أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
- قال علي بن إبراهيم في قوله:
" ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب " إلى قوله: " حتى توارت
بالحجاب " وذلك أن سليمان عليه السلام كان يحب الخيل ويستعرضها، فعرضت عليه
يوما إلى أن غابت الشمس، وفاتته صلاة العصر، فاغتم من ذلك غما
شديدا، فدعا الله عزوجل أن يرد عليه الشمس حتى يصلي العصر، فرد الله سبحانه عليه
الشمس إلى وقت صلاة العصر حتى صلاها، ثم دعا بالخيل فأقبل يضرب أعناقها وسوقها بالسيف
حتى قتلها كلها، وهو قوله عز اسمه: " ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والاعناق * ولقد
فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب " إلى قوله: " إنك أنت
الوهاب " وهو أن سليمان لما تزوج باليمانية ولد
منها ابن وكان يحبه، فنزل ملك الموت على سليمان
وكان كثيرا ما ينزل عليه، فنظر إلى ابنه نظرا حديدا، ففزع سليمان من ذلك، فقال
لامه: إن ملك الموت نظر إلى ابني نظرة أظنه قد أمر بقبض روحه، فقال للجن والشياطين:
هل لكم حيلة في أن تفروه من الموت ؟ فقال واحد منهم: أنا أضعه تحت عين الشمس
في المشرق، فقال سليمان: إن ملك الموت يخرج ما بين المشرق والمغرب، فقال واحد منهم:
أنا أضعه في الارضين السابعة، فقال: إن ملك الموت يبلغ ذلك، فقال آخر: أنا
أضعه في السحاب والهواء، فرفعه ووضعه في السحاب فجاء ملك الموت فقبض روحه في
السحاب، فوقع ميتا على كرسي سليمان، فعلم أنه قد أخطأ، فحكى الله ذلك في قوله:
" وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب "
فقال: " رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي
إنك أنت الوهاب * فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب " والرخاء:
اللينة " والشياطين كل بناء وغواص "
أي في البحر " وآخرين مقرنين في الاصفاد " يعني مقيدين قد
شد بعضهم إلى بعض، وهم الذين عصوا سليمان عليه السلام حين سلبه الله عزوجل ملكه.
وقال الصادق عليه السلام: جعل الله
عزوجل ملك سليمان عليه السلام في خاتمه، فكان إذا
لبسه حضرته الجن والانس والشياطين وجميع الطير والوحش وأطاعوه فيقعد على كرسيه ويبعث
الله عزوجل ريحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين والطير والانس و الدواب
والخيل فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان عليه السلام، وكان يصلي الغداة
بالشام، والظهر بفارس، وكان يأمر الشياطين أن يحملوا الحجارة من فارس يبيعونها بالشام،
فلما مسح أعناق الخيل وسوقها بالسيف سلبه الله ملكه، وكان إذا دخل الخلاء دفع
خاتمه إلى بعض من يخدمه فجاء شيطان فخدع خادمه وأخذ من يده الخاتم ولبسه، فخرت عليه
الشياطين والجن والانس والطير والوحوش، وخرج سليمان عليه السلام في طلب الخاتم
فلم يجده، فهرب ومر على ساحل البحر وأنكرت بنو إسرائيل الشيطان الذي تصور في صورة
سليمان، وصاروا إلى أمه فقالوا لها: أتنكرين من سليمان شيئا ؟ فقالت: كان أبر الناس
بي وهو اليوم يعصيني، وصاروا إلى جواريه ونسائه وقالوا: أتنكرن من سليمان شيئا
؟ قلن: لم يكن يأتينا في الحيض وهو يأتينا في الحيض، فلما خاف الشيطان أن يفطنوا
به ألقى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته وهرب الشيطان فبقوا بنو إسرائيل
يطلبون سليمان عليه السلام أربعين يوما، وكان سليمان عليه السلام يمر على ساحل
البحر تائبا إلى الله مما كان منه، فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد السمك
فقال له: أعينك على أن تعطيني من السمك شيئا ؟ قال: نعم، فأعانه سليمان عليه السلام،
فلما اصطاد دفع إلى سليمان عليه السلام سمكة فأخذها فشق بطنها وذهب يغسلها فوجد
الخاتم في بطنها فلبسه، وحوت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحوش ورجع
إلى ما كان، وطلب ذلك الشيطان وجنوده الذين كانوا معه فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء
وبعضهم في جوف الصخر بأسامي الله، فهم محبوسون معذبون إلى يوم القيامة. قال: ولما
رجع سليمان إلى ملكه قال لآصف بن برخيا - وكان آصف كاتب سليمان وهو الذي كان عنده
علم من الكتاب -: قد عذرت الناس بجهالتهم فكيف أعذرك ؟ فقال: لا تعذرني فلقد عرفت
الحوت الذي أخذ خاتمك وأباه وأمه وعمه وخاله، ولقد قال لي: اكتب لي، فقلت له:
إن قلمي لا يجري بالجور، فقال: اجلس ولا تكتب، فكنت أجلس ولا أكتب شيئا، ولكن أخبرني
عنك يا سليمان صرت تحب الهدهد وهو أخس الطير
منتنا وأخبثه ريحا، قال: إنه يبصر الماء من وراء الصفا الاصم: فقال: وكيف يبصر
الماء من وراء الصفا وإنما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يأخذ بعقبه ؟ فقال
سليمان: قف يا وقاف إنه إذا جاء القدر حال دون البصر.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [98]
تاريخ النشر : 2024-08-10