الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مجد العرب العامري
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص359-362
27-1-2016
4063
هو الأمير مجد العرب مصطفى الدولة أبو فراس عليّ بن محمّد بن غالب العامريّ، من أهل العراق، جال في البلاد تكسّبا بشعره: زار الشام فكان في شيزر (قرب حماة) سنة 524 ه (1130 م) و مدح الأمير عزّ الدين سلطان ابن علي من آل منقذ (ت 543 ه) ، و سكن أصفهان نحو عشر سنوات (537 -548 ه) تصدّر في أثنائها للتدريس و تكسّب بالشعر و لكن لم ينل فيها حظّا فملّ المقام فيها و عاد إلى العراق و سكن الموصل و غيّر زيّه و لَبس لِبس الأتراك. و قد كانت وفاته بالموصل، سنة 573 ه (1177-1178 م) .
مجد العرب العامريّ من كبار شعراء العراق في عصره، شاميّ المذهب يطبع شعره على شعر أبي تمّام و المتنبّي و أبي فراس. و هو شاعر مطيل أملى ديوانه (في أصفهان) على محمّد بن مسعود القسّام الأصفهانيّ (ت 572 ه) ، فجمعه القسّام و رتّبه. و قصائده التي قالها و هو في الشام أجزل و أحسن من قصائده التي قالها و هو في العراق. و يعلّل العماد الأصفهانيّ ذلك بقوله (خريدة العراق 2:144) : «و قدما قيل: اللّها تفتح اللّها (1)، و البقاع تغيّر الطباع» . و يحسن أن نلاحظ أن قصائد العراق كانت من طور الشباب و أن قصائد الشام كانت من دور النضج.
مختارات من شعره:
- قال مجد العرب العامريّ يمدح الأمير حسام الدين أبا سعيد بن تمرتاش بن إيل غازي بن أرتق و يذكر أعمال حسام الدين و قومه في حرب الفرنج (الصليبيّين) . و قد أنشده هذه القصيدة في ميّافارقين، في رجب من سنة 537 ه(1133 م) ، قال فيها:
ما للأقارب من ذويك تباعدوا... حنقا كأنّهم ذوو شنآن (2)
عرب أضاعوا فيك ذمّة جارهم... و العرب تحفظ ذمّة الجيران
خذ بالشهامة-لا الكرامة-أهلها... تردع عداك بها عن العدوان (3)
فالحزم أن تضع العقاب-إذا فشا... سرّ المظالم-موضع الغفران (4)
من سؤدد الرجل الكريم و فضله... ما يستمرّ عليه من نقصان (5)
كم موقف لك، لو أراد توقّفا... فيه الرّدى زلّت به القدمان
طأطأت فيه الكفر بعد بزوغه... و رفعت فيه دعائم الإيمان
جمعت عليك به الفرنج جموعها... و تفرّقت لمّا التقى الجمعان (6)
ظنّوك ما لاقوا، فأبطل ظنّهم...طعن أحقّ مظنّة السرحان (7)
بذوابل أبدت أسنّتهنّ ما... أخفت قلوبهم من الأضغان (8)
و مدرّبين على القتال كأنّما... شربوه ولدانا مع الألبان
من كلّ مشبوح الذراع يهزّه... قرع العوالي هزّة النشوان (9)
نظروا الى البيض الخفاف كأنّها... بأكفّهم مشبوبة النيران (10)
و الخيل قد عادت و رادا شبهها... ممّا لبسن من النجيع القاني (11)
يسبحن طورا في الدماء، و تارة... يركضن فوق جماجم الشجعان
في مأزق ضنك المجال كأنّه...مغنى المبخّل أو فؤاد العاني (12)
ستر السماء عجاجه؛ فسماؤه... نقع، و أنجمه من الخرصان (13)
فالصبح ممّا سلّ فيه واحد... و الليل ممّا ثار فيه اثنان (14)
- و له من الأبيات السائرة في مدح السفر و تهوين فراق الأحبّة:
فارق تجد عوضا ممّن تفارقه... في الأرض، و انصب تلاق الرّفة في النصب (15)
فالأسد لو لا فراق الخيس ما فرست... و السهم لو لا فراق القوس لم يصب (16)
____________________
1) اللهوة (بالضم و الفتح) و اللهية (بالضم) : العطية، المال. و اللهاة (بالفتح) : اللحمة المشرفة على الحلق. «اللها تفتح اللها» : المال يشجع الناس على حسن الكلام (و يشجع الشاعر على قول الشعر و مدح الذين يعطون) .
2) الشنآن: البغضاء.
3) الشهامة: كرم الخلق و الأصل، و (الشهامة في القاموس: الشجاعة) . تردع: تمنع.
4) اذا كانت الذنوب قليلة فالصفح مفيد، أما إذا استهتر الناس و أظهروا الفساد فالحزم أن يقضي تعاقبهم
5) مما يدل على سؤدد (مجد) الرجل أنه يحتمل الخسارة الشخصية دائما.
6) التقى الجمعان: وقف الجيشان في ميدان المعركة وجها لوجه.
7) ظنوك ما لاقوا: اعتقدوا انك في الحرب متساهل بحقك مثلك في السلم. -اعتقدوا أنك مثل غيرك من الذين قاتلوهم و انتصروا عليهم. و لكن طعنه (قتاله أعداءه) حقق أمل السرحان (الذئب) اذ كثر القتلى من الأعداء حتى شبعت ذئاب الفلاة.
8) الذوابل: الرماح. السنان: الحديدة في رأس الرمح. الضغن (بكسر الضاد) : الحقد. -رماح الممدوح أخرجت أحقاد الأعداء من قلوبهم (قتلتهم) .
9) مشبوح: طويل. اذا كان المحارب أطول ذراعا من خصمه استطاع أن يصل اليه بالرمح بسهولة. يهزه: يطربه، يسره. قرع العوالي (الرماح) : قرع بعض الرماح على بعض في المعركة (كناية عن اشتداد القتال) . النشوان: السكران.
10) البيض الخفاف: السيوف. كأنها النار المشبوبة أو مشبوبة النيران: حمراء من الدم الذي عليها.
11) و الخيل قد عادت (رجعت من المعركة) و رادا (حمرا) شبهها (شبه نفسها، لأن الخيل الحمراء اللون محمودة) النجيع: الدم. القاني: الشديد الحمرة (قان، خان من الفارسية: الدم) . -جميع الخيل (الحمر و البيض و السود) رجعت من المعركة حمرا لكثرة ما سال عليها من دم الأعداء.
12) المأزق: المكان الضيق. ضنك المجال: لا يستطيع الفارس أن يجول فيه. كأنه مغنى (بيت) المبخل (البخيل) ، كناية عن الضيق المادي في المساحة، أو فؤاد العاني (الأسير) كناية عن الضيق النفسي.
13) العجاج: الغبار. النقع: غبار الحرب. الخرصان جمع خرص (بضم الخاء) : الحلقة أو حلقة القرط (الذي تزين به الأذن) .
14) فالصبح مما سل فيه (من السيوف البيض) واحد: كأن السيوف المسلولة لكثرتها و تقارب بعضها من بعض و شدة بياض لونها (كناية عن جودتها و مضائها) شيء واحد. و الليل مما ثار فيه (من الغبار) اثنان (ظلام و غبار أسود) .
15) الرفة: سعة العيش. النصب: التعب.
17) الخيس و الخيسة (بكسر الخاء فيهما) : موضع الأسد، و الشجر الكثير الملتف.