أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مختصات الامام وعلاماته والقابه/الامام الصادق عليه السلام
الكليني عن محمد
بن يحيى عن ابن عيسى عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له
يذكر فيها حال الائمة عليهم السلام وصفاتهم فقال : إن الله تبارك وتعالى أوضح
بأئمة الهدى من أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله عن دينه ، وأبلج بهم عن سبيل
منهاجه ، وفتح لهم عن باطن ينابيع علمه.
فمن عرف من امة
محمد صلى الله عليه وآله وسلم واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه ، وعلم فضل
طلاوة إسلامه إن الله نصب الامام علما لخلقه وجعله حجة على أهل طاعته ألبسه الله
تاج الوقار ، وغشاه من نور الجبار ، يمد بسبب من السماء لا ينقطع عنه مواده ولا
ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه ، ولا يقبل الله الاعمال للعباد إلا بمعرفته.
فهو عالم بما
يرد عليه من مشكلات الوحي ومعميات السنن ومشتبهات الدين لم يزل الله يختارهم لخلقه
من ولد الحسين صلوات الله عليه من عقب كل إمام فيصطفيهم لذلك ويجتبيهم ويرضى بهم
لخلقه ويرتضيهم لنفسه ، كلما مضى منهم إمام نصب عزوجل لخلقه من عقبه إماما علما
بينا وهاديا منيرا وإماما قيما وحجة عالما ، أئمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته
ورعاته على خلقه ، يدين بهداهم العباد ، وتستهل بنورهم البلاد. وتنمى ببركتهم
التلاد ، وجعلهم الله حياة الانام ، ومصابيح الظلام ، ودعائم الاسلام ، جرت بذلك
فيهم مقادير الله على محتومها.
فالامام هو
المنتجب المرتضى ، والهادي المجتبى ، والقائم المرتجى اصطفاه الله لذلك واصطنعه
على عينه في الذر حين ذرأه ، وفي البرية حين برأء ظلا قبل خلقه نسمة عن يمين عرشه
محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده ، اختاره بعلمه وانتجبه بتطهيره بقية من آدم ،
وخيرة من ذرية نوح ، ومصطفى من آل إبراهيم ، وسلالة من إسماعيل وصفوة من عترة محمد
صلى الله عليه وآله.
لم يزل مرعيا
بعين الله يحفظه بملائكته ، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق ، مصروفا عنه
قواذف السوء مبرأ من العاهات ، محجوبا عن الآفات مصونا من الفواحش كلها معروفا
بالحلم والبر في بقاعه ، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسندا
إليه أمر والده ، صامتا عن المنطق في حياته فإذا انقضت مدة والده انتهت به مقادير
الله إلى مشيته ، وجاءت الارادة من عند الله فيه إلى محبته ، وبلغ منتهى مدة والده
فمضى وصار أمر الله إليه من بعده وقلده الله دينه ، وجعله الحجة على عباده ، وقيمه
في بلاده ، وأيده بروحه وأعطاه علمه واستودعه سره وانتدبه لعظيم أمره ، وآتاه فضل
بيان علمه ، ونصبه علما لخلقه وجعله حجة على أهل عالمه ، وضياء لأهل دينه ، والقيم
على عباده.
رضي الله به
إماما لهم ، استحفظه علمه واستخبأه حكمته ، واسترعاه لدينه وحباه مناهج سبله
وفرائضه وحدوده ، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل وتحبير أهل الجدل بالنور الساطع
، والشفاء النافع بالحق الابلج ، والبيان من كل مخرج على طريق المنهج الذي مضى
عليه الصادقون من آبائه.
فليس يجهل حق
هذا العالم إلا شقي ، ولا يجحده إلا غوي ، ولا يصد عنه إلا جرئ على الله جل وعلا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 25 / صفحة [ 151 ]
تاريخ النشر : 2025-03-25