الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
كلثوم بن عمرو العتّابي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج2، ص218-221
30-12-2015
12296
هو أبو عمرو، و قيل أبو عليّ (البيان و التبيين 1:221) ، كلثوم ابن عمرو بن أيوب العتّابيّ التغلبي، من نسل عمرو بن كلثوم الشاعر الجاهلي، أصله من الشام من أرض قنّسرين، و مسكنه في رأس العين من جزيرة ابن عمر.
ولد العتّابي نحو سنة 135 ه(752 م) ، و لكن لم تعرف له نباهة قبل أيام الرشيد، فانقطع إلى يحيى بن خالد البرمكي ثم إلى ابنه جعفر. و يبدو أن نكبة البرامكة كانت نكبة عليه أيضا، فقد غضب عليه الرشيد لصلته الأولى بهم فهرب إلى اليمن. ثم ان الرشيد رضي عنه.
و تولى العتّابي الكتابة في الديوان، و يبدو أنه كان يعرف اللغة الفارسية.
و نال العتّابيّ حظوة عند طاهر بن الحسين لما تولّى طاهر الموصل و الجزيرة (198-202 ه) ، ثم لمّا تولّى خراسان (205-207 ه) . و حظي أيضا عند عبد اللّه بن طاهر بن الحسين في أثناء ولايته على الشام (205-207 ه) و على خراسان منذ سنة 207 ه(822 م) ، كما حظي عند المأمون نفسه.
و كان العتّابي منذ أول أمره قليل العناية بملبسه و هيئته قليل الاحتفال بالناس و الاحترام للعامة، ثم تزهّد في آخر عمره فزاد تقشّفه و انصرافه عن الناس. و كانت وفاة العتّابي قبيل سنة 220 ه(835 م) و قد أسنّ، و قيل 208 ه.
خصائصه الفنّيّة:
كلثوم بن عمرو العتّابي أديب مصنّف له كتاب المنطق، و كتاب الآداب، و كتاب فنون الحكم، و كتاب الألفاظ، و كتاب الخيل و غيرها. و كان يعمل الأسمار و الخرافات على لسان الحيوان و غيره. ثم هو خطيب مترسّل و شاعر، قال الجاحظ (البيان و التبيين 1:51) : «و من الخطباء الشعراء، ممن كان يجمع الخطابة و الشعر الجيد و الرسائل الفاخرة، كلثوم بن عمرو العتّابي، و على ألفاظه و حذوه و مثاله في البديع يقول جميع من يتكلّف مثل ذلك كمنصور النمريّ و مسلم بن الوليد الأنصاريّ و أشباههما. و كان العتّابي يحتذي حذو بشّار في البديع» .
و العتّابي شاعر مقلّ مطبوع متصرف في فنون الشعر ينقّح شعره و يتخيّر الألفاظ الجزلة و الصور البلاغية الجميلة مع الإتيان بالبديع (راجع العمدة 1:140) من غير إغراب و لا تكلّف. «و أشعاره كلها عيون ليس فيها بيت ساقط» (طبقات ابن المعتز 264) : و يدور شعره الباقي لنا على المدح و الهجاء و النسيب و الحكمة، و أكثره الحكمة.
المختار من نثره و شعره:
-الشيب تاريخ الكتاب (آخر الكتاب: نهاية العمر) .
-البلاغة إظهار ما غمض من الحق، و تصوير الباطل في صورة الحق.
-دخل العتّابي على المأمون، فقال له المأمون: يا كلثوم، بلغتني وفاتك فساءتني ثم بلغتني وفادتك فسرّتني. فقال العتّابي:
يا أمير المؤمنين، لو قسمت هاتان الكلمتان على أهل الأرض لوسعتاهم فضلا و إنعاما. و قد خصصتني منهما بما لا تتّسع له أمنية و لا يبسط لسواه أمل؛ لأنه لا دين إلا بك، و لا دنيا إلا معك.
-كتب العتّابي إلى صديق له يشير إلى عسرة نزلت به:
أما بعد، أطال اللّه بقاءك و جعله يمتدّ إلى رضوانه و الجنة. فإنك كنت عندنا روضة من رياض الكرم تبتهج النفوس بها و تستريح القلوب اليها، و كنا نعفيها من النّجعة استتماما لزهرتها و شفقة على خضرتها و ادّخارا لثمرتها، حتى أصابتنا سنة كانت عندي قطعة من سني يوسف و اشتدّ علينا كلبها و غابت قطّتها و كذبتنا غيومها و أخلفتنا بروقها. و فقدنا صالح الإخوان فيها فانتجعتك، و أنا بانتجاعي إليك شديد الشفقة عليك، مع علمي بأنّك موضع الرائد، و أنك تغطّي عين الحاسد. و اللّه يعلم أني ما أعدّك إلاّ في حومة الأهل. . . . (راجع ديوان المعاني 1:154) .
-كان للعتّابي زوجة من بني باهلة، فلامته يوما و قالت: هذا منصور النمري (تلميذك) قد أخذ الأموال فحلّى نساءه و بنى داره و اشترى ضياعا، و أنت هنا كما ترى. ، فأنشأ يقول:
تلوم على ترك الغنى باهلية... زوى الفقر عنها كل طرف و تالد (1)
رأت حولها النسوان يرفلن في الكسا... مقلّدة أجيادها بالقلائد (2)
يسرّك أني نلت ما نال جعفر... من الملك، أو ما نال يحيى بن خالد
و أنّ أمير المؤمنين أغصّني... مغصّهما بالمرهفات البوارد (3)
ذريني تجئني ميتتي مطمئنّة... و لم أتجشّم هول تلك الموارد
فإنّ كريمات المعالي مشوبة... بمستودعات في بطون الأساود (4)
-أراد الرشيد أن يقتل العتّابي فما زال جعفر بن يحيى البرمكي يستعطف الرشيد عليه حتى عفا عنه الرشيد، فقال العتّابي يمدح جعفرا:
ما زلت في غمرات الموت مطّرحا... قد ضاق عني فسيح الارض من حيلي
و لم تزل دائبا تسعى بلطفك لي... حتى اختلست حياتي من يدي أجلي
__________________
1) أبعد عنها الفقر (حرمها) كل طرف (مال جديد) و تالد (مال قديم) .
2) الاجياد: الاعناق.
3) المرهفات: السيوف. البوارد: التي تبرد (بضم الراء) : تقطع في الحديد.
4) مشوب: مخلوط، ممزوج. الاساود جمع أسود: الحية العظيمة.