الوضع الليلي
انماط الصفحة الرئيسية

النمط الأول

النمط الثاني

النمط الثالث

0
اليوم : الخميس ١٢ صفر ١٤٤٧هـ المصادف ۰۷ آب۲۰۲٥م

أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر
أحاديث وروايات عامة
أحداث الظهور وآخر الزمان
الأخذ بالكتاب والسنة وترك البدع والرأي والمقايس
الأخلاق والآداب
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
التقوى والعمل والورع واليقين
التقية
التوبة والاستغفار
الجنة والنار
الحب والبغض
الحديث والرواية
الخلق والخليقة
الدنيا
الذنب والمعصية واتباع الهوى
الشيعة
العقل
العلم والعلماء
الفتنة والفقر والابتلاء والامتحان
القلب
المعاشرة والمصاحبة والمجالسة والمرافقة
الموت والقبر والبرزخ
المؤمن
الناس واصنافهم
أهل البيت (عليهم السلام)
بلدان واماكن ومقامات
سيرة وتاريخ
عفو الله تعالى وستره ونعمته ورحمته
فرق وأديان
وصايا ومواعظ
مواضيع متفرقة
الفقه وقواعده
الاسراء والمعراج
الإيمان والكفر
الأنصاف والعدل والظلم بين الناس
الاسلام والمسلمين
الاطعمة والاشربة
أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام/الامام علي عليه السلام
كتاب أمير المؤمنين الى المسلمين بعد انصرافه من النهروان...
تاريخ النشر : 2025-08-07
قال السيد ابن طاوس رحمه ‌الله في كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة : قال محمد بن يعقوب في كتاب الرسائل : علي بن إبراهيم ، بإسناده ، قال : كتب أمير المؤمنين عليه ‌السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان وأمر أن يقرأ على الناس ، وذلك أن الناس سألوه عن أبي بكر وعمر وعثمان ، فغضب عليه ‌السلام وقال : قد تفرغتم للسؤال عما لا يعنيكم ، وهذه مصر قد انفتحت ، وقتل معاوية بن خديج محمد بن أبي بكر ، فيالها من مصيبة ما أعظمها مصيبتي بمحمد! فوالله ما كان إلا كبعض بني ، سبحان الله! بينا نحن نرجو أن نغلب القوم على ما في أيديهم إذ غلبونا على ما في أيدينا ، وأنا كاتب لكم كتابا فيه تصريح ما سألتم إن شاء الله تعالى.
فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له : أدخل علي عشرة من ثقاتي ، فقال : سمهم لي يا أمير المؤمنين ، فقال : أدخل أصبغ بن نباتة وأبا الطفيل عامر ابن واثلة الكناني ، وزر بن حبيش الأسدي ، وجويرية بن مسهر العبدي ، وخندق بن زهير الأسدي ، وحارثة بن مضرب الهمداني ، والحارث بن عبد الله الأعور الهمداني ، ومصابيح النخعي ، وعلقمة بن قيس ، وكميل بن زياد ، وعمير بن زرارة ، فدخلوا إليه ، فقال لهم : خذوا هذا الكتاب وليقرأه عبيد الله بن أبي رافع وأنتم شهود كل يوم جمعة ، فإن شغب شاغب عليكم فأنصفوه بكتاب الله بينكم وبينه : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) : من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى شيعته من المؤمنين والمسلمين ، فإن الله يقول : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ) وهو اسم شرفه الله تعالى في الكتاب وأنتم شيعة النبي محمد صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله كما أن من شيعته إبراهيم اسم غير مختص ، وأمر غير مبتدع ، وسلام عليكم ، والله هو ( السَّلامُ الْمُؤْمِنُ ) أولياءه من العذاب المهين ، الحاكم عليهم بعدله ، بعث محمدا صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله وأنتم معاشر العرب على شر حال ، يغذوا [ يغذو ] أحدكم كلبه ، ويقتل ولده ، ويغير على غيره ، فيرجع وقد أغير عليه ، تأكلون العلهز والهبيد والميتة والدم ، منيخون على أحجار خشن وأوثان مضلة ، تأكلون الطعام الجشب ، وتشربون الماء الآجن ، تسافكون دماءكم ، ويسبي بعضكم بعضا ، وقد خص الله قريشا بثلاث آيات وعم العرب بآية ، فأما الآيات اللواتي في قريش فهو قوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ، والثانية : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) ، والثالثة : قول قريش لنبي الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله حين دعاهم إلى الإسلام والهجرة : ( وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ) ، فقال الله تعالى : ( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) ، وأما الآية التي عم بها العرب فهو قوله : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ، فيا لها نعمة ما أعظمها إن لم تخرجوا منها إلى غيرها ، ويا لها مصيبة ما أعظمها إن لم تؤمنوا بها وترغبوا عنها ، فمضى نبي الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله وقد بلغ ما أرسل به ، فيا لها مصيبة خصت الأقربين وعمت المؤمنين لم تصابوا بمثلها ولن تعاينوا بعدها مثلها ، فمضى لسبيله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله وترك كتاب الله وأهل بيته إمامين لا يختلفان ، وأخوين لا يتخاذلان ، ومجتمعين لا يفترقان ، ولقد قبض الله نبيه صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ولأنا أولى بالناس مني بقميصي هذا ، وما ألقى في روعي ، ولا عرض في رأيي أن وجه الناس إلى غيره ، فلما أبطئوا عني بالولاية لهممهم ، وتثبط الأنصار ـ وهم أنصار الله وكتيبة الإسلام ـ قالوا : أما إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا أحق بها من غيري ، فوالله ما أدري إلى من أشكو؟ فإما أن يكون الأنصار ظلمت حقها ، وإما أن يكونوا ظلموني حقي ، بل حقي المأخوذ وأنا المظلوم.
فقال قائل قريش : إن نبي الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله قال : الأئمة من قريش ، فدفعوا الأنصار عن دعوتها ومنعوني حقي منها ، فأتاني رهط يعرضون علي النصر ، منهم ابنا سعيد ، والمقداد بن الأسود ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي ، والزبير بن العوام ، والبراء بن العازب.
فقلت لهم : إن عندي من نبي الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله عهدا وله إلي وصية لست أخالف عما أمرني به ، فوالله لو خزموني بأنفي لأقررت لله تعالى سمعا وطاعة ، فلما رأيت الناس قد انثالوا على أبي بكر للبيعة أمسكت يدي وظننت أني أولى وأحق بمقام رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله منه ومن غيره ، وقد كان نبي الله أمر أسامة بن زيد على جيش وجعلهما في جيشه ، وما زال النبي صلى الله عليه وآله إلى أن فاضت نفسه يقول : أنفذوا جيش أسامة ، فمضى جيشه إلى الشام حتى انتهوا إلى أذرعات فلقي جمعا من الروم فهزموهم وغنمهم الله أموالهم ، فلما رأيت راجعة من الناس قد رجعت عن الإسلام تدعو إلى محو دين محمد وملة إبراهيم عليهما ‌السلام خشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أرى فيه ثلما وهدما تك المصيبة علي فيه أعظم من فوت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم تزول وتنقشع كما يزول وينقشع السحاب ، فنهضت مع القوم في تلك الأحداث حتى زهق الباطل وكانت كلمة الله هي العليا وإن زعم الكافرون.
ولقد كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبا بكر نادى : أيها الناس! إني والله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي ، ولا أبايعكم حتى يبايع علي ، ولعلي لا أفعل وإن بايع ، ثم ركب دابته وأتى حوران وأقام في خان حتى هلك ولم يبايع.
وقام فروة بن عمر الأنصاري ـ وكان يقود مع رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله فرسين ويصرم ألف وسق من تمر فيتصدق به على المساكين ـ فنادى : يا معشر قريش! أخبروني هل فيكم رجل تحل له الخلافة وفيه ما في علي عليه ‌السلام؟!.
فقال قيس بن مخزمة الزهوي : ليس فينا من فيه ما في علي عليه ‌السلام.
فقال له : صدقت ، فهل في علي عليه ‌السلام ما ليس في أحد منكم؟. قال : نعم.
قال : فما يصدكم عنه؟. قال : إجماع الناس على أبي بكر. قال : أما والله لئن أحييتم سنتكم لقد أخطأتم سنة نبيكم ، ولو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم. فولي أبو بكر فقارب واقتصد فصحبته مناصحا ، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا ، حتى إذا احتضر ، قلت في نفسي : ليس يعدل بهذا الأمر عني ، ولو لا خاصة بينه وبين عمر وأمر كانا رضياه بينهما ، لظننت أنه لا يعدله عني وقد سمع قول النبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله لبريدة الأسلمي حين بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن وقال : إذا افترقتما فكل واحد منكما على حياله ، وإذا اجتمعتما فعلي عليكم جميعا ، فأغزنا وأصبنا سبيا فيهم خويلة بنت جعفر جار الصفا ـ وإنما سمي جار الصفا من حسنه ـ فأخذت الحنفية خولة واغتنمها خالد مني ، وبعث بريدة إلى رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله محرشا علي ، فأخبره بما كان من أخذي خولة ، فقال : يا بريدة! حظه في الخمس أكثر مما أخذ ، إنه وليكم بعدي ، سمعها أبو بكر وعمر ، وهذا بريدة حي لم يمت ، فهل بعد هذا مقال لقائل؟!.
فبايع عمر دون المشورة فكان مرضي السيرة من الناس عندهم ، حتى إذا احتضر قلت في نفسي : ليس يعدل بهذا الأمر عني ، للذي قد رأى مني في المواطن ، وسمع من الرسول صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ، فجعلني سادس ستة وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ، ودعا أبا طلحة زيد بن سعد الأنصاري فقال له : كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة ، فالعجب من اختلاف القوم إذ زعموا أن أبي بكر استخلفه النبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ، فلو كان هذا حقا لم يخف على الأنصار فبايعه الناس على الشورى ، ثم جعلها أبو بكر لعمر برأيه خاصة ، ثم جعلها عمر برأيه شورى بين ستة ، فهذا العجب من اختلافهم ، والدليل على ما لا أحب أن أذكر قول هؤلاء الرهط الذين قبض رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله وهو عنهم راض ، فكيف يأمر بقتل قوم رضي الله عنهم ورسوله؟!. إن هذا الأمر عجيب ، ولم يكونوا لولاية أحد منهم أكره منهم لولايتي! كانوا يسمعون وأنا أحاج أبا بكر وأنا أقول : يا معشر قريش! أنا أحق بهذا الأمر منكم ، ما كان منكم من يقرأ القرآن ، ويعرف السنة ، ويدين دين الحق ، وإنما حجتي أني ولي هذا الأمر من دون قريش ، أن نبي الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله قال : الولاء لمن أعتق ، فجاء رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله بعتق الرقاب من النار ، وأعتقها من الرق ، فكان للنبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ولاء هذه الأمة ، وكان لي بعده ما كان له ، فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله جاز لبني هاشم على قريش ، وجاز لي على بني هاشم ، بقول النبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله يوم غدير خم : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، إلا أن تدعي قريش فضلها على العرب بغير النبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ، فإن شاءوا فليقولوا ذلك ، فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن آخذ بأنفاسهم ، وأعترض في حلوقهم ، ولا يكون لهم في الأمر نصيب ، فأجمعوا على إجماع رجل واحد منهم حتى صرفوا الولاية عني إلى عثمان رجاء أن ينالوها ويتداولوها فيما بينهم ، فبينا هم كذلك إذ نادى مناد لا يدرى من هو ـ وأظنه جنيا ـ فأسمع أهل المدينة ليلة بايعوا عثمان فقال :
يا ناعي الإسلام قم فانعه
           قد مات عرف وبدا منكر
ما لقريش لا علا كعبها
          من قدموا اليوم ومن أخروا
إن عليا هو أولى به
          منه فولوه ولا تنكروا
فكان لهم في ذلك عبرة ، ولو لا أن العامة قد علمت بذلك لم أذكره ، فدعوني إلى بيعة عثمان فبايعت مستكرها ، وصبرت محتسبا ، وعلمت أهل القنوت أن يقولوا : اللهم لك أخلصت القلوب ، وإليك شخصت الأبصار ، وأنت دعيت بالألسن ، وإليك تحوكم في الأعمال ، فـ ( افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ ) ، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا ، وكثرة عدونا ، وقلة عددنا ، وهواننا على الناس ، وشدة الزمان ، ووقوع الفتن بنا ، اللهم ففرج ذلك بعدل تظهره ، وسلطان حق تعرفه.
فقال عبد الرحمن بن عوف : يا ابن أبي طالب! إنك على هذا الأمر لحريص؟!.
فقلت : لست عليه حريصا ، وإنما أطلب ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله وحقه ، وإن ولاء أمته لي من بعده ، وأنتم أحرص عليه مني إذ تحولون بيني وبينه ، وتصرفون وجهي دونه بالسيف ، اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي ، ودفعوا حقي ، وصغروا قدري وعظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم ، فاستلبونيه.
