إن حرية الموظف في ابداء رأيه المهني في نطاق الوظيفة جزء من واجباته الوظيفية الملزم باحترامها وتكاد تجمع الدراسات الحديثة ، على أن حرية الموظف في ابداء رايه من الضرورات الفنية المهنية ولم يعد مقبولا انفراد الرئيس الأعلى باتخاذ القرارات باعتماده على اراءه بل لا بد عليه مشاركة موظفيه ومعاونيه بآرائهم عند اتخاذ القرار، الا ان الامر فيه بعض الاختلاف عندما يقوم الموظف في ابداء رأيه والتعبير عنه خلال الانترنت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ونعني بحرية الموظف في التعبير وإبداء الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي، حقه في توضيح رأيه من خلال الأفكار التي يؤمن بها المتعلقة بوظيفته أو أي وظيفة أخرى في حدود القانون، وبالتالي فانه غير ملزم بوسيلة معينة سواء أكانت شفوية أو كتابية وأياً كانت طبيعة الفكرة أو الرأي الوظيفي سواء أكان الرأي يتصل بالوظيفة بشكل مباشر أو غير مباشر ولا بد ان يكون هذا الرأي سليماً من الناحية القانونية، وان حرية الموظف لا تقتصر على ابداء الآراء والأفكار فحسب وانما يمكن له نشر الفكرة التي يؤمن بها على مواقع التواصل الاجتماعي، على ان يكون ذلك وفقاً للضوابط ودون الخروج على القانون والتعليمات والأنظمة المعمول بها، شأنه في ذلك شأن حريته بالنشر على تلك المواقع.
ويذهب الكاتب احمد شيحا إلى أن حرية الموظف في ابداء رأيه في نطاق الوظيفة تعد جزء من الواجبات المناطة به، فهو ملزم بتقديم رايه الاستشاري والقانوني لرئيسه الأعلى أو المباشر عندما يطلب منه ذلك، وهذا الامر يولد تواصل بين الرئيس والمرؤوس مما يولد انعكاساً على الوظيفة والموظف ويحقق الاستقرار الوظيفي ويحسن من الإنتاجية وينمي القدرات والمهارات الشخصية للموظف ويقضي على الصراعات داخل المرفق العام ويبث روح التعاون بين الجميع ويساهم في اتخاذ القرار الصحيح ويعزز الانتماء للوظيفة ويشعر الموظف بأهميته باعتباره شريكاً فاعلاً في إدارة المرفق العام .
وهذا الامر وان كان لا خلاف فيه بين الجميع، الا انه يعد أكثر صعوبة فيما لو استخدم الموظف حقه وقام بأبداء رأيه بالوظيفة المناطة به على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نجد كثيراً من الموظفين ما يقومون بأبداء آرائهم بخصوص موضوع ما على الفيس بوك مثلاً، لنرى بعد ذلك جملة من التعليقات التي تتضمن اراء بقية الموظفين أو عامة الناس بهذا الموضوع بين ناقداً له وما بين مؤيد، فهل مثل تلك الآراء تعد من حقوق الموظف تمكنه من التعبير عن رأيه بصورة مقبولة ومشروعة أم نجد ذلك خروجاً على المألوف يستوجب العقوبة
للإجابة على هذا السؤال، لم نجد نصاً قانونياً صريحاً في قانون العقوبات أو في قانون رقم (١٤) لسنة ۱۹٩١ المعدل يعاقب الموظف الذي يقوم بمثل ذلك الاجراء أو يمنعه من ذلك خاصة اذا ما قام الموظف بذلك وفق حدود القانون والتعليمات ودون المساس بالأخرين.
من جانب آخر نجد ان هناك بعض الآراء المنشورة من قبل موظف ما على مواقع التواصل الاجتماعي، تخص أعمال وظيفة عامة ليست من اختصاصه وليست اراء خاصة بالمرفق العام الذي يعمل به، وانما اراء خاصة بأعمال مرفق عام آخر، فهل في ذلك مخالفة تستوجب العقوبة، أم أن ذلك يعد حقاً من حقوق الموظف باعتبار ذلك حقاً عاماً لجميع الأشخاص سواء أكانوا موظفين أم من عامة الافراد.
ايضاً لم نجد نصاً يمنع من استعمال هذا الحق، فالأمر يبقى متروك للسلطة الإدارية، فان وجدت هناك ما يشير إلى مخالفة، فلها في سبيل التحقق من ذلك تشكيل لجنة تتولى التحقيق لبيان مدى توافر اركان الجريمة الانضباطية ومدى بيان وجود الضرر الذي يمكن ان يصيب المرفق العام المعني، لهذا فالأمر متروك للجنة المذكورة فهي من تتحقق من ذلك، باعتبار ان المسؤولية التأديبية لا تخضع لمبدأ "لا" جريمة ولا عقوبة الا بنص" إذ يبقى الفعل الذي قام به الموظف خاضع لتقدير اللجنة فأن وجدت في فعل الموظف الذي عبر عن رايه المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي مخالفة أدت إلى الاضرار بالمرفق العام أو الاضرار بالغير وجبت العقوبة، وان لم تجد ما يشير لذلك فان الامر يعد مباح للموظف بحرية ابداء الرأي في أعمال المرفق العام.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN