أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير العياشي
عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إنما مثل علي ومثلنا من بعده من هذه الامة كمثل موسى النبي عليه
السلام والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة، فكان من أمرهما ما اقتصه الله
لنبيه صلى الله عليه وآله في كتابه، وذلك أن الله قال لموسى: " إني اصطفيتك
على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " ثم قال: "
وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ " وقد كان عند العالم
علم لم يكتب لموسى في الالواح، وكان موسى يظن أن جميع الاشياء التي يحتاج إليها في
تابوته، وجميع العلم قد كتب له في الالواح، كما يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء
وعلماء أنهم قد أثبتوا جميع العلم والفقه في الدين مما تحتاج هذه الامة إليه وصح
لهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعلموه ولفظوه، وليس كل علم رسول الله علموه
ولا صار إليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عرفوه، وذلك أن الشيء من
الحلال والحرام والاحكام يرد عليهم فيسألون عنه ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول
الله صلى الله عليه وآله، ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن يسألوا
فلم يجيبوا الناس فيطلبوا العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين
الله وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" كل بدعة ضلالة " فلو أنهم إذ سئلوا عن شئ من دين الله فلم يكن عندهم
منه أثر عن رسول الله ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم من آل محمد عليهم السلام، والذي منعهم من طلب العلم منا العداوة
والحسد لنا، ولا والله ما حسد موسى العالم - وموسى نبي الله يوحى إليه - حيث لقيه
واستنطقه وعرفه بالعلم، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم على ما علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم
يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم وسأله الصحبة ليتعلم منه العلم
ويرشده، فلما أن سأل العالم ذلك علم العالم أن موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل
عليه ولا يصبر معه، فعند ذلك قال العالم: " وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا
" فقال له موسى وهو خاضع له يستعطفه على نفسه كي يقبله: " ستجدني إن شاء
الله صابرا ولا أعصي لك أمرا " وقد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه،
فكذلك والله يا إسحاق بن عمار حلا قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم لا يحتملون
والله علمنا ولا يقبلونه ولا يطيقونه ولا يأخذون به ولا يصبرون عليه كما لم يصبر
موسى على علم العالم حين صحبه، ورأى ما رأى من علمه، وكان ذلك عند موسى مكروها،
وكان عند الله رضى وهو الحق، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ وهو عند الله
الحق.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 13 / صفحة [304]
تاريخ النشر : 2024-08-03