الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الصلاح الصَفدي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص789-794
27-1-2016
2651
هو صلاح الدين أبو الصفاء خليل بن أيبك بن عبد اللّه السيفيّ الصفديّ، ولد في صفد (فلسطين) ، في سنة 696 أو 697 ه (1296 م) .
أخذ صلاح الدين الصفديّ الأدب عن شهاب الدين محمود بن فهد (ت 729 ه) و لازمه مدّة، و عن ابن نباتة المصريّ (ت 768 ه) ، و أخذ النحو عن أثير الدين أبي حيّان الغرناطيّ (ت 745 ه) . أمّا الحديث و الفقه فقد سمعهما من نفر كثيرين منهم: يونس الدبابيسيّ (أو الدبّوسيّ) المصري (ت 729 ه) -و قد سمع منه في مصر-و منهم بدر الدين بن جماعة (ت 733 ه) و أبو الفتح ابن سيّد الناس (ت 734 ه) و أبو الحجّاج المزّيّ (ت 742 ه) محدّث الديار الشامية في وقته؛ و منهم الحافظ أبو عبد اللّه الذهبيّ (ت 748 ه) و شيخ الاسلام تقيّ الدين السبكي (ت 756 ه) . ثمّ عاد الحافظ الذهبي فسمع منه (و هذا شيء يندر) .
و أوّل ما تولّى الصلاح الصفديّ من المناصب كتابة الدرج في بلده صفد ثمّ تولى جوانب من الكتابة في حلب ثمّ في دمشق ثمّ في القاهرة؛ و تولّى كتابة السرّ حينا في الرحبة (على الفرات الأوسط) ثمّ أصبح وكيلا لبيت المال في دمشق إلى آخر أيامه. و في هذه الأثناء كلّها كان يتصدّر للتدريس في أماكن مختلفة، فقد حدّث في دمشق (في الجامع الأمويّ) و في حلب و غيرهما. و كانت وفاته في دمشق في عاشر شوّال من سنة 764 ه (23/7/1363 م) ، و هي السنة التي اشتدّ فيها «الوباء و الطاعون في البلاد الشامية و العربية» (شذرات الذهب 6:200) .
كان الصلاح الصفدي أديبا و شاعرا و مؤرّخا و مصنّفا مكثرا له كتب منها: الوافي بالوفيات (أوسع كتب التراجم) -أعيان العصر و أعوان النصر (تراجم المشاهير ممن شهدوا القرن الثامن الهجري) -نكت الهميان في نكت العميان (معجم أبجدي للمشاهير من العميان منذ صدر الاسلام) -الشعور بالعور (تتمّة لنكت الهميان) . و له مجاميع أدبية منها: تشنيف السمع في انسكاب الدمع (الشعر المتعلّق بالبكاء على الأطلال و على الأحباب) -التذكرة الصلاحية (مجموع مطوّل في الشعر و النثر على الأبواب و الأغراض) -لوعة الباكي و دمعة الشاكي (فيه أخبار المحبين) -ديوان الفصحاء و ترجمان البلغاء (مختارات من الشعر و النثر) . و له مصنّفات في النقد و شرح الأدب منها: جنان الجناس (في البديع) - فضّ الختام في التورية و الاستخدام (في البيان) -الكشف و التنبيه على الوصف و التشبيه-تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون-الغيث المسجّم في شرح لاميّة العجم. ثم له دواوين شعره و رسائله منها: منشآت الصفدي (مجموع مقالات و رسائل و توقيعات و مناشير) -ألحان السواجع بين البوادي و المراجع أو الغادي و الراجع (مكاتبات له بينه و بين نفر من معاصريه) . ثم له قصائد و موشّحات و مقامات، الخ.