ثم قال : اصبر مغموما أو مت متأسفا ، وايم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا ، ولكنهم لا يجدون إلى ذلك سبيلا ، إنما حقي على هذه الأمة كرجل له حق على قوم إلى أجل معلوم ، فإن أحسنوا وعجلوا له حقه قبله حامدا ، وإن أخروه إلى أجله أخذه غير حامد ، وليس يعاب المرء بتأخير حقه ، إنما يعاب من أخذ ما ليس له ، وقد كان رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله عهد إلي عهدا فقال : يا ابن أبي طالب! لك ولايتي فإن ولوك في عافية ورجعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم ، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه ، فإن الله سيجعل لك مخرجا ، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا معي مساعد إلا أهل بيتي ، فضننت بهم عن الهلاك ، ولو كان بعد رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله عمي حمزة وأخي جعفر لم أبايع كرها ، ولكنني منيت برجلين حديثي عهد بالإسلام ، العباس وعقيل ، فضننت بأهل بيتي عن الهلاك ، فأغضيت عيني على القذى ، وتجرعت ريقي على الشجا ، وصبرت على أمر من العلقم ، وآلم للقلب من حز الشفار.
وأما أمر عثمان فكأنه علم من القرون الأولى ( عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى ) خذله أهل بدر وقتله أهل مصر ، والله ما أمرت ولا نهيت ولو أنني أمرت كنت قاتلا ، ولو أني نهيت كنت ناصرا ، وكان الأمر لا ينفع فيه العيان ولا يشفي فيه الخبر ، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه ، ولا يستطيع من خذله أن يقول نصره من هو خير مني ، وأنا جامع أمره : استأثر فأساء الأثرة ، وجزعتم فأسأتم الجزع ، والله يحكم بينكم وبينه ، والله ما يلزمني في دم عثمان ثلمة ما كنت إلا رجلا من المسلمين المهاجرين في بيتي فلما قتلتموه أتيتموني تبايعوني ، فأبيت عليكم وأبيتم علي ، فقبضت يدي فبسطتموها ، وبسطتها فمددتموها ، ثم تداككتم علي تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ، حتى ظننت أنكم قاتلي ، وأن بعضكم قاتل لبعض ، حتى انقطعت النعل ، وسقط الرداء ، ووطئ الضعيف ، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن حمل إليها الصغير وهدج إليها الكبير ، وتحامل إليها العليل ، وحسرت لها الكعاب.
فقالوا : بايعنا على ما بويع عليه أبو بكر وعمر ، فإنا لا نجد غيرك ولا نرضى إلا بك ، فبايعنا لا نفترق ولا نختلف ، فبايعتكم على كتاب الله وسنة نبيه صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ، ودعوت الناس إلى بيعتي ، فمن بايعني طائعا قبلت منه ، ومن أبى تركته ، فكان أول من بايعني طلحة والزبير ، فقالا : نبايعك على أنا شركاؤك في الأمر.
فقلت : لا ، ولكنكما شركائي في القوة ، وعوناي في العجز. فبايعاني على هذا الأمر ولو أبيا لم أكرههما كما لم أكره غيرهما ، وكان طلحة يرجو اليمن والزبير يرجو العراق ، فلما علما أني غير موليهما استأذناني للعمرة يريدان الغدر ، فأتيا عائشة واستخفاها مع كل شيء في نفسها علي ، والنساء نواقص الإيمان ، نواقص العقول ، نواقص الحظوظ ، فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن ، وأما نقصان عقولهن فلا شهادة لهن إلا في الدين وشهادة امرأتين برجل ، وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الأنصاف من مواريث الرجال ، وقادهما عبيد الله بن عامر إلى البصرة ، وضمن لهما الأموال والرجال ، فبينما هما يقودانها إذ هي تقودهما ، فاتخذاها فئة يقاتلان دونها ، فأي خطيئة أعظم مما أتيا إخراجهما زوجة رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله من بيتها ، فكشفا عنها حجابا ستره الله عليها ، وصانا حلائلهما في بيوتهما ولا أنصفا الله ولا رسوله من أنفسهما ، ثلاث خصال مرجعها على الناس ، قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) ، وقال : ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) ، وقال : ( لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ) فقد بغيا علي ، ونكثا بيعتي ، ومكرا بي ، فمنيت بأطوع الناس في الناس عائشة بنت أبي بكر ، وبأشجع الناس الزبير ، وبأخصم الناس طلحة ، وأعانهم علي يعلى بن منبه بأصوع الدنانير ، والله لئن استقام أمري لأجعلن ماله فيئا للمسلمين ، ثم أتوا البصرة وأهلها مجتمعون على بيعتي وطاعتي ، وبها شيعتي خزان بيت مال الله ومال المسلمين ، فدعوا الناس إلى معصيتي وإلى نقض بيعتي ، فمن أطاعهم أكفروه ، ومن عصاهم قتلوه ، فناجزهم حكيم بن جبلة فقتلوها في سبعين رجلا من عباد أهل البصرة ومخبتيهم يسمون : المثفنين ، كأن راح أكفهم ثفنات الإبل ، وأبى أن يبايعهم يزيد بن الحارث اليشكري ، فقال : اتقيا الله! إن أولكم قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركم إلى النار ، فلا تكلفونا أن نصدق المدعي ونقضي على الغائب ، أما يميني فشغلها علي بن أبي طالب ببيعتي إياه ، وهذه شمالي فارغة فخذاها إن شئتما ، فخنق حتى مات ، وقام عبد الله بن حكيم التميمي فقال : يا طلحة! هل تعرف هذا الكتاب؟ قال : نعم ، هذا كتابي إليك. قال : هل تدري ما فيه؟ قال : اقرأه علي ، فإذا فيه عيب عثمان ودعاؤه إلى قتله ، فسيره من البصرة ، وأخذوا على عاملي عثمان ابن حنيف الأنصاري غدرا فمثلوا به كل المثلة ، ونتفوا كل شعرة في رأسه ووجهه ، وقتلوا شيعتي ، طائفة صبرا ، وطائفة غدرا ، وطائفة عضوا بأسيافهم حتى لقوا الله ، فوالله لو لم يقتلوا منهم إلا رجلا واحدا لحل لي به دماؤهم ودماء ذلك الجيش لرضاهم بقتل من قتل ، دع مع أنهم قد قتلوا أكثر من العدة التي قد دخلوا بها عليهم ، وقد أدال الله منهم ( فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ، فأما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله ، وأما الزبير فذكرته قول رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله : إنك تقاتل عليا (ع) وأنت ظالم له ، وأما عائشة فإنها كان نهاها رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله عن مسيرها فعضت يديها نادمة على ما كان منها. وقد كان طلحة لما نزل ذا قار (4) قام خطيبا فقال : يا أيها الناس! إنا أخطأنا في عثمان خطيئة ما يخرجنا منها إلا الطلب بدمه ، وعلي قاتله ، وعليه دمه. وقد نزل دارن مع شكاك اليمن ونصارى ربيعة ومنافقي مضر ، فلما بلغني قوله وقول كان عن الزبير فيه ، بعثت إليهما أناشدهما بحق محمد صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ما أتيتماني وأهل مصر محاصرو عثمان ، فقلتما : اذهب بنا إلى هذا الرجل فإنا لا نستطيع قتله إلا بك ، لما تعلم أنه سير أبا ذر رحمه ‌الله ، وفتق عمارا ، وآوى الحكم بن أبي العاص ـ وقد طرده رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وعمر ـ واستعمل الفاسق على كتاب الله الوليد بن عقبة ، وسلط خالد بن عرفطة العذري على كتاب الله يمزق ويخرق ، فقلت : كل هذا قد علمت ولا أرى قتله يومي هذا ، وأوشك سقاؤه أن يخرج المخض زبدته ، فأقرا بما قلت. وأما قولكما : إنكما تطلبان بدم عثمان فهذان ابناه عمرو وسعيد فخلوا عنهما يطلبان دم أبيهما ، متى كانت أسد وتيم أولياء بني أمية؟! فانقطعا عند ذلك.
فقام عمران بن حصين الخزاعي صاحب رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله وهو الذي جاءت عنه الأحاديث ـ وقال : يا هذان لا تخرجان ببيعتكما من طاعة علي ، ولا تحملانا على نقض بيعته ، فإنها لله رضا ، أما وسعتكما بيوتكما حتى أتيتما بأم المؤمنين؟! فالعجب لاختلافها إياكما ، ومسيرها معكما ، فكفا عنا أنفسكما ، وارجعا من حيث جئتما ، فلسنا عبيد من غلب ، ولا أول من سبق ، فهما به ثم كفا عنه ، وكانت عائشة قد شكت في مسيرها وتعاظمت القتال ، فدعت كاتبها عبيد الله بن كعب النميري فقالت : اكتب ، من عائشة بنت أبي بكر إلى علي بن أبي طالب فقال : هذا أمر لا يجري به القلم ، قالت : ولم؟! قال : لأن علي بن أبي طالب في الإسلام أول ، وله بذلك البداء في الكتاب. فقالت : اكتب ، إلى علي بن أبي طالب من عائشة بنت أبي بكر، أما بعد : فإني لست أجهل قرابتك من رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ، ولا قدمك في الإسلام ، ولا غناك من رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ، وإنما خرجت مصلحة بين بني لا أريد حربك إن كففت عن هذين الرجلين .. في كلام لها كثير ، فلم أجبها بحرف ، وأخرت جوابها لقتالها ، فلما قضى الله لي الحسنى سرت إلى الكوفة واستخلفت عبد الله بن عباس على البصرة ، فقدمت الكوفة وقد اتسقت لي الوجوه كلها إلا الشام ، فأحببت أن أتخذ الحجة، وأقضي العذر ، وأخذت بقول الله تعالى : ( وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ) ، فبعثت جرير بن عبد الله إلى معاوية معذرا إليه ، متخذا للحجة عليه ، فرد كتابي ، وجحد حقي ، ودفع بيعتي ، وبعث إلي أن ابعث إلي قتلة عثمان ، فبعثت إليه : ما أنت وقتلة عثمان؟! أولاده أولى به ، فادخل أنت وهم في طاعتي ثم خاصموا إلي القوم لأحملكم وإياهم على كتاب الله ، وإلا فهذه خدعة الصبي عن رضاع الملي ، فلما يئس من هذا الأمر بعث إلي أن اجعل الشام لي حياتك ، فإن حدث بك حادثة عن الموت لم يكن لأحد علي طاعة ، وإنما أراد بذلك أن يخلع طاعتي من عنقه فأبيت عليه.
فبعث إلي : أن أهل الحجاز كانوا الحكام على أهل الشام فلما قتلوا عثمان صار أهل الشام الحكام على أهل الحجاز ، فبعثت إليه : إن كنت صادقا فسم لي رجلا من قريش الشام تحل له الخلافة ، ويقبل في الشورى فإن لم تجده سميت لك من قريش الحجاز من تحل له الخلافة ، ويقبل في الشورى ، ونظرت إلى أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب فراش نار وذباب طمع تجمع من كل أوب ممن ينبغي له أن يؤدب ويحمل على السنة ، ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار ولا التابعين بإحسان ، فدعوتهم إلى الطاعة والجماعة فأبوا إلا فراقي وشقاقي ، ثم نهضوا في وجه المسلمين ، ينضحونهم بالنبل ، ويشجرونهم بالرماح ، فعند ذلك نهضت إليهم ، فلما عضتهم السلاح ، ووجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف فدعوكم إلى ما فيها ، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأهل دين ولا قرآن وإنما رفعوها مكيدة وخديعة ، فامضوا لقتالهم ، فقلتم : اقبل منهم واكففت [ اكفف ] عنهم ، فإنهم إن أجابوا إلى ما في القرآن جامعونا على ما نحن عليه من الحق ، فقبلت منهم وكففت عنهم ، فكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين حكمين ليحييا ما أحياه القرآن ويميتا ما أماته القرآن ، فاختلف رأيهما واختلف حكمهما ، فنبذا ما في الكتاب وخالفا ما في القرآن وكانا أهله ، ثم إن طائفة اعتزلت فتركناهم ما تركونا حتى إذا عاثوا في الأرض يفسدون ويقتلون ، وكان فيمن قتلوه أهل ميرة من بني أسد ، وقتلوا خباب بن الأرت وابنه وأم ولده ، والحارث بن مرة العبدي ، فبعثت إليهم داعيا ، فقلت : ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ، فقالوا : كلنا قتلتهم ، ثم شدت علينا خيلهم ورجالهم فصرعهم الله مصارع الظالمين ، فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم ، فقلتم : كلت سيوفنا ، ونصلت أسنة رماحنا ، وعاد أكثرها قصيدا فأذن لنا فلنرجع ولنقصد بأحسن عدتنا ، وإذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدة من قتل منا حتى إذا أظللتم على النخيلة أمرتكم أن تلزموا معسكركم ، وأن تضموا إليه نواصيكم ، وأن توطنوا على الجهاد نفوسكم ، ولا تكثروا زيارة أبنائكم ولا نسائكم ، فإن أصحاب الحرب مصابروها وأهل التشهير فيها ، والذين لا يتوجدون من سهر ليلهم ، ولا ظمأ نهارهم ، ولا فقدان أولادهم ولا نسائهم ، وأقامت طائفة منكم معدة وطائفة دخلت المصر عاصية ، فلا من دخل المصر عاد إلي ، ولا من أقام منكم ثبت معي ولا صبر ، فلقد رأيتني وما في عسكري منكم خمسون رجلا ، فلما رأيت ما أنتم عليه دخلت عليكم فما قدر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا ، لله أبوكم ألا ترون أي مصر قد افتتحت؟ وأي أطرافكم قد انتقصت؟ وأي مسالحكم ترقى؟ وأي بلادكم تغزى؟ وأنتم ذوو عدد جم وشوكة شديدة ، وأولو بأس قد كان مخوفا ، لله أنتم! أين تذهبون؟ وأنى تؤفكون؟.
ألا إن القوم جدوا وتآسوا وتناصروا ، وإنكم أبيتم وونيتم وتخاذلتم وتغاششتم ، ما أنتم إن بقيتم على ذلك سعداء ، فأنبهوا ـ رحمكم الله ـ نائمكم ، وتحروا لحرب عدوكم ، فقد أبدت الرغوة عن الصريح ، وأضاء الصبح لذي عينين ، فانتبهوا إنما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء وأهل الجفاء ، ومن أسلم كرها ، وكان لرسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله أنفا ، وللإسلام كله حربا ، أعداء السنة والقرآن ، وأهل البدع والأحداث ، ومن كانت نكايته تتقى وكان على الإسلام وأهله مخوفا ، وأكلة الرشا ، وعبيد الدنيا ، ولقد أنهي إلي أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يؤتيه أتية هي أعظم مما في يديه من سلطانه ، فصغرت يد هذا البائع دينه بالدنيا ، وخزيت أمانة هذا المشتري بنصرة فاسق غادر بأموال المسلمين ، وأي سهم لهذا المشتري وقد شرب الخمر ، وضرب حدا في الإسلام ، وكلكم يعرفه بالفساد في الدنيا ، وإن منهم من لم يدخل في الإسلام وأهله حتى رضخ له عليه رضيخة ، فهؤلاء قادة القوم ، ومن تركت لكم ذكر مساويه أكثر وأبور ، وأنتم تعرفونهم بأعيانهم وأسمائهم كانوا على الإسلام ضدا ، ولنبي الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله حربا ، وللشيطان حزبا ، لم يتقدم إيمانهم ، ولم يحدث نفاقهم ، وهؤلاء الذين لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الفخر والتكبر والتسلط بالجبرية والفساد في الأرض ، وأنتم على ما كان منكم من تواكل وتخاذل خير منهم وأهدى سبيلا ، منكم الفقهاء والعلماء والفهماء وحملة الكتاب والمتهجدون بالأسحار ، ألا تسخطون وتنقمون أن ينازعكم الولاية السفهاء البطاة عن الإسلام الجفاة فيه؟! اسمعوا قولي ـ يهدكم الله ـ إذا قلت ، وأطيعوا أمري إذا أمرت ، فوالله لئن أطعتموني لا تغووا ، وإن عصيتموني لا ترشدوا ، قال الله تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) ، وقال الله تعالى لنبيه صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) ، فالهادي من بعد النبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله هاد لأمته على ما كان من رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ، فمن عسى أن يكون الهادي إلا الذي دعاكم إلى الحق وقادكم إلى الهدى ، خذوا للحرب أهبتها ، وأعدوا لها عدتها ، فقد شبت وأوقدت نارها ، وتجرد لكم الفاسقون لكيلا ( يُطْفئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ) ويغزوا عباد الله ، ألا إنه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والجفاء أولى بالحق من أهل البر والإخباث في طاعة ربهم ومناصحة إمامهم ، إني والله لو لقيتهم وحدي وهم أهل الأرض ما استوحشت منهم ولا باليت ، ولكن أسف يريني ، وجزع يعتريني من أن يلي هذه الأمة فجارها وسفهاؤها فيتخذون مال الله دولا ، وكتاب الله دغلا ، والفاسقين حزبا ، والصالحين حربا ، وايم الله لو لا ذلك ما أكثرت تأنيبكم وتحريضكم ، وتركتكم إذا أبيتم حتى ألقاهم متى حم لي لقاؤهم ، فوالله إني لعلى الحق ، وإنني للشهادة لمحب ، وإني إلى لقاء الله ربي لمشتاق ، ولحسن ثوابه منتظر ، إني نافرتكم فـ ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ولا تثاقلوا في الأرض فتعموا بالذل ، وتقروا بالخسف ، ويكون نصيبكم الأخسر ، إن أخا الحرب اليقظان الأرق إن نام لم تنم عينه ، ومن ضعف أوذي ، ومن كره الجهاد في سبيل الله كان المغبون المهين ، إني لكم اليوم على ما كنت عليه أمس ولستم لي على ما كنتم عليه ، من تكونوا ناصريه أخذ بالسهم الأخيب ، والله لو نصرتم الله لنصركم وثبت أقدامكم ، إنه حق على الله أن ينصر من نصره ويخذل من خذله ، أترون الغلبة لمن صبر بغير نصر وقد يكون الصبر جبنا ويكون حمية ، وإنما الصبر بالنصر والورود بالصدر ، والبرق بالمطر.
اللهم اجمعنا وإياهم على الهدى ، وزهدنا وإياهم في الدنيا ، واجعل الآخرة خيرا لنا من الأولى ..
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف :  العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 30 / صفحة [ 7 ]
تاريخ النشر : 2025-08-07


Untitled Document
دعاء يوم الخميس
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ اللَّيْلَ مُظْلِماً بِقُدْرَتِهِ، وَجاءَ بِالنَّهارِ مُبْصِراً بِرَحْمَتِهِ، وَكَسانِي ضِياءَهُ وَأَنا فِي نِعْمَتِهِ. اللّهُمَّ فَكَما أَبْقَيْتَنِي لَهُ فَأَبْقِنِي لأَمْثالِهِ، وَصَلِّ عَلى النَّبِيّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تَفْجَعْنِي فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ اللَّيالِي وَالأَيّامِ بِارْتِكابِ المَحارِمِ وَاكْتِسابِ المَآثِمِ، وَارْزُقْنِي خَيْرَهُ وَخَيْرَ ما فِيهِ وَخَيْرَ ما بَعْدَهُ، وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ وَشَرَّ ما فِيهِ وَشَرَّ ما بَعْدَهُ. اللّهُمَّ إِنِّي بِذِمَّةِ الإِسْلامِ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ، وَبِحُرْمَةِ القُرْآنِ أَعْتَمِدُ عَلَيْكَ، وَبِمُحَمَّدٍ المُصْطَفى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ أسْتَشْفِعُ لَدَيْكَ، فَاعْرِفِ اللّهُمَّ ذِمَّتِي الَّتِي رَجَوْتُ بِها قَضاءَ حاجَتِي، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللّهُمَّ اقْضِ لِي فِي الخَمِيسِ خَمْساً، لا يَتَّسِعُ لَها إِلّا كَرَمُكَ، وَلا يُطِيقُها إِلّا نِعَمُكَ: سَلامَةً أَقْوى بِها عَلى طاعَتِكَ، وَعِبادَةً أسْتَحِقُّ بِها جَزِيلَ مَثُوبَتِكَ، وَسَعَةً فِي الحَالِ مِنَ الرّزْقِ الحَلالِ، وَأَنْ تُؤْمِنَنِي فِي مَواقِفِ الخَوْفِ بِأَمْنِكَ، وَتَجْعَلَنِي مِنْ طَوارِقِ الهُمُومِ وَالغُمُومِ فِي حِصْنِكَ، وَصَلِّ عَلى مُحمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ تَوَسُّلِي بِهِ شافِعاً يَوْمَ القِيامَةِ نافِعاً، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

زيارات الأيام
زيارة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) يوم الخميس
َلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَخالِصَتَهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اِمامَ الْـمُؤْمِنينَ وَوارِثَ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةَ رَبِّ الْعالَمينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ، يا مَوْلايَ يا اَبا مُحَمَّد الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ اَنَا مَوْلىً لَكَ وَلاِلِ بَيْتِكَ وَهذا يَوْمُكَ وَهُوَ يَوْمُ الْخَميسِ وَاَنـَا ضَيْفُكَ فيهِ وَمُسْتَجيرٌ بِكَ فيهِ فَاَحْسِنْ ضيافتي واِجارَتي بِحَقِّ آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ.