جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: في ما يكون بالإضافة إلى نفس الحكم. وقد أصر شيخنا الأعظم قدس سره في تعقيب حجة القول السابع من أقوال الاستصحاب على كونه منتزعا من جعل الحكم على النحو الخاص، من دون أن يكون مجعولا مستقلا في قباله، ولا تابعا في الجعل له، فضلا عن أن يكون هو المجعول الأصلي ويكون الحكم تابعا له. وحكى عن شرح الزبدة نسبة ذلك للمشهور، وعن شرح الوافية للسيد صدر الدين أنه الذي استقر عليه رأي المحققين. مستدلا عليه بالوجدان، لان الحاكم لا يجد من نفسه جعل أمر غير الحكم، ولا يراد من بيان هذه الأمور لو وقعت في لسان الحاكم أو من يحكي عنه إلا بيان نحو جعل الحكم، من دون أن يقصد بيان جعلها. نعم، لا يراد بذلك اتحادهما مفهوما، إذ لا ريب في أنهما محمولان مختلفان الموضوع. لكن حكي عن بعضهم البناء على كون السببية مجعولة، منهم المحقق الأعرجي في شرح الوافية، مدعيا بداهة اختلاف التكليف عن الوضع وعدم رجوع أحدهما للاخر، وإن كانا متلازمين في مقام الجعل فيكون جعل أحدهما مستلزما لجعل الاخر، قال بعد بيان ذلك: (فقول الشارع: دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة، والحيض مانع منها، خطاب وضعي وإن استتبع تكليفا، وهو إيجاب الصلاة عند الزوال، وتحريمها عند الحيض، كما أن قوله تعالى: "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ" (الاسراء 78) و (دعي الصلاة أيام أقرائك) خطاب تكليفي وإن استتبع وضعا، وهو كون الدلوك سببا والأقراء مانعا. والحاصل: أن هناك أمرين متباينين كل منهما فرد للحكم، فلا يغني استتباع أحدهما للاخر عن مراعاته واحتسابه في عداد الاحكام). وقد جرى على ذلك بعض الأعيان المحققين قدس سره مدعيا أنه بعد انتزاع كل من السببية والحكم من الجعل المتضمن لإناطة الحكم بموضوعه لا بد من البناء على جعلهما معا بجعل واحد، من دون وجه لدعوى انتزاعية أحدهما من الاخر الذي يختص بالجعل. أقول: جعل التكليف والأمور الاعتبارية الوضعية إنما يصح بلحاظ الأثر والعمل المترتب عليها ولو في الجملة، وإلا كان جعلها لغوا غير مصحح لاعتبارها بنظر العقلاء. ومن هنا لا مجال لدعوى اعتبار كل من الحكم والسببية وجعلهما في عرض واحد، لكفاية أحدهما في ترتب الآثار العملية المهمة بلا حاجة إلى انضمام جعل الاخر إليه. بل لا بد إما من جعل أحدهما في طول الاخر للترتب بينهما في الجعل، بأن يدعى - مثلا - عدم جعل الحكم الذي هو مورد الآثار إلا في مرتبة متأخرة عن جعل السببية، فلا بد من جعلها مقدمة لجعله، وإما من الاقتصار في الجعل على السببية، لكونها مورد الآثار دون السببية، بل تكون منتزعة منه، كما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره وغيره.
جاء في المحكم في أصول الفقه لآية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم: لما اشتهر من دلالة كان على النسبة في الزمان الماضي. لكن الظاهر انسلاخها في المقام ونحوه عن ذلك، وتمحضها لبيان أصل النسبة، فيدل هذا التركيب على نفي النسبة المذكورة، بل على أنه ليس من شأنها الوقوع، نظير قوله تعالى: "وما كنت متخذ المضلين عضدا" (الكهف 51)، وقوله سبحانه: "وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" (الانفال 33)، وقوله عز وجل: "وما كان عطاء ربك محظورا" (الاسراء 20)، وقوله جل شأنه: "وما كان ربك نسيا" (مريم 64)، إلى غير ذلك مما سلط فيه النفي على كان وأريد به بيان لزوم النفي، فيناسب المقام. نعم، لو سلطت كان على النفي كانت ظاهرة في الزمان الماضي، كما في قوله تعالى: "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه" (المائدة 79)، وقوله سبحانه: "إنهم كانوا لا يرجون حسابا" (النبأ 27)، ومنه لو قيل في المقام: (كنا لا نعذب حتى...) هذا، مع ظهور العذاب في ما يعم العذاب الأخروي أو يخصه، ولا سيما بملاحظة سوق الآية في سياق آيات استحقاق العذاب الأخروي، لبيان قضايا ارتكازية، قال تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها" (الاسراء 13-16). على أنه لو تم ما ذكره قدس سره فمن الظاهر عدم سوق الآية لمحض الاخبار، بل لبيان جريانه تعالى في العذاب على طبق الموازين العقلائية العامة الراجحة أو اللازمة من توقفه على إقامة الحجة، فيدل على ثبوت ذلك في العذاب الأخروي بتنقيح المناط، بل بالأولوية، لأهمية العقاب الأخروي، بلحاظ شدته، وتمحضه في الجزاء، الذي هو أولى بالاحتياج للحجة، بخلاف العذاب الدنيوي، حيث أنه قد يكون من سنخ الآثار الوضعية للأفعال وإن كانت عن عذر، أو يكون للامتحان، أو نحوهما مما لا يكون من سنخ الجزاء ولا يتوقف على إقامة الحجة ارتكازا. فالانصاف أن دلالة الآية وافية جدا.
