الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عرقلة الدمشقي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص337-342
27-1-2016
3793
هو أبو النّدى حسّان بن نمير بن عجل من بني وبرة بن الحلاج أحد بطون بني كلب، و يعرف بعرقلة الدمشقيّ و عرقلة الكلبي، كما عرف فيما بعد بعرقلة الأعور.
ولد عرقلة في دمشق قبيل سنة 481 ه (1087 م) و قضى جانبا كبيرا من حياته الأولى فيها متنقّلا بين متنزّهاتها و منصرفا إلى اللّهو و المجون.
تطوّف عرقلة في البلاد يتّصل بأمرائها و ولاتها. و يبدو أنّه سار في مطلع القرن السادس الى قلعة جعبر ليمدح صاحبها سالم بن مالك بن بدران (497-519 ه) فلم يوفّق. و لعلّه في أثناء هذه الرحلة مرّ بحلب فذهبت إحدى عينيه. و كذلك مدح حسام الدين بن تمرتاش والي ماردين (516- 547 ه) كما مدح-فيما قيل-بهاء الدين بن نيسان مدبّر آمد من قبل صلاح الدين الأيّوبيّ.
و مدح عرقلة أيضا مجير الدين آبق والي دمشق (534-549 ه) ، كما مدح طلائع بن رزّيك الذي وزر (549-558 ه) للفاطميّين في مصر. و مدح ابن السديد محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الأنباريّ الذي كان كاتب الإنشاء (558-575 ه) أيام الخلفاء العبّاسيّين المستنجد و المستضيء و الناصر، في بغداد.
و كان عرقلة قد لازم الأيوبيّين في الشام مدّة و اختصّ بصلاح الدين. فلمّا سار صلاح الدين الى مصر ثمّ تولاّها (سنة 564 ه) كتب اليه عرقلة يستنجزه ألف دينار كان قد وعده بها إذا قيّض له أن يتولّى مصر. و في السّنة نفسها سار عرقلة الى مصر، و لكن يبدو أن مكثه فيها لم يطل فعاد إلى دمشق حيث توفّي سنة 567 ه (1171-1172 م) .
كان عرقلة الدمشقيّ مرحا حلو المنادمة ظريفا و ماجنا خليعا في حياته الخاصّة؛ و لكنّه كان محيطا بفنون من العلم و الأدب ينكشف عنها شعره. و كذلك كان شاعرا مطبوعا مكثرا مجيدا محسنا يجري على السجيّة، فصيح الألفاظ سهل التراكيب متين السبك مقتصدا في الصناعة لا يظهر على القليل الذي نجده منها في شعره أثر للتكلّف. و شعره قصائد قلّ أن تجاوز خمسة و عشرين بيتا و مقطّعات قلّ أن جاوزت عشرة أبيات، كما كانت له رباعيّات. أمّا فنونه فهي المدح و الرثاء و الهجاء المستطرف و وصف الطبيعة في دمشق خاصّة و الخمر و النسيب و الغزل و المجون.
مختارات من شعره:
-قال عرقلة الدمشقيّ يمدح السلطان الناصر صلاح الدين الأيّوبيّ:
أصبح الملك بعد آل عليّ... مشرقا بالملوك من آل شاذي
و غدا الشرق يحسد الغرب للقو... م، و مصر تزهو على بغداد
ما حواها إلاّ بحزم و عزم... من صليل الفولاذ في الفولاذ (1)
لا كفرعون و العزيز و من كا... ن بها كالخصيب و الأستاذ (2)
- و قال عرقلة يمدح الصالح بن رزّيك و يذكر- في أثناء ذلك - مذهبه في التشيّع (قبل مدحه لصلاح الدين) و هجاء دمشق و أهلها:
قف بجيرون أو بباب البريد... و تأمّل أعطاف بان القدود (3)
تلق سمرا كالسمر في اللّون و اللّيـ...ـن و شبه الشعور في التجعيد (4)
و من البيض كالمهنّدة البيـ...ـض و شبه الخدود في التوريد (5)
من بني الصيد للمحبّين صادوا... بعيون الظبا قلوب الأسود (6)
يا نديميّ، غنّياني بشعري... و اسقياني بنيّة العنقود (7)
عرجا بي ما بين سطرى و مقرى... لا بأكناف عالج و زرود (8)
سقّياني كأسا على نهر ثورا... و ذراني أبولها في يزيد (9)
أنا من شيعة الإمام حسين... لست من شيعة الإمام يزيد (10)
مذهبي مذهب، و لكنّني في... بلدة زخرفت لكلّ بليد (11)
غير أنّ الزمان فيها أنيق... تحت ظلّ من الغصون مديد (12)
و رياض من البنفسج و النر... جس قد عطّرت بمسك و عود (13)
كثنا الصالح بن رزّيك في كلـْ...ـلِ قريب من الدنى و بعيد (14)
ملك لم تزل ثياب عداه... من حداد، و ثوبه من حديد (15)
- و قال يفتخر بشعره و يشكو دهره:
أ يجمل أن أضام، و درّ نظمي... أحبّ من الغنى عند الغناء(16)
أمال العرب عن شعر التهاميّ... و أغنى العجم عن شعر السنائي (17)
- و قال عرقلة الدمشقيّ يصف دمشق:
أمّا دمشق فجنّات معجّلة... للطالبين، بها الولدان و الحور (18)
ما صاح فيها على أوتاره قمر... إلاّ و غنّاه قمريّ و شحرور (19)
يا حبّذا و دروع الماء تنسجها... أنامل الريح لو لا أنّها زور (20)
- و قال يتغزّل بغلام اسمه يعيش و يحاجي باسمه عن مذهبه (يعيش، عكسه - شيعي) . :
بأبي قدّ يعيشٍ بأبي... حين يهتزّ اهتزاز القصب
رشأ حاسده ضدّ اسمه... و إذا ما عكسوه مذهبي (21)
- و قال في الخمر (أعتق: أقدم) :
و في دير مرّان خمّارة... من الروم في يوم سعنينها (22)
سقتني على وجهها المشتهى... أرقّ و أعتق من دينها
- و ممّا يغنّى من شعر عرقلة الشاميّ (و هو في النسيب) :
عندي إليكم من الأشواق و البرحا... ما صيّر الجسم من فرط الضنا شبحا (23)
أحبابنا، لا تظنّوني سلوتكم... الحال ما حال، و التبريح ما برحا (24)
لو كان يسبح صبّ في مدامعه... لكنت أوّل من في دمعه سبحا (25)
أو كنت أعلم أنّ البين يقتلني... ما بنت عنكم؛ و لكن فات ما ذبحا (26)
- و من شعره المشهور في الهجاء البارع (و كان قد مدح بعضهم فأعطاه شيئا من الشعير) :
يقولون: لم أرخصت شعرك في الورى... فقلت لهم: إذ مات أهل المكارم (27)
أجازى على الشعر الشعير؛ و إنّه... كثير إذا استخلصته من بهائم
- و له رباعيّات منها هذه (في الخمر و النسيب) :
لا راحة لي بغير شرب الراح... من ذي هيف يطوف بالأقداح (28)
تبدو كالصبح، و هو كالمصباح... سكران الطرف ذو فؤاد صاح
_____________________
1) صليل (صوت) الفولاذ (السيوف) في الفولاذ (الدروع) ، نال الملك بالحرب (بالقوة) .
2) فرعون: لقب لملوك مصر القدماء. العزيز: الملك، و لقب لكل من ملك مصر (القاهرة) مع الاسكندرية؛ و العزيز الذي يتولى أمرا للملك (كما كان يوسف بن يعقوب في مصر) . الخصيب: عامل (جابي ضرائب) ولاه هارون الرشيد على مصر و مدحه أبو نواس. الاستاذ: كافور الاخشيدي (الذي مدحه المتنبي) .
3) جيرون و باب البريد من ضواحي دمشق القديمة. العطف (بكسر العين) : جانب الجسد عند الكتف. البان: شجر أسمر ناحل جميل. القد: القوام. أعطاف بان القدود: النساء الجميلات.
4) سمر-جمع سمراء (المرأة السمراء الحسناء) . سمر جمع أسمر (رمح) . شبه الشعور في التجعيد: نبات كثير متشابك (!) .
5) البيض جمع بيضاء (المرأة الجميلة) . البيض جمع ابيض: سيف. شبه الخدود في التوريد: أثمار (كالتفاح) .
6) الصيد جمع أصيد (بفتح الهمزة و الياء) : الكريم الأصل، الملك. الظبا-الظباء: الغزلان (كناية عن النساء الجميلات) . الأسود (كناية عن الرجال الابطال) .
7) بنية تصغير ابنة: ابنة العنقود: الخمر.
8) عرجا بي-ميلا بي: اذهبا بي، خذاني. سطرى و مقرى من قرى دمشق (كناية عن الخصب و التمتع باللهو) . الأكناف: الأطراف. عالج و زرود موضعان في بلاد العرب (كناية عن البادية و القحط) .
9) ثورا و يزيد: نهران من أنهار دمشق. ذراني: اتركاني. أبولها في (نهر) يزيد (كناية عن كره هذا النهر لمناسبة اسمه لاسم يزيد بن معاوية) .
10) شيعة (أتباع) الحسين (بن علي بن أبي طالب) . الإمام (الخليفة، الملك) يزيد (بن معاوية) الذي قتل في أيامه الحسين بن علي في كربلاء.
11) مذهبي (عقيدتي الدينية) مذهب (مثل الذهب، جميل، ثمين) . في بلدة (دمشق) زخرفت (زينت) فأحبها و سكنها كل بليد (بليد الفهم الذي لم يدرك حقيقة التشيع) .
12) الأنيق: الذي يعجب العين.
13) العود: نوع من الطيب.
14) الثنا-الثناء: المديح. الدنى جمع دنيا.
15) ثياب (أعدائه) لم تزل (منذ زمن طويل، دائما) من حداد (سوداء، لكثرة ما قتل من رجالهم) و ثوبه من حديد (دروع، لكثرة ذهابه الى الحرب) .
16) يجمل: يحسن. أضام: أظلم، يصيبني ضيق. در نظمي: شعري. أحب من الغنى عند الغناء: اذا غنى به المغنون احتقر الأغنياء أموالهم (أمدح بالشعر فيعطيني الممدوحون أموالا كثيرة) .
17) التهامي شاعر عربي (ت 416 ه) ؛ راجع، فوق، ص 75 و السنائي شاعر فارسي (ت 526 ه) .
18) جنات معجلة: جنات في هذه الدنيا مثل جنة الآخرة. الحور جمع حوراء: المرأة الجميلة.
19) اذا غنت قمر (امرأة جميلة) غناها (أجابها، قلدها في الغناء) قمري (نوع من الحمام البري) .
20) الريح تجعل سطح النهر مجعدا كالدرع و لكنه درع زور (ليس درعا يقي من السلاح) .
21) الرشأ: الغزال الصغير. حاسده ضد اسمه (عكس اسمه: رشا-أشر: كذاب؛ أو ضد اسمه يعيش: يموت) .
22) خمارة: امرأة تبيع الخمر. السعنين و الشعنين و السعانين و الشعانين: عيد للنصارى (في الربيع) .
23) البرح جمع برحة (بضم الباء) : الشدة و الشر و الداهية. فرط: كثرة، زيادة. الضنا: السقم، الضعف.
24) سلا: نسي. حال: تبدل، تغير. التبريح: التعذيب. ما برحا: ما انتقل، لم يتبدل (ما زال موجودا) .
25) الصب: المحب.
26) البين: البعاد، الفراق، بان: ابتعد. فات ما ذبح: المذبوح. لا يعود الى الحياة (بعادكم قتلني، و لذلك لا استطيع أن أعمل شيئا) .
27) الورى: الناس، البشر.
28) الراح: الخمر. الهيف: ضمور الخصر، اعتدال القوام.