الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
القتّال الكلابي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص433-436
29-12-2015
5951
هو أبو المسيّب أو أبو شليل عبادة أو عبيد (1) بن مجيب بن أبي شليل المضرحي بن عامر بن الهصّان بن كعب من بني كلاب بن عامر؛ و اسم أمّه عمزة، و قد كانت أيضا من بني كلاب بن عامر. و لقّب أبو المسيّب بالقتّال لتمرّده على السّلطان (الدولة) و لفتكه بالناس، فلقد كان لصّا فاتكا كثير الجرائم.
أحبّ القتّال ابنة عمّ له هي العالية بنت عبيد اللّه، و لكنّ أهلها زوّجوها رجلا آخر، فجعل القتّال يشبّب بها فسجن من أجل ذلك، كما دخل السجن مرارا و هرب منه مرارا لجرائم من القتل في أحاديث طوال.
و كان القتّال الكلابي فارسا شجاعا و بدويا قحّا يألف القفر. و قد بلغ أشدّه في أيام معاوية بن أبي سفيان ثم عاش إلى أيام مروان بن الحكم و أدرك جريرا و الفرزدق؛ و لعلّه توفّي سنة 70 ه(690 م) .
كان للقتّال ديوان شعر فيه قصائد طوال و مقطّعات، و لكن الذي وصل الينا من شعره قليل. و شعره بدوي نقيّ الالفاظ متين التراكيب واضح المعاني، و فيه تعابير قرآنية. و هو يصوّر لنا في شعره المنازعات القبليّة و أوجه الفتك و الثأر و حياة اللصوصية في الخروج على السّلطان (الدولة) . أما فنونه فوجدانية أبرزها الحماسة (2) و الغزل، و في حماسته فخر بالنفس و بالقبيلة، و في غزله نفحة هادئة أقرب إلى أن تكون عذرية. و له أيضا مديح قليل لا جودة فيه ثم قليل من الحكمة و إشارات إلى الخمر و بعض الهجاء.
المختار من شعره:
- قال القتّال الكلابي يصوّر نفسه:
إذا همّ همّا لم ير الليل غمّة... عليه، و لم تصعب عليه المراكب (3)
قرى الهمّ إذ ضاف الزّماع فأصبحت... منازله تعتسّ فيها الثعالب (4)
جليد، كريم خيمه، و طباعه... على خير ما تبنى عليه الضرائب (5)
إذا جاع لم يفرح بأكلة ساعة...و لم يبتئس من فقدها و هو ساغب (6)
يرى أن بعد العسر يسرا، و لا يرى... إذا كان يسر أنه الدهر لازب (7)
- وقال يتغزّل:
إذا هبّت الارواح كان أحبّها... إليّ التي من نحو نجد هبوبها (8)
و اني ليدعوني إلى طاعة الهوى... كواعب أتراب مراض قلوبها (9)
كأنّ الشفاه الحوّ منهنّ حمّلت... ذرى برد ينهلّ عنها غروبها (10)
بهنّ من الادواء ما أنا عارف... و ما يعرف الأدواء إلاّ طبيبها
سمعت-و أصحابي بذي النخل-نازلا... و قد يشعف النفس الشعاع حبيبها (11)
دعاء بذي البردين من أم طارق... فيا عمرو، هل تبدو لنا فتجيبها (12)
و ما روضة بالحزن قفر مجودة... يمجّ الندى ريحانها و صبيبها (13)
بأطيب بعد النوم من أم طارق ... و لا طعم عنقود عقار زبيبها (14)
- و له في الغزل و الفخر:
لعمرك، إنني كأحبّ أرضا... بها خرقاء لو كانت تزار
كأنّ لثاتها علقت عليها... فروع السدر، عاطية، نوار (15)
أنا ابن المضرحيّ أبي شليل... و هل يخفى على الناس النهار
علينا سبره، و لكل فحل... على أولاده منه نجار (16)
- و للقتّال الكلابي في الفخر بالنسب من أبيه و أمه و بالحسب (الفعل الكريم و الخلق الحميد) (17):
أنا ابن الأكرمين بني قشير... و أخوالي الكرام بنو كلاب
نعرّض للطعان، إذا التقينا... وجوها لا تعرّض للسباب (18)
_______________________
1) الكامل:3؛ الأمالي 1:6.
2) راجع له قطعة في الحماسة و الفخر (الكامل 34؛ الأمالي 2:229) : أنا ابن أسماء أعمامي لها و أبي إذا ترامى بنو الاموان بالعار. الاموان (بكسر الهمزة) جمع أمة (الجارية المملوكة) . راجع الكامل 34. و في القاموس (4:300، السطر الأخير) ان «أموان» تكون بفتح الهمزة و كسرها و ضمها.
3) هم هما: قصد أمرا، أراد أن يعمل عملا. لم ير الليل غمة: لم تستول عليه حيرة و لم يمنعه من تنفيذ قصده مانع؛ راجع معلقة طرفة: لعمرك، ما أمري علي بغمة. المراكب: الأحوال: إذا كان السبيل إلى تحقيق غاياتي صعبا فأنا لا أبالي به بل أسير فيه إلى النهاية و أنجح.
4) إذا ضافة الهم: إذا نزل به الهم (الحاجة إلى العمل الصعب) ضيفا قرى (أطعم) ذلك الهم زماعا (عزما و جلادة في العمل) . منازله تعتس (تطوف) فيها الثعالب (كناية عن شدة عزيمته، إذ العادة في الضيافة أن يكثر الكريم من ذبح الغنم و الابل فكأن شدة عزيمته كتلك الذبائح الكثيرة تدعو برائحة دمائها الوحوش) .
5) الجليد: الصبور الذي لا يظهر عليه الجزع إذا نزلت به مصيبة. الخيم: الطبيعة. الضريبة: الطبيعة التي بنى عليها الانسان في الاصل.
6) ساغب: جائع.
7) لازب: ملازم، دائم. الدهر: طول الدهر، أي دائما.
8) الأرواح: الرياح.
9) الكاعب: الفتاة إذا برز ثدياها (في أول صباها) . الاتراب: المتقاربات في السن. مراض قلوبها: قلوبهن ضعاف تميل إلى الهوى بسهولة.
10) الحو (جمع حواء) : سمراء اللون. حملت ذرى برد: عليها (يظهر خلفها) أسنان بيض كالبرد الذي يسقط من السحاب الداكن (إشارة إلى الشفاه السمراء) . ينهل: ينهمر (يسقط بكثرة و سرعة) . الغروب جمع غرب: نقط ماء تسقط من الدلو و هو ينقل من البئر إلى الحوض (يريد أن يقول ان ريقها جار، لأن الفم إذا جف كانت له رائحة كريهة) .
11) يشعف أو يشغف: يغلب، يستولي؛ يشعف النفس الشعاع (المتفرقة الهموم، الضعيفة عن مقاومة الهوى) : يغشيها أو يملأها بالحب.
12) دعاء مفعول به من الفعل «سمعت» في البيت السابق. ذو البردين: اسم مكان في نجد. أم طارق: المحبوبة. عمرو: رفيق كان معه أو تجريد من نفسه يخاطبه. هل تبدو لنا فتجيبها (!)
13) الحزن: بلاد يربوع من بني تميم، و هي أرض طيبة المرعى. قفر: لا يرد اليها الناس و لذلك يظل ماؤها صافيا و نباتها وافرا. مجودة: يسقط عليها المطر بكثرة. . الندى: نقاط الماء التي تتكون في الليل (اثر سقوط الحرارة) على أوراق النبات و غيرها. الصبيب: المطر المنهمر: يمج نداها و صبيبها ريحانا (رائحة منعشة) .
14) عقار زبيبها: إذا تقادم عنبها و جف فأصبح زبيبا يصبح مسكرا و لو لم تعصر منه خمر.
15) اللثة: اللحم الذي تكون فيه الاسنان. -كأن على فمها شيئا من أغصان السدر (أي أصبحت لثاتها سمراء، و هذا من مظاهر الجمال في البادية) ، حينما كانت نوار (الظبية، كناية عن المرأة الجميلة) تعطو (ترفع عنقها لتتناول أوراق شجر السدر لترعاها و تأكلها) .
16) السبر: المظهر و الهيئة. الفحل: الذكر، الوالد. النجار الأصل الكريم.
17) الكامل 67.
18) إذا وقعت حرب فاننا نقبل عليها بوجوهنا راضين، تلك الوجوه التي نأبى لها أن تذم أو تلام (الحرب أهون علينا من احتمال العار) ؛ ... لا نعمل في سلوكنا أعمالا تعرضنا للمسبة.