أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/اثبات وجود الله تعالى ووحدانيته/الإمام الباقر عليه السلام
بالإسناد عن الصدوق
رحمه الله، عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن
الاحول، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في مسجد
النبي صلى الله عليه وآله: إن إبليس اللعين هو أول من صور صورة
على مثال آدم عليه السلام ليفتن به الناس، ويضلهم من عبادة الله تعالى، وكان
ود في ولد قابيل وكان خليفة قابيل على ولده وعلى من بحضرتهم في سفح الجبل يعظمونه ويسودونه،
فلما أن مات ود جزع عليه إخوته وخلف عليهم إبنا يقال له: " سواع
" فلم يغن غناء أبيه منهم فأتاهم ابليس في صورة شيخ فقال: قد بلغني ما أصبتم به من موت ود
عظيمكم، فهل لكم في أن اصور لكم على مثال ود صورة تستريحون إليها وتأنسون بها ؟ قالوا:
افعل فعمد الخبيث إلى الآنك فأذابه حتى صار مثل الماء، ثم صور لهم صورة
مثال ود في بيته فتدافعوا على الصورة يلثمونها ويضعون خدودهم عليها ويسجدون لها،
وأحب سواع أن يكون التعظيم والسجود له، فوثب على صورة ود فحكها حتى لم يدع منها شيئا، وهموا بقتل سواع،
فوعظهم وقال: أنا أقوم لكم بما كان يقوم به ود، وأنا ابنه، فإن قتلتموني لم يكن لكم
رئيس، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم فلم يلبث سواع أن مات، وخلف إبنا يقال له:
" يغوث " فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال: أنا الذي صورت لكم صورة ود، فهل
لكم أن أجعل لكم مثال سواع على وجه لا يستطيع أحد أن يغيره ؟
قالوا: فافعل،
فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع، وإنا سمي ذلك العود خلافا، لان إبليس عمل صورة
سواع على خلاف صورة ود، قال: فسجدوا له وعظموه، وقالوا ليغوث: ما نأمنك على هذا
الصنم أن تكيده كما كاد أبوك مثال ود، فوضعوا على البيت حراسا وحجابا، ثم كانوا
يأتون الصنم في يوم واحد، ويعظمونه أشد ما كانوا يعظمون سواعا، فلما رأى ذلك يغوث
قتل الحرسة والحجاب ليلا، وجعل الصنم رميما، فلما بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى
منهم إلى أن طلبوه ورأسوه وعظموه ثم مات وخلف إبنا يقال له: يعوق فأتاهم إبليس
فقال: قد بلغني موت يغوث، وأنا جاعل لكم مثاله في شئ لا يقدر أحد أن يغيره قالوا: فافعل،
فعمد الخبيث إلى حجر أبيض فنقره بالحديد حتى صور لهم مثال يغوث فعظموه أشد مما
مضى، وبنوا عليه بيتا من حجر، وتبايعوا أن لا يفتحوا باب ذلك البيت إلا في رأس كل
سنة، وسميت البيعة يومئذ لانهم تبايعوا وتعاقدوا عليه، فاشتد ذلك على يعوق فعمد
إلى ريطة وخلق فألقاها في الحائر، ثم رماها بالنار ليلا فأصبح القوم وقد احترق
البيت والصنم والحرس وأرفض الصنم ملقى فجزعوا وهموا بقتل يعوق فقال لهم: إن قتلتم
رئيسكم فسدت اموركم، فكفوا فلم يلبث أن مات يعوق وخلف إبنا يقال له: نسر، فأتاهم إبليس
فقال: بلغني موت عظيمكم فأنا جاعل لكم مثال يعوق في شيء لا يبلى فقالوا: افعل فعمد
إلى الذهب وأوقد عليه النار حتى صار كالماء، وعمل مثالا من الطين على صورة يعوق
ثم أفرغ الذهب فيه، ثم نصبه لهم في ديرهم واشتد ذلك على نسر، ولم يقدر على دخول
تلك الدير فانحاز عنهم في فرقة قليلة من إخوته يعبدون نسرا، والآخرون يعبدون الصنم
حتى مات نسر، وظهرت نبوة إدريس فبلغه حال القوم وأنهم يعبدون جسما على مثال يعوق، وأن
نسرا كان يعبد من دون الله، فسار إليهم بمن معه حتى نزل مدينة نسر وهم فيها فهزمهم، وقتل
من قتل، وهرب من هرب فتفرقوا في البلاد، وأمر بالصنم فحمل وألقى في البحر، فاتخذت
كل فرقة منهم صنما، وسموها بأسمائها فلم يزالوا بعد ذلك قرنا بعد قرن لا يعرفون
إلا تلك الاسماء ثم ظهرت نبوة نوح عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله
وحده، وترك ما كانوا يعبدون من الاصنام، فقال بعضهم: لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا
سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 3 / صفحة [ 250 ]
تاريخ النشر : 2023-11-23