الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
النظام الاجتماعي / الوحدة والتضامن
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص393ــ400
2025-09-02
39
تدور العلاقات الاجتماعية بشكل رئيسي حول محور حقوق الناس، وتنقسم إلى قسمين:
1. المعاملة بالمثل، إذا اعتدى أحد على أحد، بإمكان المعتدى عليه أن يقاضيه بصورة عادلة طبقاً للآيتين الكريمتين: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، و {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]. فالمبدأ الحاكم هنا هو العمل بالآية {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} [يونس: 27]؛ ولكن لا يمكن للمجتمع أن يُدار وفقاً لهذا المبدأ لأنه لو أراد كل شخص أن يردّ الاعتداء بمثله، فمعنى ذلك تراكم ملايين الدعاوي في المحاكم القضائية. فهذا المبدأ وإن كان حقاً، وتطبيقه في بعض الحالات يعد ضرورة، إلا أنه لا يمكن إدارة المجتمع والبلاد وفقاً لهذا المبدأ فقط؛ فالقانون الذي يضمن مبدأ التعامل الحقوقي بالمثل بين الأفراد، قـد يسكت المجتمع لكنه لن يمنحه الاستقرار والسكينة.
2. العفو والتفاهم في القضايا والحقوق الإنسانية، فالدين الذي يقول: {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} [يونس: 27]، نفس الدين يصرح في المباحث الأخلاقية: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الرعد: 22]، فنجد أن الله سبحانه وتعالى يوصي الناس في هذه الآية بالتسامح فيما بينهم والعفو والصفح بعضهم عن بعض وتخفيف العقوبات والسبب في ذلك أنه بالأخلاق يرتقي المجتمع إلى ذروة الكمال.
وعليه، فالعدل وحده لا يكفي، وإن كان المجتمع الإنساني بحاجة إليه لزوماً {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل: 90]، بيد أن العدل هو أسس الحضارة وبنيته التحتية فيما الإحسان سقفه، فعقبت الآية الشريفة بالأمر بالإحسان {وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90]؛ بما يعني أن المجتمع يُدار بالإحسان والتعامل والتفاهم، ومن أمثلة الإحسان صلة الرحم، والعفو، والإنفاق، والصدقة، وإصلاح ذات البين، والأخذ بيد المحرومين، والاهتمام بحقوق الجميع ... إلخ. تعجّ التعاليم الإسلامية في هذا الموضوع بوصايا عديدة نتعرّض لقسم منها هنا:
ـ الوحدة والتضامن
تحظى مسألة الوحدة والاجتماع حول محور الدين والإمام العادل بأهمية استثنائية في الإسلام؛ فحتى الصلاة التي هي رمز العبادة تقام جماعة، ترجيحاً أو لزوماً. كما هو الحال مع صلاة عيد الفطر والأضحى (في عصر الغيبة) والصلوات اليومية الواجبة التي تقام ترجيحاً وصلاة الجمعة وجوباً جماعةً. قال الله تعالى في القرآن الكريم {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ، كَذِئبِ الغَنَمِ؛ يَأْخُذُ الشَّاةَ القَاصِيَةَ وَالناحِيَةَ؛ فإِيَّاكُمْ والشَّعابَ، وَعَليكم، بالجماعة، والعامة والمَسجِدِ(1).
وفي موضع آخر قال (صلى الله عليه وآله):... قد تربَّعتِ الأُمورُ بهم في ظِلِّ سُلْطَانِ قاهِرِ... وَيَأْوُونَ إِلى كَنَفِهَا بِنِعْمَةٍ لا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ المخلوقين لها قيمة(2)؛ إذن، فمفارقة جماعة المؤمنين ليس عامل تقرّب، بل مدعاة للوقوع في حبائل الشيطان.
آثار الوحدة والمحبة
لإصلاح ذات البين - لطالما ورد التأكيد عليه في القرآن الكريم(3) ـ وتجنّب الفرقة والتشتت آثار دنيوية وأخروية فردية واجتماعية، نشير هاهنا إلى بعضها:
سخط الشيطان: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): لا يَزَالُ إِبْلِيسُ فَرِحاً مَا اهْتَجَرَ الْمُسْلِمَانِ فَإِذَا الْتَقَيَا اصْطَكَتْ رُكْبَتَاهُ وَتَخَلَّعَتْ أَوْصَالُهُ وَنَادَى: يَا وَيْلَهُ، مَا لَقِيَ مِنَ الثُّبُورِ(4).
أفضل من نافلة الصلاة والصوم: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):... إِصْلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ(5).
السبق نحو الجنّة: أَيُّما مُسْلِمَيْنِ تَهَاجَرَا فَمَكَثَا ثَلَاثَ... فَأَيُّهُما سَبَقَ إِلَى كَلَامِ أَخِيهِ كَانَ السَّابِقَ إِلَى الْجَنَّةِ يَوْمَ الْحِسَابِ(6).
حرمة الفرقة والفتنة والفساد
يعدّ اجتناب الفرقة والفتنة والفساد الاجتماعي من أهم القضايا في الإسلام على صعيد الأخلاق الاجتماعية، ولمحاربة الفرقة آثار إيجابية مثل الاستقرار والوحدة والمحبة والتقدّم المادي والمعنوي للفرد والمجتمع على السواء؛ الأمر الذي يفسر عناية الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (سلام الله عليهم) بهذه القضايا، وحثّ الناس على التمسك بها.
قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) لأصحابه ذات يوم: ألا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِـنْ دَرَجَةِ الصَّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلاةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَهِيَ الحَالِقَةُ(7)، وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ(8).
وعن الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه): إِنَّ الشَّيْطَانَ يُغْرِي بَيْنَ الْمُؤْمِنَيْنِ... فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَ أَلَّفَ بَيْنَ وَلِيَّيْنِ لَنَا. يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ! تَأَلَّفُوا وَتَعَاطَفُوا(9).
خطر الفرقة والانفصال عن الجماعة
أهل الفتنة يتبعون خطوات الشيطان فيدفع بهم نحو الانحراف، ومن يحيـد عن طريق الصواب وينفخ في نار الفتن والاختلافات فلينتظر عذاب الله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210].
ربما يدعو المفتنون بألسنتهم قائلين: ربنا لا تعذبنا، ولكن بلسان حالهم وما تقترفه أيديهم يستنزلون عذاب الله وسخطه، لأنهم باتباعهم خطوات الشيطان لا يظلمون أنفسهم فقط، وإنما يدقون إسفيناً في كيان المجتمع الإنساني والإسلامي، ويفتحون أبواب العذاب الإلهي أمامهم؛ من هنا، فإنّهم معذبون في الدنيا والبرزخ وفي الآخرة، والحكم بعذابهم قطعي ونهائي.
والإمام أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) في إطار دعوته الجميع إلى الالتفاف حول نعمة الوحدة والأخوة ونهيه عن مخاطر الفرقة والانفصال عن الجماعة كان يقول:
1. وَالْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّاذّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذُ مِنَ الْغَنَمِ لِلذُّئْبِ(10).
2. فَإِيَّاكُمْ وَالتَّلَوُّنَ فِي دِينِ الله، فَإِنَّ جَمَاعَةٌ فِيمَا تَكْرَهُونَ مِنَ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ فُرْقَةٍ فِيمَا تُحِبُّونَ مِنَ الْبَاطِلِ وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُعْطِ أَحَداً بِفُرْقَةٍ خَيْرًا ممِنْ مَضَى وَلَا مِمَّنْ بَقِي(11).
3. وَلا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الحَالِقَة (فالحقد كالشفرة الحادة يحلق أساس الدين وجسمه، في كل يوم، فلا ينبت وتمحى كل آثاره، كما تفعل الشفرة عند حلق الرأس فلا يتبقى شعر(12)(13).
النهي عن الخصام والعداوة
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ(14)؛ وعَنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: لا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانَا وَلَا يَحِلُّ لمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ(15).
آثار الفرقة والعداوة
فرح الشيطان: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): لَا يَزَالُ إِبْلِيسُ فَرِحاً مَا اهْتَجَرَ المُسْلِمَانِ(16).
وعن الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه) قال في رواية أخرى: إِنَّ الشَّيْطَانَ يُغْرِي بَيْنَ الْمُؤْمِنَيْنِ مَا لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَنْ ذَنْبِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ وَقَالَ: فُرْتُ(17).
خروج من الإسلام وولاية الله: عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) عن أبيه عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله): أَيُّمَا مُسْلِمَيْنِ تَهَاجَرَا فَمَكَثَا ثَلاثاً لَا يَصْطَلِحَانِ إِلَّا كَانَا خَارِجَيْنِ مِنَ الإِسْلَامِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَايَةٌ(18).
دخول جهنم: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَهُوَ فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ يَتَدَارَكَهُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ(19).
كمن يسفك دم أخيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هَجْرُ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ كَسَفْكِ دَمِهِ(20).
يستحق اللعن والبراءة: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): لا يَفْتَرِقُ رَجُلانِ عَلَى الهِجْرَانِ إِلَّا اسْتَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَرَاءَةَ وَاللَّعْنَةَ وَرُبَّمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ كلاهما(21).
عدم قبول أعماله: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: يَا أَبَا ذَرّ! إِيَّاكَ وَهِجْرَانَ أَخِيكَ، فَإِنَّ الْعَمَلَ لا يُتَقَبَّلُ مَعَ الْهِجْرَانِ(22).
القول المفتعل لإصلاح ذات البين
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) موصيا الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): يَا عَلِيُّ! ثَلاثٌ يَحْسُنُ فِيهِنَّ الْكِذَبُ: المكيدَةُ فِي الحَرْبِ وَعِدَتُكَ زَوْجَتَكَ وَالإِصْلاحُ بَيْنَ النَّاسِ(23).
ملاحظة: لا شكّ في أنّ حرمة الكذب من المسلمات في الشريعة المقدسة، بيد أن استثناء الكلام المتصنع في هذا الحديث - وإن لم يحدث حقيقة ـ هــو لـوضـوح المصلحة في الانتصار على العدو في ميدان المعركة وكذلك منع الناس من الوقوع في الفتنة والفساد بما يتعلّق بموضوع الإصلاح؛ ولكن جواز إطلاق الزوج الوعود للزوجة مع عدم إمكان إيفائه لها هو لجهة أن هذا ليس من قبيل الخبر الكاذب، وخلاصة ذلك هو: 1. حرمة الكذب ليست كحرمة الظلم، أمراً ذاتياً لا يقبل التغيير؛ بل هو في حدود الاقتضاء وليس كعلة تامة، بمعنى عـلـى الــرغـم من كون الكذب مفسدة، لكنه إذا تزاحم مع مصلحة أهم(24)، يمكن الإغضاء عنه لقضاء تلك المصلحة الأهم، فتنتفي حرمته استثناءً؛ كأن يكذب المرء لمنع وقوع جريمة قتل بحق إنسان بريء، ولا خيار أمامه سوى الكذب لدرء ذلك. 2. الكذب بشأن خبر معين، كأن يقول أحدهم: فلان فعل كذا، في حين أنه لم يفعل؛ ولكن عندما يأمر شخص شخصاً آخر بأن يفعل أمراً ما، أو يعد بأن يقوم بذلك الفعل، فمن حيث أنّ هذا الكلام إنشائي وليس خبري فلا ينطبق عليه الصدق والكذب.
________________________
(1) الجامع الصغير، ج 1، ص309.
(2) نهج البلاغة خطبة رقم 192، الفقرتان 100 و 104.
(3) سورة الحجرات، الآيتان 9 - 10.
(4) الكافي، ج 2، ص 346.
(5) ثواب الأعمال، ص 148.
(6) الكافي، ج 2، ص 345.
(7) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج1، ص39.
(8) عيون أخبار الرضا (سلام الله عليه)، ج 2، ص 46.
(9) الكافي، ج 2، ص 346.
(10) نهج البلاغة، خطبة رقم 127.
(11) نهج البلاغة، خطبة رقم 176، فقرة 33 - 34.
(12) نهج البلاغة، خطبة رقم 86، فقرة 12.
(13) تسنیم، ج 10، ص 297.
(14) كتاب الخصال، ص 183؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 263.
(15) مستدرك الوسائل، ج 9، ص 97.
(16) الكافي، ج 2، ص 346.
(17) إرشاد القلوب، ص179.
(18) الكافي، ج 2، ص 345.
(19) كنز العمال، ج 9، ص 47.
(20) الجامع الصغير، ج 2، ص711.
(21) الكافي، ج 2، ص 344.
(22) مشكاة الأنوار، ص 209.
(23) الفقيه، ج 4، ص 59.
(24) لفظ «تزاحم» مصطلح فقهي أصولي ويعني تعذر الجمع بين مصلحتين أو أمرين وتطبيقهما في مجال العمل.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
