البارد؟
ثم انصرف، فلم يلبث
إلا قليلا حتى عوفي الشامي، فأتى أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخلني، فأخلاه،
فقال: أشهد أنك حجة الله على خلقه، وبابه الذي يؤتى منه، فمن أتى من غيرك خاب وخسر
وضل ضلالا بعيدا.
قال له أبو جعفر
(عليه السلام): وما بدا لك؟ قال: أشهد أني عهدت بروحي وعاينت بعيني، فلم يتفاجأني إلا
ومناد ينادي، أسمعه بأذني ينادي وما أنا بالنائم: ردوا عليه روحه،
فقد سألنا ذلك محمد بن علي.
فقال له أبو جعفر
(عليه السلام): أما علمت أن الله يحب العبد ويبغض عمله ويبغض العبد ويحب عمله؟ قال:
فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام).
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 410
تاريخ النشر : 2023-04-17