مختارات من آثاره:
- من مقدّمة كتاب الوافي بالوفيات:
. . . . و بعد، فلمّا كانت هذه الأمّة المرحومة و الملّة التي أمست أخبارها بمسك الظلام على كافور الصباح مرقومة خير أمّة أخرجت للناس و أشرف ملّة أبطل فضلها المنصوص من غيرها قواعد القياس: علماؤها كأنبياء بني اسرائيل، و أمراؤها كملوك فارس في التنويه و التنويل (1)، و فضلاؤها أربوا على حكماء الهند و اليونان في التعليم و التعليل. . . .
(و قد) جمع المؤرّخون أخبار تلك الأحبار (2) و نظموا سلوك تلك الملوك و أحرزوا عقود تلك العقول. . . . فوقفت على تواريخ ماتت أخبارها في جلدها (3) . . . . و وجدت النفس تستروح الى مطالعة أخبار من تقدّم و مراجعة آثار من خرب ربع عمره و تهدّم. . . . .
و التاريخ للزمان مرآة، و تراجم العالم للمشاركة في المشاهدة مرقاة، و أخبار الماضين لمن عاقر الهموم ملهاة (4). و ربّما أفاد التاريخ حزما و عزما و موعظة و علما و همّة تذهب همّا. . . و حيلا تثار للأعادي من مكامن المكايد. . . . و صبرا يبعثه التأسّي بمن مضى، و احتسابا يوجب الرضا بما مرّ و حلا من القضا. . . . .
فأحببت أن أجمع من تراجم الأعيان من هذه الأمّة الوسط (5) و كملة (6) هذه الملّة التي مدّ اللّه لها الفضل الأوفى و بسط. . . . فلا أغادر أحدا من الخلفاء الراشدين، و أعيان الصحابة و التابعين و الملوك و الأمراء و القضاة و العمّال و الوزراء، و القرّاء و المحدّثين و الفقهاء، و المشايخ و الصلحاء و أرباب العرفان (7) و الاولياء، و النحاة و الادباء و الكتّاب و الشعراء. و الاطبّاء و الحكماء و الألبّاء و العقلاء، و أصحاب النحل و البدع (8) و الآراء، و أعيان كلّ فنّ اشتهر ممّن أتقنه من الفضلاء من كل نجيب مجيد و لبيب مفيد. . . . .
و لم أخلّ بذكر وفاة أحد منهم الاّ فيما ندر و شذّ، و انخرط في سلك أقرانه و هو فذّ، لأنّي لم اتحقّق وفاته، و كم من حاول أمرا فما بلغه وفاته (9). . . . .
و جعلت ترتيبه على الحروف و تبويبه، و تذهيب وضعه بذلك و تهذيبه (10). على أنّني ابتدأت بذكر سيّدنا محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] و سلّم، إذ هو الذي أتى بهذا الدين القيّم و سراجه وهّاج، و صاحب التنبيه على هذه الشرعة (11) و المنهاج، فأذكر ترجمته مختصرا، و أسرد أمره مقتصرا، لأنّ الناس قد صنّفوا المغازي و السير (12)، و أطالوا الخبر فيه كما أطابوا الخبر (13). . . . .
و قد أتيت في الترجمة النبويّة بما لا غنى عن عرفاته، و لا يسع الفاضل غير الاطّلاع على بديع معانيه و بيانه. و سردت ذكر من جاء بعده من المحمّدين (14) الى عصري و أبناء زماني الذين أينع زهرهم في روض دهري. ثمّ أذكر الباقين من حرف الألف الى الياء على توالي الحروف، و أتيت في كلّ حرف بما جاء فيه من الآحاد و العشرات و المئين و الألوف، بشرط ألاّ أدع كميت القلم يمرح في ميدان طرسه إذا أجررته رسنه (15)، و لا أكون الاّ من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، و لا أغدو إلاّ ممّن يلغي السيّئة و يذكر الحسنة. . . . .
و قد قدّمت قبل ذلك مقدّمة فيها فصول فوائدها مهمّة. . . . ثمّ انّي أعقد لكلّ اسم بابا ينقسم الى فصول بعدد حروف المعجم تتعلّق الحروف في الفصول بأوائل أسماء الآباء (16) ليتنزّل كل واحد في موضعه. . . . و قد سمّيته الوافيّ بالوفيات (17)، . . . . .
[أما فصول المقدّمة ففيها كلام على الأغراض التالية:
كيف كانت العرب تؤرّخ-أقدم التواريخ التي بأيدي الناس-تسجيل أيام الشهر-كيفيّة كتابة التاريخ-نسبة الرجل الى بلده و صناعته أو مذهبه أو عقيدته الخ و كيفية ذلك-في بيان العلم و الكنية و اللقب (18) و كيفية ترتيب ذلك مع النسبة-في الهجاء (تهجئة الاسماء) -ترتيب المصنّفات (على السنين و على الحروف) - اشتقاق كلمة وفاة-فوائد التاريخ-ذكر شيء من أسماء كتب التواريخ المؤلّفة: تاريخ المشرق و بلاده، تاريخ مصر، تاريخ المغرب و بلاده، تاريخ اليمن و الحجاز، التواريخ الجامعة، تواريخ الخلفاء، تواريخ الملوك، تواريخ الوزراء و العمّال، تواريخ القضاة، تواريخ القرّاء (19)، تواريخ العلماء، تواريخ الشعراء، تواريخ مختلفة].
____________________
1) التنويه (الاشتهار) و التنويل (العطاء، الكرم) .
2) الحبر (بفتح الحاء) : العالم (بكسر اللام) . تلك الأحبار (كذا في الاصل) -أولئك الأحبار.
3) ماتت أخبارها في جلدها: أهملت في بطون الكتب فنسيت.
4) عاقر الهموم (دام على شرب الهموم كما تشرب الخمر) : تتابعت عليه الهموم.
5) الوسط بين الفريقين: الحكم.
6) الكملة: الكاملون: التابعون: الذين عاشوا في العصر الذي تلا العصر الذي عاش فيه الرسول.
7) العمال: الموظفون الذين يجمعون الضرائب. القراء: الذين يقرءون القرآن الكريم و يعرفون قواعد قراءته. أرباب العرفان (المعارف الالهية) : المتصوفون.
8) اللبيب: صاحب العقل. النحلة (بكسر النون) : المذهب، العقيدة. البدعة (بكسر الباء) : الحركة الجديدة في الدين.
9) أخل بالشيء: ترك فيه مكانا فارغا. الفذ: الوحيد، الموجود وحده. وفاته-الواو: حرف عطف. فاته (الامر) : ذهب عنه، ضاع منه، لم يصل اليه.
10) تذهيب: تفريق (في أصناف منظمة) . تهذيب: حذف الأشياء الزائدة، اختصار.
11) الشرعة: الدين، الشريعة.
12) المغازي: مناقب (فضائل) الغزاة (المجاهدين، المحاربين في سبيل اللّه) . السيرة (بكسر السين) : حياة فرد من الناس. -المقصود: ألف الناس كتبا كثيرة في غزوات محمد رسول اللّه و في تاريخ حياته.
13) الخبر (بكسر الخاء أو فتحها أو ضمها) : الاختبار (التقصي، البحث عن الحقيقة) . الخبر (بفتح الخاء و الباء) : النبأ، السرد.
14) المحمدون: الذين اسم كل واحد منهم «محمد» .
15) الكميت: الحصان الأحمر. الطرس: الورق. أجررته رسنه: تركته يجر رسنه. -المقصود: لم أترك نفسي على هواها تذكر صاحب كل اسم يخطر في بالي.
16) يقصد: يقسم أصحاب الاسم الواحد بحسب أسماء آبائهم-محمد بن أحمد يأتي في فصل قبل الفصل الذي يأتي فيه محمد بن بشير، الخ.
17) الوافي: المبسوط، المفصل، الذي يحتوي أشياء كثيرة. الوفيات-جمع وفاة.
18) في «أبي الطيب أحمد المتنبي» ؛ أبو الطيب-كنية، أحمد-علم (اسم) ، المتنبي-لقب.
19) الصفحة 791، الحاشية 3.