جاء في کتاب الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام للسيد سامي البدري: وروى أبو الفرج أيضاً، عن على بن محمد بن سليمان النوفلي، عن أبيه، عن عمومته، أنّهم حضروا سليمان بن علي بالبصرة، وقد حضر جماعة من بني اُميّة عنده، عليهم الثياب الموشاة المرتفعة قال أحد الرواة المذكورين: فكأنّي أنظر إلى أحدهم وقد أسودّ شيب في عارضيه من الغالية ـ فأمر بهم فقتلوا وجرّوا بأرجلهم، فألقوا على الطريق، وأنّ عليهم لسراويلات الوشى، والكلاب تجرّهم بأرجلهم. وروى أبو الفرج الأصفهاني، قال: أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري، عن عمر بن شبة، قال: قال سديف لأبي العباس يحضّه على بني اُميّة، ويذكر مَنْ قتل مروان وبنو أميّة من أهله: كيف بالعفو عنهم وقديماً * قتلوكم وهتّكوا الحرماتِ أين زيدٌ وأين يحيى بن زيدٍ * يا لها من مصيبةٍ وتراتِ والإمام الذي أُصيب بحرّان * إمامُ الهدى ورأسُ الثقاتِ قتلوا آلَ أحمد لا عفى الذنب * لمروان غافرُ السيئاتِ. قال أبو الفرج: وأخبرني علي بن سليمان الأخفش، قال: أنشدني محمد بن يزيد المبرّد لرجل من شيعة بني العباس يحضّهم على بني اُميّة: إياكم أن تلينوا لاعتذارهمُ * فليسَ ذلك إلاّ الخوفُ والطمعُ لو أنّهم أمنوا أبدوا عداوتهمْ * لكنّهم قمعوا بالذلِّ فانقمعوا أليسَ في ألفِ شهرٍ قد مضت * لهم سُقيتمُ جرعاً من بعدها جرعُ حتّى إذا ما انقضت أيامُ مدّتهمْ * متّوا إليكم بالارحامِ التي قطعوا هيهات لا بدّ أن يسقوا بكأسهمُ ريّاً * وأن يحصدوا الزرع الذي زرعوا إنّا وإخواننا الأنصار شيعتُكمْ * إذا تفرّقت الأهواءُ والشيعُ. قال أبو الفرج: وروى ابن المعتز في قصّة سديف مثل ما ذكرناه من قبل، إلاّ أنّه قال فيها: فلمّا أنشده ذلك التفت إليه أبو الغمر سليمان بن هشام، فقال: يا ماص بظر اُمّه! أتجبهنا بمثل هذا ونحن سروات الناس؟ فغضب أبو العباس، وكان سليمان بن هشام صديقه قديماً وحديثاً، يقضي حوائجه في أيامهم ويبرّه، فلم يلتفت إلى ذلك، وصاح بالخراسانية: خذوهم. فقتلوهم جميعاً إلاّ سليمان بن هشام فأقبل عليه أبو العباس، فقال: يا أبا الغمر، ما أرى لك في الحياة بعد هؤلاء خيراً. قال: لا والله. قال: فاقتلوه. (وكان إلى جنبه) فقُتل، وصُلبوا في بستانه حتّى تأذّى جلساؤه بريحهم، فكلّموه في ذلك فقال: والله، إنّ ريحهم عندي لألذّ وأطيب من ريح المسك والعنبر، (غيظاً عليهم وحنقاً). لمّا ضرب عبد الله بن علي أعناق بني اُميّة، قال له قائل من أصحابه: هذا والله جهد البلاء. فقال عبد الله: كلاّ، ما هذا وشرطة حجّام إلاّ سواء، إنّما جهد البلاء فقر مدقع، بعد غنى موسع. خطب سليمان بن علي لمّا قتل بني اُميّة بالبصرة. فقال: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الأنبياء 105) قضاء فصل، وقول مبرم، فالحمد لله الذي صدق عبده، وأنجز وعده، وبعداً للقوم الظالمين الذين اتّخذوا الكعبة غرضاً، والدين هزواً، والفيء إرثاً، والقرآن عضين، لقد حاق بهم ما كانوا به يستهزئون، ذلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ. أمهلهم حتّى اضطهدوا العترة، ونبذوا السنّة. ثمّ أخذهم، فـ "هلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً" (مريم 98). ضرب الوليد بن عبد الملك علي بن عبد الله بن العباس بالسياط، وشهره بين الناس يدار به على بعير، ووجهه ممّا يلي ذنب البعير، وصائح يصيح أمامه: هذا علي بن عبد الله الكذّاب. فقال له قائل (وهو على تلك الحال): ما الذي نسبوك إليه من الكذب يا أبا محمد؟ قال: بلغهم قولي: أنّ هذا الأمر سيكون في ولدي، والله ليكونن فيهم حتّى يملكه عبيدهم الصغار العيون، العراض الوجوه، الذين كأنّ وجوههم المجان المطرقة.
وكما جاء في كتاب السيد سامي البدري حفظه الله: بويع أبو العباس السفاح بالخلافة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلون من شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وثلاثين ومئة، فصعد المنبر بالكوفة فخطب، فقال: الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه، وكرّمه وشرّفه وعظّمه، واختاره لنا، وأيّده بنا، وجعلنا أهله وكهفه، وحصنه والقوام به، والذّابين عنه، والناصرين له، وخصّنا برحم رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنبتنا من شجرته، واشتقّنا من نبعته، وأنزل بذلك كتاباً يُتلى، فقال سبحانه: "قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" (الشورى 23). فلمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قام بالأمر أصحابه "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ" (الشورى 38) فعدلوا، وخرجوا خماصاً، ثمّ وثب بنو حرب وبنو مروان فابتزّوها وتداولوها، واستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حيناً، فلمّا آسفوه انتقم منهم بأيدينا، وردّ علينا حقّنا، فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير. خطب أبو مسلم بالمدينة في السنّة التي حجّ فيها في خلافة السفّاح، فقال: الحمد لله الذي حمد نفسه، واختار الإسلام ديناً لعباده، ثمّ أوحى إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك ما أوحى، واختاره من خلقه، نفسه من أنفسهم، وبيته من بيوتهم، ثمّ أنزل عليه في كتابه الناطق الذي حفظه بعلمه، وأشهد ملائكته على حقّه، قوله: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (الأحزاب 33)، ثمّ جعل الحقّ بعد محمد صلى الله عليه وآله في أهل بيته، فصبر مَنْ صبر منهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله على اللأواء والشدّة، وأغضى على الاستبداد والأثرة.
وعن تحقق أهداف الحسين عليه السلام يقول السيد البدري في كتابه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ" (الصف 14). قال الحسين عليه السلام يوم عاشوراء: اللّهمّ إن كنتَ حَبَسْتَ عنّا النصر، فاجعلْ ذلك لما هو خير في العاقبة، وانتقم لنا من القوم الظالمين. شاء الله أن يحبس النصر عن الحسين عليه السلام، فيُسْجَنَ أنصاره في الكوفة، ويُقتل مسلم وهانئ، ثمّ يُحاصر هو وأهل بيته وأنصاره، ويُقتل مظلوماً مدافعاً عن نفسه وعياله، ويُقتل معه أهل بيته وأنصاره الذين بايعوه على النصرة بين يديه، وقد ضربوا أروع المثل في الوفاء، ثمّ سيقت الرؤوس ونساء الحسين عليه السلام سبايا إلى الكوفة ثمّ إلى الشام.
وعن روايات اُمّ سلمة (ت 61): فضائل الصّحابة (لأحمد بن حنبل) 2 / 648: حدّثنا عبد الله، قثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: سمعت محمّد بن فضيل، قثنا أبو نضر عبد الله بن عبد الرّحمن الأنصاري، عن مساور الحميري، عن أمّه، عن اُمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعليّ عليه السلام: (لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق). السنن الكبرى 4 / 261: أنبأ محمّد بن قدامة قال: جرير، عن المغيرة، عن أمّ موسى قالت: قالت اُمّ سلمة: والّذي تحلف به اُمّ سلمة إن كان لأقرب النّاس عهداً برسول الله صلى الله عليه وآله عليّ عليه السلام. قالت: لمّا كان غداة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أرسل إليه رسول الله وكأن أرى في حاجة أظنّه، بعثه فجعل يقول: (جاء عليّ) ثلاث مرّات، فجاء قبل طلوع الشّمس، فلمّا أن جاء عرفنا أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، وكنّا عدنا رسول الله صلى الله عليه وآله يومئذ في بيت عائشة، فكنت في آخر مَنْ خرج من البيت، ثمّ جلست أدناهنّ من الباب فأكبّ عليه عليّ عليه السلام فكان آخر النّاس عهداً جعل يسارّه ويناجيه. التّرمذي 5 / 352: حدّثنا عبد بن حميد، حدّثنا عفّان بن مسلم، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا عليّ بن زيد، عن أنس بن مالك: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يمرّ بباب فاطمة عليها السلام ستّة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصّلاة يا أهل البيت "إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (الأحزاب 33). قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنّما نعرفه من حديث حمّاد بن سلمة. قال: وفي الباب عن أبي الحمراء، ومعقل بن يسار، واُمّ سلمة.







وائل الوائلي
منذ 7 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN