ترجمة الكفعمي
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة:
ص: 343-346
2025-12-08
40
ترجمة الكفعمي
والكفعمي هو إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن صالح نسبة إلى كفر عيما (1) قرية من قرى أعمال صفد، كما تقول في النسبة إلى بني عبد الدار:
عبدري، وإلى حص كيفا: حصكفي، وشرحه لبديعيته سماه نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع " (2) وما رأيت مثله في سعة الحفظ والجمع.
ومن نظمه في أسماء الكتب:
يا طريق النجاة بحر فلاح ... أنت دفع الهموم والأحزان
أنت أنس التوحيد عدة داع ... ثم روح الإحيا وفلك المعاني
نهج حي ونثر در نبيه ... ورياض الآداب ذكرى البيان
فائق رائع مسرة راض ... منتهى السؤل جامع للأماني
نزهة عدة ظرائف لطف ... روضة مبهج جنان الجنان
زاهر كامل شهاب وكنز ... مجتنى من ذخيرة الإخوان
فصحاح الألفاظ فيه تلقى ... وشذور العقود والمرجان
وهو قوت القلوب نهج جنان ... وكنوز النجاح والبرهان فناسب بين أسماء الكتب، وقصده غير ذلك، وأكثر هذه الكتب التي ورى بها غير موجودة بأيدي الناس، بل ولا معروفة لديهم، وهذا دليل على سعة اطلاعه.
ومن بدائع الكفعمي المذكور رسالة كتب بها إلى قاضي القضاة العالم العلامة أبي العباس ابن الفرفور (3) في شأن أستاذ دار قاضي القضاة المذكور الأمير علاء الدين، ويخرج من أثنائها قصيدة منها: يقبل الأرض وينهي (سلام) عبد لكم محب وعلى المقة مكب لو بدا للناظرين عشر معشار شوقه وغرامه لطبق ذلك ما بين آفاق السموات السبع والأرض لشدة هيامه تراه حقا لكم حافيا بالأمن والسرور والسعد والحبور داعيا لا جرم وهذا الثناء المتوالي والدعا للمقام العالي لا شك من لازم الفرض ملكه الله تعالى أزمة البسط والقبض، وأنجاك ربي من المعاطب في دينك ودنياك وأنقذك من شر كل صغير شدة وكبيرها، وأرضاك، وجعلك أمينا في الأرض، إلى يوم القيامة والنشور والعرض، كما أنت أمن لي من المخاوف وعون في كل شدة وغوث وملجأ وعدة وأنجت آمالي ووفرت بإخدامك لي مالي وأحسنت قرضي ووفرت بإجلالك لي عرضي، وينهي المملوك إلى سيده قاضي القضاة وكافي الكفاة بأن المتولي الأمين ذا الفخر المبين علي ابن المرحوم فخر الدين قوله في أمركم العالي مرضي وفعله مقضي ومدحكم عليه فرض واجب قراه أبدا لسانه ويذكر المناقب وحبكم له واختياركم إياه دال بأنه أمين حليم شاهده حقا يقضي بجعله على خزائن الأرض إنه حفيظ عليم حديث مدح سواكم ليس من مدائحه، ولا يمر أبدا بقلبه وجوارحه وإن مر في خاطره لا يحلو قطعا وحكمكم عليه شرعا، ومرسومكم يمضي وأمركم يقضي يتيه سرورا به رؤساء أهل الشام، ومن في القبيبات من الأنام، عزة وعلوا لخدمته الشريفة إياك ولأنه يا قاضي قضاة الدين والأرض لا يريد سواك، فإن يك الخادم المذكور في بعض أفعاله غافلا أو في مقاله غير كامل وعصاكم في بعض الأمر فعين العفو والستر عن ذنبه لا جرم تغضي، وهو بتوبته إليه يفضي وسلام الله عليكم ورحمته لديكم كلما نطق ناطق أو ذر في المشارق شارق وما دارت الأفلاك، وسبحت بلغاتها الأملاك، في فسيح الطول ورحب العرض، دوما ما بين السماء والأرض.
وهذه أبيات القصيدة المتولدة من هذه الرسالة:
سلام محب لو بدا عشر شوقه ... لطبق ما بين السموات والأرض
تراه لكم بالأمن والسعد داعيا ... وهذا الدعا لا شك من لازم الفرض
وأنجاك في دنياك من كل شدة ... وأرضاك في يوم القيامة والعرض
كما أنت لي عون وغوث وعدة ... ووفرت لي ما لي ووفرت لي عرضي
هذا، ويصح أن يقرأ عونا بالنصب على الحالية، وهو الذي رأيته بخطه، أعني الكفعمي، ثم قال:
وينهي إلى قاضي القضاة بأن ذا ... علي بن فخر الدين في أمركم مرضي
ومدحكم فرض قراه لسانه ... وحبكم إياه شاهده يقضي
حديث سواكم لا يمر بقلبه ... وإن مر لا يحلو وحكمكم يمضي
يتيه به أهل القبيبات عزة ... لخدمته إياك يا قاضي الأرض
فإن يك في أفعاله أو مقاله ... عصاكم فعين العفو معن ذنبه تغضي
سلام عليكم كلما ذر شارق ... وسبحت الأملاك في الطول والعرض
قلت: وهذه طريقة بديعة، وقد تبارى فيها البلغاء، فبعضهم يعمد إلى أحاديث أو آيات وينسج على منواله مثلها، ويفرقها في أبياته أو سجعاته، ويكتبها بلون مخالف للأصل، وقد ذكرت في روضة الورد من أزهار الرياض من كلام ابن عاصم ما لا مزيد وراءه، فليراجعه من أراده، وذكرت في غيره أيضا نبذة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ق والتجارية: عتما، والكفعمي نسبة إلى كفر عيما إحدى قرى جبل عامل، كما ذكره صاحب روضات الجنات (7) نقلا عن بهاء الدين العاملي، والنسبة الشائعة إليها كفعماوي. والمترجم إمامي المذهب، وله كتب وأشعار وتصانيف منها: كتاب جنة الأمان الوافية المشتهر باسم المصباح وكتاب البلد الأمين والدرع الحصين وكتاب نهاية الأرب في أمثال العرب وغيرها، وقد توفي سنة 905.
(2) ذكره حاجي خليفة (1982) وأوله: الحمد لله الذي شيد بنيان صرح البيان.
(3) هو شهاب الدين أحمد بن محمود بن عبد الله بن محمود الشهير بابن الفرفور الدمشقي الشافعي (852 - 911) ولي قضاء القضاة الشافعية بدمشق ثم جمع له بينه وبين قضاء مصر سنة 910 فأناب عنه بدمشق وولده ولي الدين (الكواكب السائرة 1: 141).
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة