سلطة إصدار القرار وتاريخ الانتخاب
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص162-164
2025-12-02
34
بما ان عملية الترشيح والحملة الانتخابية تبدأ ـ في اغلب الأحيان ـ متزامنة مع إصدار القرار بإجراء الانتخاب وتحديد موعده من قبل السلطة المختصة ، لذا سيتم التطرق في هذا الموضوع إلى السلطة المختصة بإصدار قرار الدعوة للانتخاب في فقرة أولى ، والتواريخ المحددة لذلك في فقرة ثانية .
أولاً : السلطة التي يصدر عنها القرار
تختلف الأنظمة القانونية في دول العالم في تحديد السلطة المختصة بإصدار قرار دعوة الناخبين .
ففي فرنسا يصدر قرار دعوة الناخبين عن السلطة التنفيذية ، وتختلف سلطة إصدار ذلك القرار بحسب ما إذا كان القرار متعلقاً بانتخابات عامة ، أو انتخابات تكميلية ، أو استفتاء .
فبالنسبة للانتخابات البرلمانية الفرنسية ( النواب والشيوخ ) والاستفتاءات ، فإن قرار دعوة الناخبين يصدر من رئيس الجمهورية ، أما في ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ، فإن رئيس الوزراء هو الذي يتولى إصدار قرار دعوة الناخبين للانتخاب ، أما الانتخابات التكميلية أو الجزئية فإن وزير الداخلية هو الذي يملك سلطة إصدار قرار دعوة الناخبين للانتخاب(1) .
وفي مصر ، فإن قرار دعوة الناخبين إلى المشاركة في الانتخابات العامة والاستفتاءات يصدر عن رئيس الجمهورية ، أما بالنسبة للانتخابات التكميلية فإن وزير الداخلية هو المختص بإصدار هذا القرار ، ويجب ان ينشر قرار دعوة الناخبين في الجريدة الرسمية(2) .
أما في العراق فان الدعوة إلى الانتخابات تكون بمرسوم جمهوري ، وذلك بموجب حكم المادة (5) من قانون الانتخابات رقم (16) لسنة 2005 ، والتي تنص على " يحدد موعد الانتخاب بمرسوم جمهوري ، ويعلن عنه بوسائل الإعلام كافة قبل الموعد المحدد لإجرائه بمدة (60) يوما " ، علما بان الانتخابات التي جرت خلال سنة 2005 ، قد جرى تحديد تواريخها ضمن الأحكام التي جاء به قانون إدارة الدولة المؤقت لسنة 2004(3) .
ثانياً : تاريخ الانتخاب
تختلف المواعيد المحددة للانتخابات من دولة لأخرى ، ومن نوع من الانتخابات إلى نوع آخر ، ففي فرنسا ، تقضي المادة (122) من قانون الانتخاب الفرنسي بأن تجري الانتخابات العامة خلال الستين يوماً التي تسبق انتهاء أعمال الجمعية الوطنية ، فيما عدا حالة حل الجمعية ، وتقضي المادة (173) من نفس القانون ان يجري الانتخاب في يوم الأحد الخامس الذي يلي نشر قرار دعوة الناخبين ، أما في حالة حل الجمعية الوطنية فإن الميعاد المذكور في المادة (122) لا يطبق ، وإنما يسري ميعاد آخر حددته المادة (12) من الدستور ، والتي قضت بإجراء الانتخابات العامة التي تلي حل الجمعية خلال عشرين يوماً على الأقل وأربعين يوماً على الأكثر بعد الحل .
ويستخلص من ذلك أن مواعيد انتخابات الجمعية الوطنية تختلف في حالة التجديد الاعتيادي للجمعية عن حالة حلها ، حيث يغلب عليها طابع السرعة في الحالة الأخيرة ( الحل ) (4) .
أما في مصر ، فان انتخابات مجلس الشعب تتم عادة بعد انتهاء المدة المقررة لعضوية المجلس وهي خمس سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له ، وتنتهي في شهر ابريل من السنة الخامسة لدور الانعقاد العادي ، وقد حددت المادة (4) من القانون رقم (38) لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب ، تاريخ الانتخاب بقولها " ويجري الانتخاب لتجديد المجلس خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته "(5) .
أما في حالة حل المجلس ، فإن التاريخ المقرر لإجراء الانتخابات لا يختلف عن التاريخ المحدد لها في حالة التجديد الاعتيادي ، حيث تجري الانتخابات خلال ستين يوماً أيضاً من تاريخ انتهاء ولاية المجلس(6) ، ويلاحظ هنا ان التاريخ المحدد للانتخاب في حالة حل البرلمان يختلف في فرنسا عنه في مصر ، حيث جاءت المدة المقررة لإجراء الانتخاب في مصر أطول من مثيلتها في فرنسا .
أما في العراق ، فان الفقرة ( ثانيا ) من المادة (56) من الدستور العراقي لسنة 2005 ، نصت على ان " يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسة وأربعين يوما من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة " .
أما في حالة حل المجلس فان الموعد يكون أطول ، وذلك بموجب الفقرة ثانيا من المادة (64) من الدستور ، والتي تنص على " يدعو رئيس الجمهورية ، عند حل مجلس النواب ، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوما من تاريخ الحل ، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلا ، ويواصل تصريف الأمور اليومية " .
والحقيقة إن مسلك المشرع العراقي في إطالة مدة الدعوة للانتخابات في حالة حل المجلس عنها في حالة النهاية الاعتيادية لولاية المجلس النيابي ، هو محل نظر ، فلا هو الذي ساير الاتجاه الذي ذهب إليه المشرع المصري بالمساواة بين المدتين ، ولا هو الذي اتبع النهج الذي سار عليه المشرع الفرنسي بتقصير فترة الدعوة للانتخابات في حالة حل المجلس عنها في حالة النهاية العادية لفترة ولاية المجلس ، وهو الرأي الذي نراه الأصوب ، حيث إن حل المجلس قبل انتهاء فترة ولايته يعتبر من الأمور الاستثنائية ، وعادة ما يتم اللجوء إليه في حالة وقوع المشاكل أو الخلافات بين سلطات الدولة ـ وإن كان حلا دستوريا ـ وهذا يستدعي الدعوة إلى الانتخابات واختيار المجلس الجديد بأسرع ما يمكن ، لا إن تكون هذه الفترة أطول من الفترة المقررة في الحالات الاعتيادية .
علما بان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبموجب التخويل الذي منح لها بموجب الأمر رقم (92) الصادر عن سلطة الائتلاف(7) ، قامت بإصدار التعليمات اللازمة قبل كل عملية انتخابية والتي حددت عن طريقها تاريخ ابتداء استقبال طلبات الترشيح وتاريخ الانتهاء لذلك(8) .
________________
1- داود الباز ، حق المشاركة في الحياة السياسية ـ دراسة تحليلية للمادة (62) من الدستور المصري مقارنة مع النظام في فرنسا ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002 ، ص 311 .
2- المادة (22) من القانون رقم (73) لسنة 1956 ، الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية ، والمعدلة بالقانون رقم (4) لسنة 1958 ثم بالقانون رقم (23) لسنة 1972 .
3- ينظر الفقرة (د) من المادة (30) ، والفقرة (ب) من المادة (57) ، والفقرتان (أ) و (د) من المادة (61) من قانون إدارة قانون إدارة الدولة المؤقت لسنة 2004 .
4- د. عيد أحمد الغفلول ، نظام الانتخابات التشريعية في فرنسا ، دار الفكر العربي ، مصر ، 2001 ، ص 15 .
5- فاروق عبد الحميد محمود ، حق الانتخاب وضماناته ـ دراسة مقارنة ـ ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق في جامعة عين شمس ، 1998 ، ص 128 .
6- وهو ما ورد في نص المادة (136) من الدستور " لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب ، ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء خلال ثلاثين يوماً ، فإذا أقرت الأغلبية المطلقة لعدد من أعطوا أصواتهم الحل ، أصدر رئيس الجمهورية قراراً به ، ويجب أن يشتمل القرار على دعوة الناخبين لإجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب في ميعاد لا يتجاوز ستين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء " .
7- ينظر نص المادة (3) من القسم الثالث من الأمر رقم (92) لسنة 2004 .
8- حيث قام قسم تسجيل الكيانات السياسية في دائرة الاتصال الجماهيري في المفوضية ـ بمناسبة الانتخابات النيابية في 15 كانون الأول 2005 ـ بإصدار كراسة تعليمات ( إجراءات المصادقة على الكيانات السياسية والائتلافات للمشاركة في انتخابات كانون الأول 2005 ) بتاريخ 28 آب 2005 ، وحددت هذه الإجراءات ما على الكيانات السياسية القيام به للحصول على المصادقة عليها ككيان سياسي أولا ، ومن ثم التقدم بقوائم مرشحيها للانتخابات ، فتم تحديد تاريخ الرابع من أيلول لبدأ فترة قبول طلبات المصادقة على الكيانات السياسية ولغاية الثلاثين من أيلول ، كما تم تحديد يوم 27 أيلول للبدء بعملية استلام طلبات المصادقة على قوائم المرشحين ولغاية يوم 21 من تشرين الأول لسنة 2005 . ونلاحظ هنا ان التواريخ المحددة بموجب كراسة الإجراءات التي أصدرتها المفوضية تزيد على فترة الـ (60) يوم التي حددتها المادة الخامسة من قانون الانتخاب، ولعل العذر في ذلك ان موعد هذه الانتخابات قد حدد ومنذ فترة طويلة بموجب الفقرة ( د ) من المادة (61) من قانون إدارة الدولة المؤقت .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة