الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
محمد بن وُهيب
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج2، ص273-276
30-12-2015
5912
هو أبو جعفر محمّد بن وهيب الحميريّ، ولد في البصرة و نشأ فيها ثم سكن بغداد. و قد كان مضيّعا مطروحا يتصدّى للعامّة و أوساط الكتّاب (غ 17:114) يتكسّب منهم بشعره، حتى دخل المأمون بغداد (204 ه) فمدحه ثم مدح المعتصم (218-227 ه) فحسنت حاله قليلا.
مدح ابن وهيب المطّلب بن عبد اللّه بن مالك والي الموصل (196- 198 ه) و مصر (198-200 ه) و عليّ بن هشام والي الرّيّ و أذربيجان (211-217) . ثمّ انه انقطع إلى الحسن بن سهل (ت 236 ه) فما مدح بعد ذلك أحدا غيره.
و كانت وفاة محمّد بن وهيب في بغداد، و لعلّها لم تتأخّر عن 240 ه (854 م) (1).
خصائصه الفنّيّة:
محمّد بن وهيب شاعر مطبوع رقيق و مكثر مطيل و مجيد محسن، و لكنّ ابن النديم يذكر أن ديوانه خمسون ورقة (الفهرست 165) أو ألف بيت. ثم هو متين السبك سهل الشعر واضح المعاني. و فنونه الحكمة و المدح و الغزل و النسيب و الهجاء و الفخر.
المختار من شعره:
- قال محمد بن وهيب في الفخر و الحكمة:
لئن كنت محتاجا إلى الحلم، إنني... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج (2)
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن رام تقويمي فإني مقوّم... و من رام تعويجي فإني معوّج
و ما كنت أرضى الجهل خدنا و صاحبا... و لكنني أرضى به حين أحرج (3)
ألا ربما ضاق الفضاء بأهله... و أمكن من بين الأسنّة مخرج
و إن قال بعض الناس: فيه سماجة... فقد صدقوا؛ و الذلّ بالحرّ أسمج
- و قال محمّد بن وهيب يمدح أبا اسحاق محمدا المعتصم باللّه العبّاسي:
ثلاثة تشرق الدّنيا ببهجتهم... شمس الضحى و أبو اسحاق و القمر
تحكي أفاعيله في كلّ نائبة... الغيث و الليث و الصمصامة الذّكر (4)
- لمّا تولى المطّلب بن عبد اللّه بن مالك الخزاعي على الموصل (196 ه) قصده محمد بن وهيب و مدحه فقال:
دماء المحبّين لا تعقل... أما في الهوى حكم يعدل (5)
تعبّدني حور الغانيات... و دان الشّباب له الأخضل (6)
و نظرة عين تلافيتها... ضرارا، كما ينظر الأحول
مقسّمة بين وجه الحبيب... و طرف الرقيب متى يغفل
أذمّ على غربات النّوى... إليك السلوّ و لا أذهل (7)
و قالوا: عزاؤك، بعد الفراق... إذا حمّ مكروهه أجمل (8)
أقيدي دما سفكته العيون... بإيماض كحلاء لا تكحل (9)
فكلّ سهامك لي مقصد... و كلّ مواقعها مقتل (10)
سلام على المنزل المستحيل... و إن ضنّ بالمنطق المنزل
و غضّ الضريبة يلقى الخطوب... يجدّ عن الدهر ما ينكل (11)
تغلغل شرقا إلى مغرب... فلمّا تبدّت له الموصل
ثوى حيث لا يستمال الأريب... و لا يؤلف اللّقن الحوّل (12)
لدى مالك قابلته السّعود... و جانبه الأنجم الأفّل (13)
لأيّامه سطوات الزمان... و إنعامه حيث لا موئل (14)
سما مالك بك للباهرات... و أوحدك المربأ الأوّل (15)
و ليس بعيدا بأن تحتذي... مذاهب آسادها الأشبل
____________________
1) كان الاستاذ حسن الكرمي قد ذكر شيئا عن محمد بن وهيب هذا (هنا لندن، رقم 136، بتاريخ 12-6-1965 م) . ثم اني سألته اذا كان قد وقع على تاريخ وفاة هذا الشاعر فكتب الي رسالة (بتاريخ 27-6-1965 م، لندن) يذكر فيها أنه لم يعثر على مصدر ذكر ذلك. ثم ذكر أيضا أن الأبيات الجيمية قد تلفى منسوبة لصالح بن جناح اللخمي (كتاب الصناعتين للعسكري، القاهرة 1952 م، ص 346) و الى محمد بن خازم الباهلي (معجم الشعراء للمرزباني، بتحقيق عبد الستار أحمد فراج) .
2) الجهل: خلاف الحلم (معاملة الناس معاملة جافية مع الاعتداد بالقوة) .
3) الخدن: الصاحب الذي يوافقك في ظاهر أمورك و باطنها.
4) تحكي: تشبه. الغيث: المطر. الليث: الاسد. الصمصامة: السيف الذي لا ينثني. الذكر: (السيف) الذي توضع فيه الذكرة (بضم الذال) -حديدة توضع في رأس السيف (و الأصوب هو الذي سقي بالماء و هو شديد الحرارة-و الماء بارد-فأصبح أكثر صلابة) .
5) لا تعقل: لا تدفع ديتها (بكسر الدال و فتح الياء بلا تشديد) . يعدل: يجعل للقتيل في الهوى دية كما للقتيل العادي دية.
6) الحور: اشتداد البياض في بياض العين و اشتداد السواد في سوادها. الاخضل: الندي، المبتل (الشباب الذي في شدته و عنفوانه) .
7) الغربات جمع غربة (بفتح الغين و سكون الراء) : البعد، البعاد. النوى: البعاد أيضا.
8) حم الفراق: نزل، وقع.
9) أقيدي دما: خذي بثأر قتيل لك في الهوى بنظرة ثانية اليه من عينيك تحييه. العين الكحلاء التي فيها كحل طبيعي.
10) مقصد: قاتل، الذي يصيب مقتلا من الانسان.
11) غض: طري، ناعم. الضريبة: الطبيعة. غض الضريبة (الشاب!) . نكل عن الامر: جبن و رجع عنه.
12) الاريب: العاقل. اللقن: السريع الحفظ و الفهم. الحول: الواسع الحيلة السريع التقلب. -معنى البيت ان الشاعر مكث في الموصل مع انه لا شيء فيها يغري بالمكث لو لا وجود الممدوح فيها (راجع البيت التالي) .
13) الافل: التي تأفل (تغيب) لأن النجوم التي لا تغيب (في رأى العين) كانت عند القدماء أشرف من النجوم التي تغيب.
14) حيث لا موئل: لا موئل (مأمن) من سطواته و لا موئل (ملجأ عند غيره) للحصول على النعم.
15) الباهرات: الأمور الباهرة (العظيمة) في الكرم و الشجاعة الخ. أوحدك: جعلك واحد زمانك (لا نظير لك) . المربأ: المكان العالي يشرف الانسان منه على ما حوله (جدك القديم) .