أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
قال علي بن
الحسين المسعودي في كتاب الوصية : قام أمير ـ المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بأمر
الله جل وعلا ، وعمره خمس وثلاثون سنة واتبعه المؤمنون ، وقعد عنه المنافقون ،
ونصّبوا للملك وأمر الدنيا رجلا اختاروه لأنفسهم دون من اختاره الله عزوجل ورسول
الله صلى الله عليه وآله.
فروي أن العباس
رضي الله عنه صار إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقد قبض رسول الله صلى الله عليه
وآله فقال له : امدد يدك أبايعك ، فقال : ومن يطلب هذا الامر؟ ومن يصلح له
غيرنا؟ وصار إليه ناس من المسلمين منهم الزبير وأبو سفيان صخر بن حرب فأبى واختلف
المهاجرون والانصار ، فقالت الانصار منا أمير ومنكم أمير فقال قوم من المهاجرين ،
سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الخلافة في قريش ، فسلمت الانصار
لقريش ، بعد أن داسوا سعد بن عبادة ، ووطئوا بطنه ، وبايع عمر بن الخطاب ابا بكر
وصفق على يديه ، ثم بايعه قومه ممن قدم المدينة ذلك الوقت من الاعراب والمؤلفة
قلوبهم ، ـ وتابعهم على ذلك غيرهم واتصل الخبر بأمير المؤمنين عليه السلام بعد
فراغه من غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وتحنيطه وتكفينه وتجهيزه ودفنه ،
بعد الصلاة عليه من حضر من بني هاشم ، وقوم من صحابته ، مثل سلمان وأبي ذر
والمقداد وعمار وحذيفة وأبي بن كعب وجماعة نحو أربعين رجلا ، فقام خطيبا فحمد الله
وأثنى عليه ، ثم قال : إن كانت الامامة في قريش فأنا أحق قريش بها ، وإن لا تكن في
قريش فالأنصار على دعواهم ثم اعتزلهم ودخل بيته ، فأقام فيهم ومن اتبعه من
المسلمين ، وقال : إن لي في خمسة من النبيين اسوة : نوح إذ قال : «إني مغلوب
فانتصر» وابراهيم إذ قال « وأعتزلكم وما تدعون من دون الله » ولوط إذ قال « لو أن
لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد » وموسى إذ قال « ففررت منكم لما خفتكم » وهارون
إذ قال : « إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » ثم ألف عليه السلام القرآن ،
وخرج إلى الناس وقد حمله في إزار معه ، وهو يئط من تحته ، فقال لهم : هذا كتاب
الله قد ألفته كما أمرني وأوصاني رسول الله (ص) كما انزل ، فقال له بعضهم : اتركه
وامض فقال لهم : إن رسول الله قال لكم : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فان قبلتموه فاقبلوني معه ، أحكم بينكم بما فيه من
أحكام الله ، فقالوا لا حاجة لنا فيه ولا فيك ، فانصرف به معك لا تفارقه ، فانصرف عنهم
فأقام أمير المؤمنين عليه السلام ومن معه من شيعته في منازلهم ، بما عهده إليه
رسول الله صلى الله عليه وآله ، فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه ، واستخرجوه
منه كرها ، وضغطوا سيدة النساء بالباب ، حتى أسقطت محسنا ، وأخذوه بالبيعة فامتنع
، وقال : لا أفعل : فقالوا نقتلك فقال : إن تقتلوني فاني عبد الله وأخو رسوله ،
وبسطوا يده فقبضها ، وعسر عليهم فتحها ، فمسحوا عليه وهي مضمومة.
ثم لقي أمير
المؤمنين بعد هذا الفعل بأيام أحد القوم ، فناشده الله وذكره بأيام الله ، وقال له
: هل لك أن أجمع بينك وبين رسول الله حتى يأمرك وينهاك فقال له : نعم ، فخرجا إلى
مسجد قبا فأراه رسول الله (ص) قاعدا فيه ، فقال له : يا فلان على هذا عاهدتموني في
تسليم الامر إلى علي وهو أمير المؤمنين ، فرجع ، وقد هم بتسليم الامر إليه ، فمنعه
صاحبه من ذلك ، فقال هذا سحر مبين ، معروف من سحر بني هاشم ، أوما تذكر يوم كنا مع
ابن أبي كبشة فأمر شجرتين فالتقتا فقضى حاجته خلفهما ثم أمرهما فتفرقتا وعادتا إلى
حالهما؟ فقال له أما إن ذكرتني هذا فقد كنت معه في الكهف ، فمسح يده على وجهي ثم
أهوى برجله فأراني البحر ، ثم أراني جعفرا وأصحابه في سفينة تعوم في البحر.
فرجع عما كان
عزم عليه ، وهموا بقتل أمير المؤمنين وتواصوا وتواعدوا بذلك ، وأن يتولى قتله خالد
بن الوليد ، فبعثت أسماء بنت عميس إلى أمير المؤمنين بجارية لها فأخذت بعضادتي
الباب ونادت « إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين » فخرج عليه السلام
مشتملا بسيفه ، وكان الوعد في قتله أن يسلم إمامهم ، فيقوم خالد إليه بسيفه ،
فأحسوا بأسه ، فقال الامام قبل أن يسلم لا تفعلن خالد ما أمرت به.
ثم كان من
أقاصيصهم ما رواه الناس.
وفي سنتين
وشهرين وسبعة أيام من إمامة أمير المؤمنين مات ابن أبي قحافه ، وهو عتيق ابن عثمان
، وأوصى بالأمر بعده إلى عمر بن الخطاب لعهد كان بينهما واعتزله أمير المؤمنين
عليه السلام كاعتزاله لصاحبه قبله ، إلا بما لم يجد منه بدا ، ولا ينهى إلا عما لم
يجد من النهي عنه بدا ، وهم في خلال ذلك يسالونه ويستفتونه في حلالهم وحرامهم ،
وفي تأويل الكتاب وفصل الخطاب.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 28 / صفحة [ 327 ]
تاريخ النشر : 2025-07-27