الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
القلقشندي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص832-836
27-1-2016
5325
هو شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن عليّ بن احمد بن عبد اللّه الفزاريّ القلقشنديّ، ولد في قلقشندة قرب قليوب (شمال القاهرة) سنة 756 ه (1355 م) و نشأ فيها ثمّ انتقل الى الإسكندرية و تلقّى فيها الحديث و الفقه و النحو و الأدب على نفر من علمائها فأجازه عمر بن الملقّن الانصاريّ، سنة 778 ه (1376 م) بالإفتاء و رواية الحديث.
اشتغل القلقشنديّ بالتدريس و التأليف. و في سنة 791 ه (1389 م) عيّن في ديوان الإنشاء في القاهرة. و كانت وفاته في عاشر جمادى الثانية من سنة 821هـ (16/7/1418 م) .
كان القلقشنديّ واسع الإحاطة بعلوم زمانه بارعا في علوم البلاغة خاصّة، يفضّل النثر على الشعر لأنّ الشعر مثقل بالقيود اللفظية )من وزن و قافية يحوجان الى التقديم و التأخير و التبديل و الحذف) ممّا يجعل المعنى أسير الألفاظ، بينما الألفاظ في النثر تكون تبعا للمعنى فيبرز المعنى طليقا من القيود دالاّ على عبقريّة صحيحة. و مع ذلك فالقلقشندي مرهف الحسّ في تخير شواهده القصار و الطوال من الشعر الجيّد. و كان للقلقشنديّ إلمام بالعلوم الرياضيّة و الطبيعية. . . . و كان القلقشندي مؤلّفا مكثرا له «صبح الأعشى في كتابة (1)الانشاء» تكلّم فيه على فضل الكتابة و تاريخ ديوان الإنشاء و على صفات الكاتب و آداب الكتابة و ما يحتاج اليه الكاتب من المعارف في اللغة و الدين و الجغرافية و التاريخ و الأدب. ثمّ تكلّم على الحياة ثمّ تكلّم على الحياة السياسية و الإدارية في مصر و الشام و على أسلوب المكاتبات و على ما يعرض في إدارة الدولة من الأحوال. و له أيضا: نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب-قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان-حلية الفضل و زينة الكرم في المفاخرة بين السيف و القلم.
مختارات من آثاره:
- من مقدّمة «صبح الأعشى» :
الحمد للّه جاعل المرء بأصغريه: قلبه و لسانه، و المتكلّم بأجملية: فصاحته و بيانه. . . . الذي حفظ برسوم الخطوط ما تكلّ الأذهان السليمة عن حفظه (2). . . .
و بعد، فلمّا كانت الكتابة من أشرف الصنائع و أرفعها، و أربح البضائع و أنفعها. . . . . لا سيّما كتابة الإنشاء التي هي منها بمنزلة سلطانها. . . . لا تلتفت الملوك إلاّ إليها، و لا تعوّل في المهمّات (3) إلاّ عليها، يعظّمون أصحابها و يقرّبون كتّابها. . . . (ثمّ) كانت الديار المصرية و المملكة اليوسفية (4). . . قد رجحت سائر الأقاليم. . . و حظيت من فضلاء الكتّاب بما لم تحظ به مملكة من الممالك و لا مصر من الأمصار (5)، و حوت من أهل الفضل و الأدب ما لم يحو قطر من الأقطار. . . . .
هذا، و المؤلّفون في هذه الصنعة قد اختلفت مقاصدهم في التصنيف، و تباينت (6) مواردهم في التأليف: ففرقة أخذت في بيان أصول الصنعة و ذكر شواهدها، و أخرى جنحت الى ذكر المصطلحات و بيان مقاصدها (7)، و فرقة اهتمّت بتدوين الرسائل ليقتبس من معانيها. . . و تكون أنموذجا. . . لمن أراد أن ينسج على منوالها (8). . . . . و لم يكن فيها تصنيف جامع لمقاصدها، و لا تأليف كافل بمصادرها الجليلة و مواردها. . . . و كان الدستور الموسوم ب «التعريف بالمصطلح الشريف» ، صنعة أحمد بن فضل اللّه العمريّ (9)، أنفس الكتب المصنّفة في هذا الباب عقدا، و أعدلها طريقا و أعذبها وردا (10)، قد أحاط من المحاسن بجوانبها. . . . إلاّ أنّه قد أهمل من مقاصد «المصطلح» أمورا لا يسوغ تركها كالبطائق فلم يقع الغنى به عمّا سواه (11). . . ثمّ تلاه التقويّ ابن ناظر الجيش بوضع دستوره المسمّى ب «تثقيف التعريف» (12) مقتفيا أثره في الوضع مع إيراد ما أهمله في تعريفه، فاشتهر ذكره و عزّ وجوده (13). و كان مع ذلك قد ترك ممّا قد تضمّنه التعريف مقاصد لا غنى عنها كالوصايا و الأوصاف و مراكز البريد و أبراج الحمام (14). . . .
و كيفما كان، فالاقتصار على معرفة المصطلح قصور (15). . . . و كنت في حدود سنة إحدى و تسعين و سبعمائة، عند استقراري في كتابة الإنشاء بالأبواب الشريفة السلطانية، أنشأت مقامة بنيتها على أنّه لا بدّ للإنسان من حرفة يتعلّق بها، و معيشة يتمسّك بسببها، و أنّ الكتابة هي الصناعة التي لا يليق بطالب العلم من المكاسب سواها. . . . . و جنحت الى تفضيل كتابة الإنشاء و نبّهت فيها على ما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من الموادّ، و ضمّنتها من أصول الصنعة ما أربت (15) به على المطوّلات و زادت، و أودعتها من قوانين الكتابة ما استولت به على جميع مقاصدها أو كادت، و أشرت فيها الى وجه تعلّقي بحبال هذه الصنعة. . . إلاّ أنّها قد وقعت موقع الوحي و الإشارة، و مالت إلى الإيجاز فاكتفت بالتلويح (16) عن واسع العبارة. . . فأشار من رأيه مقرون بالصواب أن أتبعها بمصنّف مبسوط (17) يشتمل على أصولها و قواعدها. . . . . فامتثلت أمره بالسمع و الطاعة. . . فشرعت في ذلك، بعد أن استخرت اللّه. . . مستوعبا (18) من المصطلح ما اشتمل عليه «التعريف» و «التثقيف» ، موضّحا لما أبهماه (19) بتبيين الأمثلة مع قرب المأخذ و حسن التأليف، متبرّعا بأمور زائدة على «المصطلح الشريف» لا يسع الكاتب جهلها. . . منها ما يحتاج إليه الكاتب من الفنون. . . ذاكرا من أحوال الممالك المكاتبة عن هذه المملكة (20) ما يعرف به قدر كلّ مملكة و ملكها. . . . و سمّيته «صبح الأعشى (21) في كتابة الإنشاء» . . . . و قد رتّبته على مقدّمة و عشر مقالات و خاتمة. . .
_____________________
1) سمى القلقشندي كتابه صبح الأعشى في صناعة الإنشا، و لكن الكتاب اشتهر باسم صبح الأعشى في كتابة (و قيل: قوانين) الانشاء. و الكتاب مطبوع (دار الكتب المصرية) بعنوان «صبح الاعشى» فقط.
2) برسوم الخطوط (بالكتابة، بالخط) تكل (تتعب، تضعف، تقصر) .
3) تعول: تعتمد. المهمة (بفتح الميم و الهاء) : الأمر المهم (بضم الميم و كسر الهاء) .
4) المملكة اليوسفية: دولة يوسف بن أيوب بن شاذي (صلاح الدين الأيوبي) .
5) المصر: البلد الكبير الذي هو عاصمة لمنطقته، كالكوفة و البصرة و حمص.
6) تباينت: افترقت و اختلفت. المورد: مكان شرب الماء. اختلفت مواردهم في التأليف: اختلفت المصادر التي استقوا منها موادّ كتبهم.
7) جنحت: مالت. المصطلح: ما اتفق عليه أصحاب كل صناعة من الأمور.
8) النسج: الحياكة. المنوال: النول (الآلة التي يحاك عليها النسيج) . نسج على منواله: عمل مثل عمله، قلده.
9) راجع، فوق، ص 762.
5) العقد: السلك تنظم فيه حمات من اللؤلؤ و غيره. أنفسها عقدا: أغلاها قيمة (و أحسنها تنسيقا و تنظيما!) . أعدلها (أكثرها استقامة، أصحها) . طريقا: طريقة، منهجا، أسلوبا. أعذبها: أحلاها وردا: شربا (ماء) .
10) ساغ الشراب: مر في الحلق بسهولة. لا يسوغ (لا يجوز) تركه. البطاقة: . . . . . . . الغنى: الاستغناء.
11) في بروكلمان (الملحق 2:176، السطر 14) : للمصطلح الشريف لابن فضل اللّه العمري مختصر اسمه «تثقيف التعريف بالمصطلح الشريف» لتقي الدين المحبي من أحياء أواخر القرن الثامن للهجرة.
12) عز (ندر، قل) وجوده: أصبح الحصول عليه صعبا.
13) أبراج (بيوت) للحمام الزاجل التي تحمل الرسائل.
14) الاكتفاء بفهم المصطلحات وحدها تقصير.
15) أربى: زاد.
16) الوحي و التلويح (هنا) : الايماء، الاشارة الخفيفة.
17) المبسوط: المفصل.
18) الاستيعاب: الاشتمال على معظم الأشياء.
19) أبهم الرجل الأمر: أخفاه، جعله غامضا (لم يوضحه ايضاحا كافيا) .
20) يقصد: الدول التي بينها و بين دولة المماليك مكاتبات.
21) الأعشى: السيء البصر، الضعيف البصر في الليل خاصة.