Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
سرُّ النور… قصة جابر مع الدعاء الفلسفي

منذ 1 ساعة
في 2025/12/08م
عدد المشاهدات :13

كانت ليلةٌ من ليالي المدينة الهادئة، وقد افترشت السماءُ أردانَها الزرق، تتلألأ فيها نجومٌ كأنها حروفُ نورٍ تكتب وصايا الغيب.
ومشى جابر بن حيان في أزقة المدينة وهو يحمل في صدره قلقًا كقنديلٍ يتوهّج، يبحث عن بابٍ يفتحه العلم، ويخشى ظلمةً قد تقفل عليه قلبه.
وقف عند دارٍ يعرفها… دارٌ كان إذا طرقها انفتحت له أبواب السماوات.
طرق الباب، فانشقّ النور من بين شقوقه، وخرج صوتٌ باردٌ كنسيم سحر:
ادخل يا جابر.
دخل جابر، فإذا الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام جالس، يغشاه وقارٌ كأنه ظلُّ العرش، وتحيط به سكينةٌ كأنها آياتُ ذكرٍ تهبط.
جلس جابر بين يديه مطأطئ الرأس، وقال بصوتٍ مشوبٍ بالرجاء:
سيدي، قد اجتهدتُ في طلب العلم، وحَفِظتُ ما استطعت، ولكن القلبَ يضطرب، والنيةَ تزلّ، والشيطان يطيف بي. دلّني على ما يكون لي نورًا وفتحًا ورشدًا.
ابتسم الإمام الصادق عليه السلام ابتسامةً فيها رحمة المربي وعلم الحكيم، وقال:
يا جابر، إن القلب مرآةٌ، ولا يشرق فيها الحقّ ما دام فيها غبارُ اللجاج، ولا يثبت فيها العلم ما لم تُصفَّ بالنية.
رفع الإمام رأسه نحو السماء قليلًا، ثم عاد ينظر إلى جابر وقال: إنّ الفلاسفة دعوا بدعاء، وأهل الحكمة لهم مناجاة، غير أنّ الحقّ أصفى وأبين. خذ مني دعاءً لا يتمّ لك أمرٌ في العلم إلا به… ولكن بشرط.
رفع جابر حاجبيه وقال بلهفة:
وما الشرط يا مولاي؟
قال الإمام، بصوتٍ لا يشبه أصوات الناس:
أن تُخرج الشيطان من نيتك، وأن تسكن روحَك بين يدي الله كما يسكن الطفلُ على صدر أمّه… وأن تقصد الله لا سواه.
هزّ جابر رأسه وقد بلّلته مهابةُ الوصية.
ثم مدّ الإمام يده نحو جابر وقال:
اسمع يا جابر… هذا دعاءٌ علّمتُك إياه ليكون لك مفتاحًا، وشرطُ المفاتيح الطهارةُ والسكينة والانقطاع.
وأخذ الإمام يشرح له هيئة الطهر والصلاة، وكيف يقرأ في صلاته، وكيف يمدّ يديه إلى الله.
كان جابر يصغي، كمن يسمع موسيقى تنهمر من ملكوتٍ بعيد.
ثم قال الإمام: فإذا فرغت من ذلك كلّه، فقل:
اللَّهُمَّ، أنتَ أنتَ، يا مَن هو هو، يا مَن لا يعلم ما هو إلا هو…
وما إن مضى الإمام في ذكر فصول الدعاء، حتى شعر جابر بأنّ كلمات سيده ليست ألفاظًا تُقال، بل أبوابًا تُهيّأ للفتح؛ كلُّ جملةٍ مصباح، وكلُّ فقرةٍ سلّمٌ من نور.
وبينما الإمام يتلو، رأى جابر كأنّ الهواء قد امتلأ بأنفاسٍ من رحمة، والليلَ يزحف إلى الوراء ليفسح الطريق لنورٍ آخر.
فلما فرغ الإمام من البيان، قال له:
يا جابر، بهذا الدعاء تُزجر الشياطين، وتستنير المَلَكات، وتُفتح طرقٌ ما كانت تُفتح إلا لمن صفا قلبُه . ثم مال نحوه وقال بصوت خفيض:
ولكن إيّاك وسرّ السرّ. العلمُ لا يعطيه الله لمن أراد به الدنيا… إنما يعطيه لمن قصد الحقّ، وصدق النية، ووضع جبهته على الأرض خضوعًا.
أطرق جابر قليلًا، كأنما يستحضر نفسه من بعيد، ثم قال:
سيدي، لقد أثقلتَ عليَّ، ولكنك رحمتني.
قال الإمام مبتسمًا:
يا جابر، من أراد البحر، فلا يرضى بقطرة. ومن أراد العلم، فلا يرضى بظلّ العلم.
ثم وقف الإمام، ووقف جابر معه، فالتقت العينان لقاءَ معلمٍ يودّع تلميذًا سيمضي في طريقٍ طويل.
امضِ يا جابر، قال الإمام،
واتخذ الدعاء دليلك، والنية سلاحك، والصدقَ مركبك… فسترى عجائب ربّك إذا خلص قصدك.
خرج جابر من الدار، وقد تغيّر كلُّ شيء من حوله…
السماء أوسع، والريح ألطف، والحجارة تحت قدميه كأنها تشهد.
وشعر لأول مرة أن العلم ليس حروفًا، بل نورٌ لا يُؤتاه إلا لمن عرف بابَ الله.
وفي تلك الليلة، بدأ جابر رحلته…
رحلة العارف الذي حمل وصية الإمام، وجعل الدعاء مفتاح العلم، فصار اسمُه — كما تنبّأ مولاه — مفخرةَ الشرق، ولا يزال أثره نورًا يتلألأ في مكاتب الحكماء إلى يوم الناس هذا.
الغرفة الزجاجية بين الصخب الإعلامي وظلال الحقيقة
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
في زمنٍ صار فيه الضوء يُسلَّط حيث الضجيجُ أعلى، لا حيث الحاجةُ أعمق، بتنا نشهد مشاهد إنسانية تُقدَّم على هيئة عروضٍ استعراضية، غرفٌ زجاجية تُشيَّد كأنها معابد عصرية للترند، لا يُعرَف من يديرها، ولا إلى أين تذهب الأموال التي تُسكَب عند عتبتها، ولا بأي روحٍ تُستثمر دموعُ الفقراء على منصاتها... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

الْتَّضَارِيْسُ إِنَّ الْـعُـيُوْنَ الَّـتِـيْ سَـالَـتْ تُـوَدِّعُـكُمْ ... المزيد
كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...


منذ 3 ايام
2025/12/05
هي أنهار تجري على السطح ثم تدخل إلى شقوق أو فتحات موجودة في الصخور، فتغوص داخل...
منذ 5 ايام
2025/12/03
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء التاسع والسبعون: اللحظة التي لا تعرفها الفيزياء:...
منذ 1 اسبوع
2025/11/28
الضمير: قراءة علمية في ماهية صوت الإنسان الداخلي الأستاذ الدكتور نوري حسين نور...