جاء في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم: هناك بعض الأمور لها أهمية خاصة في علاقتكم بالله تعالى وفي تقويم شخصيتكم وتحديد هويتكم.. 1 ـ إقامة الفرائض، فإن من تركها هلك، لأهميتها شرع. ولاسيما الصلاة التي هي عمود الدين وشعار الإسلام الأكبر، حتى قال الإمام الصادق عليه السلام في صحيح عبيد بن زرارة المتقدم: "فإن تارك الصلاة كافر". وخصوصاً بعد أن كانت لا تفارق الإنسان في جميع الأوقات، حيث تكون سبباً لاستمرار اتصاله بالله تعالى وارتباطه به، وترويضه على الانضباط والالتزام، والبعد عن الغفلة والإهمال. وحبذا لو تقام في أماكن عامة، كالمساجد والحسينيات ونحوه، حيث يتم بها إقامة الشعار على الوجه الأكمل. كما تكون سبباً لتعارف المؤمنين فيما بينهم وتآلفهم، ثم تفقّد بعضهم لبعض، وتعرفه على حاله، وتعاونهم فيما بينهم. 2 ـ القرآن العظيم الذي هو عهد الله تعالى في خلقه، وكتابه المجيد الذي "لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" (فصلت 42). وهو بعدُ معجزة الإسلام الخالدة وحجته الواضحة القاهرة التي يحقّ للمسلمين أن يرفعوا رؤوسهم فخراً به. كما ينبغي للناس جميعاً أن يطأطؤا برؤوسهم بخوعاً له. ولاسيما بمقارنتها بكتب الأديان الأخرى. حيث يبدو الفرق ظاهراً للعيان، وقد قال الله عز وجل: "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً" (الاسراء 88). فعلى المسلم أن يلزم نفسه بقراءته بتدبر وتبصر، ويحاول العمل عليه، والاتعاظ به قال الله تعالى: "إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" (الاسراء 9) وقال عز من قائل: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً" (الاسراء 82). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى، أو نقصان في عمى... فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لاوائكم، فإن فيه شفاء من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال... وإن الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل هذا القرآن، فإنه حبل الله المتين، وسببه الأمين، وفيه ربيع القلب، وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره...". 3 ـ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته الطاهرين عليه السلام من المواعظ والإرشادات، التي تضمنتها أحاديثهم وخطبهم وسيرهم، كما أشرنا إليه آنف. ولعل لنهج البلاغة ميزته في ذلك، لجامعيته على اختصاره، وسهولة تناوله، ورفعة مضامينه وبلاغته، حتى عدّ أول كتاب إسلامي بعد القرآن المجيد. فينبغي لكم تعاهده ومدارسته، والتدبر في مضامينه، والتفاعل معه، فإنه خير معين لكم في غربتكم. بل هو فخر لكم أمام غيركم، وأقوى في تثبيت حجتكم. 4 ـ ذكر الله تعالى ودعاؤه والالتجاء إليه، والتضرع بين يديه في غفران ذنوبكم، وستر عيوبكم، وإصلاح نفوسكم، وجبران نقصكم، وإعانتكم في أمركم، وقضاء حوائجكم العامة والخاصة، ونصركم على أعدائكم، ودفع البلاء عنكم، إنه ولي المؤمنين، الرحيم بهم. وقد تظافرت الآيات والروايات في الحثّ على ذلك، قال عز من قائل: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ" (البقرة 152). وقال سبحانه: "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (السجدة 16-17).
جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: لا إشكال في المرة بمعنى وحدة التكليف المجعول بعد ما سبق من كون المكلف به هو الطبيعة من حيث هي، لاستحالة اجتماع المثلين، ولابد في تعدده من تعدد متعلقه، لقيام القرينة على أن المكلف به ليس هو الطبيعة من حيث هي، بل بنحو الاستغراق لجملة من الافراد، حيث يمكن حينئذ تعدد التكليف تبعا لها، كما يمكن وحدته وتعلقه بها بنحو المجموعية، والمتبع في إثبات أحد الامرين ظاهر الدليل. وكذا لو ابتنى التكليف على الانحلال إلى تكاليف متعددة بتعدد الموضوعات المفروضة، كما في القضايا الحقيقية، كقوله تعالى: "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ" (الاسراء 78) حيث كان ظاهره تعدد الموضوع بتعدد أفراد الدلوك، فيتجدد التكليف بتجدده في كل يوم، المستلزم لتعدد الصلاة الواجبة تبعا لتعدد التكليف، وعدم كون الواجب طبيعة الصلاة من حيث هي الصادقة بالفرد الواحد، لامتناع تعدد التكليف بها، كما ذكرنا، وتمام الكلام فيه في مبحث التداخل من مفهوم الشرط. ولعل ذلك هو منشأ القول بالتكرار، لان الشائع في الأحكام الشرعية أن يكون تشريعها بنحو القضية الحقيقة. وإلا فمن البعيد جدا البناء على لزوم التكرار من دون أن يتجدد موضوع التكليف، مع وضوح خروجه عن طريقة العقلاء في فهم دليل التكليف وامتثاله بنحو يلحق بالبديهيات. لكن البناء على التكرار لتجدد موضوع التكليف لا يرجع إلى إفادة الامر التكرار، الذي هو ظاهر تحرير محل النزاع، بل إلى ظهور القضية في الحقيقية المنحلة إلى قضايا متعددة بتعدد الموضوعات المفروضة، وهو أجنبي عن محل الكلام جار في غير الامر أيضا. وكيف كان، فلا ينبغي التأمل فيما ذكرنا، وإن أطال غير واحد في استطراد حجج القولين بما لا مجال للتعرض له بعد ما سبق، لظهور ضعفها بأدنى تأمل. نعم، قد يستدل على التكرار مع قطع النظر عن مفاد الامر تارة: بقوله صلى الله عليه وآله: (إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم). وأخرى: باستصحاب وجوب الطبيعة بعد الاتيان بها مرة.







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN